الأقباط متحدون - من توشكي إلي إثيوبيا
أخر تحديث ٢٠:٢٨ | الاثنين ٦ يوليو ٢٠١٥ | ٢٩بؤونه ١٧٣١ ش | العدد ٣٦١٣السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

من توشكي إلي إثيوبيا

 نادر نورالدين
نادر نورالدين

حقيقة لم أصدق ما ورد في مقال لوزير الري المصري نشر في احدي كبريات الصحف القومية بشأن الانتهاء من حفر 50 بئراً جوفية في توشكي بتكلفة 25 مليون جنيه أي نصف مليون جنيه للبئر فقط والذي عادة ما يروي 200 فدان علي الأكثر. بما يجعل التكلفة الاقتصادية لاستخراج المياه غير ذات جدوي اقتصادية وتتجاوز اسعار تحلية مياه البحر وكأن الاستصلاح يتم بأي سعر خاصة في ظل تشغيل هذه الآبار بالطاقة الشمسية والتي تكلف مستخدميها ضعف أسعار الطاقة التقليدية. حتي وان حاول الوزير القول بأنها لن تحمل الشبكة العامة للدولة ولكن هذا لا ينفي أنها طاقة مكلفة.

أما محاولة تخفيف التكاليف الفعلية لما انفق وأهدر في توشكي وقدرها وزير ري أسبق من عشر سنوات بنحو 12 ملياراً وليس ستة كما ورد في مقال وزير الري ولكن وزير صناعة قبل الثورة أقسم بأنها 40 ملياراً وأنا أصدقه بسبب تكاليف محطة الرفع العملاقة التي تضم 24 طلمبة في بحيرة ناصر ثم إنشاء 51 كيلو متراً لترعة حاملة للمياه فقط ولا تروي أي زمام ثم أربعة أفرع مبطنة يتراوح طولها بين 22كم في الفرع الأول إلي 57كم في الفرع الرابع وجميعها مبطنة بالأسمنت مع تكاليف تسوية ومبان ومحطات رفع اضافية لبعض الفروع وإنشاء شبكة كهربائية وشبكة طرق تغطي نصف مليون فدان توضح حقيقة الأمر.

هناك أيضا الحرارة الشديدة لتوشكي والتي تستمر 10 أشهر في السنة تبخر من الماء وتهدر ضعف ما يمكن الاستفادة منه ولذلك كانت مشروعات استصلاح الأراضي في الشمال والدلتا حيث الحرارة المعتدلة هي الناجحة أمثال النوبارية والصالحية وبدر ومديرية التحرير شمالا وجنوبا ووادي الملاك والصف والعياط مقابل صفر كبيرلأي مشروع استصلاح أراضي في الجنوب لأنه محدود السكان ومحدود الرقعة الزراعية بما يكلف الكثير في نقل المحصول للأماكن المكتظة بالسكان.

الأمر الأكثر استغراباً أن وزير الري والذي توزع وزارته منشورا علميا صحيحا علي جميع المزرعين لانتهاك سياسة الري الليلي في أشهر الصيف الحارة يقول أن إدارة آبار المياه الجوفية بالطاقة الشمسية في منطقة توشكي القائظة الحرارة سيضمن الري النهاري فقط وهو تصريح ضد أي علم ولا يعني سوي سرعة تبخير المياه وموت الزروع فورا والتي تحتاج الي التنفس في حرارة الشمس وليس إلي المياه فإذا بالوزير يوصي بالري النهاري ليوقف تنفس الجذور فتموت النباتات وتتبخر المياه مولدة بخارا درجة حرارته 100 درجة مئوية تؤدي إلي احتراق النباتات.

في ندوة نظمها أحد المراكز الاستراتيجية المصرية حول مستقبل علاقتنا مع اثيوبيا والسودان وباقي دول حوض النيل والدول الأفريقية. قال أحد الخبراء الأشقاء من دولة السودان أنه علي مصر أن تلتفت إلي تنميتها الداخلية وتحسين أحوال شعبها وأن تنسي إثيوبيا والسودان وما يحدث فيهما. وأن من حق إثيوبيا والسودان أن تحققا التنمية التي تحتاجها شعوبهما قبل أن تنظر إلي صالح الآخرين!.. وبعدها أضاف رئيس الهيئة المصرية العامة للاستعلامات أن مصر قدمت لإثيوبيا منحة علمية تشمل تعليم 100 طالب إثيوبي سنويا في إحدي الجامعات المصرية الأوروبية وهو أمر لا يتوفر للكثيرين من طلاب الشعب المصري!! وكان لابد لي من التدخل وبحزم في الأمرين. فقلت صراحة للشقيق السوداني كيف نخطط لتنميتنا الداخلية ونحن لا نعلم الحصة من المياه والتي ينبغي أن نبني خططنا التنموية عليها؟ هل ستظل عند مستواها الحالي 5.55 مليار أم ستقل وبأي قدر ستقل؟! وكيف نخطط لبناء مصانع ومساكن للأجيال القادمة وإلي زيادة الرقعة الزراعية لتتناسب مع زيادة الطلب علي الغذاء واثيوبيا متربصة بمصر وبحصتها المائية وتنوي بناء سلسلة من السدود علي النيل الأزرق شريان حياة المصريين دون مراعاة حقوق الشعب المصري وتتصرف وكأنه نهرا اثيوبيا خالصا وليس نهرا دوليا مشتركا ولا تريد التوقيع علي إتفاقية جديدة ملزمة بحصص محددة من المياه لمصر والسودان؟! مصر تقدم ببذخ وسخاء للاثيوبيين في استثمارات مصرية وتشجيع الاستثمارات العربية في اثيوبيا والإثيوبيون يطالبون بالمزيد دون أن يعطوا شيئا أو يلتزموا بشيء تجاه مصر ولا يوفرون لحد الأدني من حسن الجوار في تحديد حصص للمياه نستطيع أن نخطط من خلالها للمستقبل بل وترفع شعار السيادة المطلقة علي جميع الموارد بما فيها الموارد المائية المشتركة والتي تكون عليها السيادة مشتركة لشركاء النهر الدولي! ويزيد الأمر في تأليبها لدول منابع النيل الأبيض والسودان ضد مصر؟!

ثم نظرت الي الصديق السفير رئيس الهيئة العامة للاستعلامات متسائلا : هل يمكنكم تحديد هوية اثيوبيا بالنسبة للمصريين وهل هي عدو أم صديق؟! هل سلاسل السدود الاثيوبية علي جميع فروع وروافد النيل تمثل عملاً سيادياً أم عملاً عدواني؟! فإذا كانت اثيوبيا تمثل عدوا حاليا ومتربصا بمصر المستقبل فلماذا نقويها ونعلم طلابها في أرقي الجامعات المصرية المستعصية علي المصريين أنفسهم قبل أن تلتزم اثيوبيا بحصة محددة لنا من مياه النهر الدولي وليس الاثيوبي؟! هل هناك أحد يقوي ويدعم عدوه؟! وهل أتت هذه البوادر الطيبة بثمارها تجاه أي تصرف إيجابي من اثيوبيا طوال السنوات الأربع الماضية؟! وهل من الأفضل أن تتفرغ هيئة الاستعلامات للاعلام الخارجي فقط لتحسين صورة مصر في الخارج والذي استطاعت دولة فقيرة مثل اثيوبيا التفوق فيه علينا؟!

هل من حقنا أن نخطط للمستقبل؟ وهل من حقنا أن نميز بين العدو والصديق؟!

نقلا عن الجمهورية


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع