الأقباط متحدون - تحت السيطرة
أخر تحديث ١١:٠٩ | السبت ١٨ يوليو ٢٠١٥ | ١١أبيب ١٧٣١ ش | العدد ٣٦٢٥السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

تحت السيطرة

رولا خرسا
رولا خرسا

أولا عيد سعيد على الجميع، أعاد الله سبحانه وتعالى رمضان علينا، ونحن إلى الله أقرب، ونفوسنا أكثر رضا وسعادة.. انتهى الشهر الكريم بصيامه وتراويحه وتهجده.. ومسلسلاته أيضاً.. شئنا أم أبينا.. فرمضان هو شهر المسلسلات، ولست هنا بصدد نقد أى عمل فنى عرض، ولكننى أمام فكرة تلح علىّ منذ شاهدت مسلسل «تحت السيطرة» وهى فكرة الإدمان..

وتعريف الإدمان هو اعتياد مرضى للإنسان على سلوك معين أو عقار معين أو مادة مخدرة بحيث يصبح تحت تأثيرها فى كل سلوكيات حياته اليومية، ولا يستطيع بل لا يتخيل أنه يستطيع الاستغناء عنها وبمجرد غياب مفعولها أو عدم القيام بالسلوك المعتاد تتأثر حالته النفسية والمزاجية بشكل ملحوظ، ويصبح همه وكل ما يشغله أن يتحصل عليها لتعود له سعادته الزائفة ولو كان ذلك على حساب أسرته وأقرب الناس إليه. وهناك نوعان من الإدمان:

أولا: الإدمان السلوكى: وهو الإدمان على عادة معينة تمثل هاجسا للإنسان لا يستطيع الاستغناء أو التقليل منها فبمجرد القيام بها يشعر بالراحة والسعادة بل ينتظر القيام بها حسب كل فترة زمنية تعود عليها، ومثالا على ذلك إدمان الإنترنت، إدمان الشراء والتسوق، إدمان الجنس، إدمان الرحلات.. وأنواع كثيرة أخرى.

والنوع الثانى هو الإدمان المادى: المعتمد على الكحول والمهدئات والمنومات وطبعا الأصعب هى المواد المخدرة.. والإدمان يعنى ببساطة التعود على أمر ما.. وبعيدا عن المخدرات التى تعتبر الكارثة الكبرى نجد أن كل واحد فينا قد مر بفترة إدمان لأمر ما.. وهناك من يعيش حالة إدمان مستمرة.. فهناك من يدمن العمل، وعادةً مدمنو أمر ما يكتبون بالإنجليزية ملحقين بـ holic.. فتجد أشخاصا workaholic يقضون حياتهم غير قادرين على الاستمتاع بأى من متع الحياة إلا العمل. هؤلاء يقضون حياتهم يسعون وراء أمر هم أنفسهم لا يستطيعون تحديده، يسيرون فى طريق لا يعرفون آخره، فمن يحب السلطة يرغب دوما فى سلطة أكبر، ومن يحب المال لا يكتفى أبدا بما لديه، ومن يحب النجاح يفكر دوما فى الخطوة الأعلى. تماما على طريقة المدمنين الذين كلما وصلوا إلى حالة ذهبوا يبحثون عن حالة أعلى.. طبعا مع الفارق أن المخدرات نهايتها إما الموت أو المرض الذى يؤدى إلى الموت أيضاً.. والتعود هو أساس المشكلة.. التعود فى العلاقات الإنسانية أقوى من الحب وإن اجتمع مع الحب كانت قوته مضاعفة فأنا أعلم أزواجا لم يتحملوا فراق زوجاتهم فماتوا بعدهن لعدم قدرتهم على مواصلة الحياة دون من يحبون.. التعود يشبه الألم الذى تحتاج فيه إلى ما تعودت عليه كى يقوم بدور المسكن.. مثل السجائر التى تعتبر للمدخن مرتبطة بتفاصيل حياتية كثيرة.. والسؤال هو: لماذا ندمن أى أمر؟؟ ببساطة لأننا جميعا نبحث عن السعادة والأمان. نبحث عنها فى الحب فمعظم المدمنين إما عانوا من إهمال والديهم أو من حب فاشل أو قهر ما ولو وجدوا احتواء وأمانا لما أدمنوا. يقول المتخصصون إن السبب الأول لإدمان المخدرات رفقاء السوء.. أشخاص كثيرون فى العالم اليوم أصبحوا يعيشون على مضادات الاكتئاب والأدوية المهدئة والمنومات لأنهم تعساء. حتى المدمنين تعساء.. كلنا نركض فى الحياة سعيا وراء سراب اسمه السعادة، ولكل منا شيطانه الذى يحاوره ويتسلى عليه.. القادر من يرضى ولكننا بشر والإنسان بطبيعته ضعيف.. وخلق الله داخلنا احتياجات تتحكم فينا كثيرا ونتحكم فيها أحيانا.. المشكلة أننا لا نواجه أنفسنا ولا نعترف بمشاكلنا وأنواع إدماننا. والحل؟؟ لست أدرى.. فالمؤكد أن النفس البشرية اكثر تعقيدا من قدراتنا على الفهم.. لذا ربما علينا دوما ترديد الدعاء الذى يقوله مدمنو المخدرات المتعافون: «اللهم امنحنى السكينة لأتقبل الأشياء التى لا أستطيع تغييرها، والشجاعة لتغيير الأشياء التى أستطيع تغييرها، والحكمة لمعرفة الفرق بينهما».. اللهم آمين.
نقلا عن المصري اليوم


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع