الأقباط متحدون - ليسوا صحفيين وليسوا مصريين ؟!
أخر تحديث ١٧:٠٤ | الأحد ٥ يوليو ٢٠١٥ | ٢٨بؤونه ١٧٣١ ش | العدد ٣٦١٢السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

ليسوا "صحفيين" وليسوا "مصريين" ؟!

وليد الغمرى
وليد الغمرى

"المشهد الأول".. رن جرس الهاتف..كان على الجانب الأخر زميلي الصحفي الكبير.. اترك ما فى يدك فورا واحضر إلى مكتبي "بالأهرام" بعد اقل من نصف ساعة..كنت أمامه وأتسائل ماذا حدث: أمام شاشة جهاز الكمبيوتر قال لى انظر الى هذا الاسم فى القائمة البريدية، "اسم يهودي".. سألته.. من هو.. قال: هذه مادة البحث عنه بالاسم والميل...هو خبير شؤون الجماعات الإسلامية فى جهاز الموساد الاسرائيلى، ومسئول الملف فى نفس الجهاز فى الشرق الأوسط - نعم هو- ذلك الشخص الذى ذكر اسمه فى قائمة بريدية مرسلة من السيد رئيس تحرير الموقع الجديد، الذى تم اختياري للعمل به كمدير تحرير بمرتب مغرى جدا.. كان الميل المرسل لجميع العاملين بالموقع ومنهم زميلي "الاهرامى" يضم اسم خبير الموساد الشهير.. هو عبارة عن مقال للدكتور خالد منتصر فى صحيفة المصري اليوم، يتحدث عن موقعنا الذى لم يرى النور بعد، ويصفه بأنه أشرس واهم موقع اخبارى، يستعد للانطلاق فى الشرق الأوسط !!...

هذه الواقعة "السر" والتى اكشفها للمرة الاولى، كانت نهاية علاقتنا بالسيد رئيس التحرير، وانسحابنا من العمل دون إبداء اى أسباب... وتركنا غيرنا ينعم بالمرتبات المجزية.. التى قيل لنا وقتها إنها من قبل تمويل عربي... وانتهت الحكاية التى لم يعرف بها احد قبل اليوم... وانتهى أيضا الموقع الذى تم طرد زميلي سليم عزوز منه، وذهب عزوز ليناضل فى معركة أخرى، على التراب القطري ويرتدى الثوب الاخوانى.. بعد ان قمت بإبلاغه بإنهاء خدمته التى لم تبدأ بالفعل، كنائب لرئيس التحرير، لأسباب قيل لى وقتها، إنها أسباب أمنية...

 انتهت الحكاية، ولكن بقيت عشرات الحكايات، التى عصفت بعقلي طوال سنوات ماضية، فى حواري الوسط الصحفي المرعبة...

"المشهد الثاني".. قبلها بعدة سنوات، كنت اعمل ضمن فريق صغير فى مؤسسة صحفية مغمورة، يرأس تحريرها احد أهم رؤساء التحرير فى مصر اليوم، واذكر انه ذات ليلة سوداء من ليالي "تقفيل العدد" جاء كعادته ليرى ماذا فعلنا فى العدد الجديد، وأمرني ان اكتب موضوع كبير على مساحة صفحة كاملة -2500 كلمة- تحت عنوان "تفاصيل اللقاءات السرية للسفير الاسرائيلى على كورنيش النيل مع صحفيين مصريين"، وسألته بمنتهى السذاجة الصحفية التى كنت احملها وقتها، وهل هناك صحفيين مصريين يجلسون مع سفير الكيان الصهيوني؟!، فأجابني بمنتهى السخرية"عايز الصفحة بسرعة" وحين وجد علامات الاندهاش على وجه الصحفي الصغير، أنهاها بابتسامة لم افهمها وقتها، قال لى بالحرف" اكتب عن 6 صحفيين يجلسون على الكورنيش وبالتحديد فى فندق سوفتيل المعادى، وعشان ترتاح انأ لسة جاى من هناك"...

يفصل بين المشهدين السابقين، ما يزيد عن 15 سنة، كانت كفيلة لان تخبرني، كيف يتم صناعة النخبة الصحفية فى مصر- باختصار شديد- كانت يتم صناعتها فى غرف جهاز مباحث امن الدولة، والشروط بسيطة جدا، لابد ان تكون إنسان متسخ أخلاقيا وقيميا، حتى يتم ترقيتك فى الوسط الصحفي... المطلوب صناعة نخبة ملوثة لكل منها ملفه الأسود، حتى يرضخ الجميع لقواعد "السمع والطاعة"...

نعم عرفت وقتها ان مبدأ السمع والطاعة لم يكن مبدأ اخوانى أصيل، بل هو مبدأ كل الأنظمة العفنة، فالفارق بين من يحكموننا باسم الرب وبين من يحكموننا باسم الوطن، هو لون وشكل ومضمون جنائزنا حين نقتل بلا ثمن بين الفريقين...

وقامت ثورة يناير، وجاءت جماعة السمع والطاعة باسم الرب، وكانت نفس النخبة الإعلامية العفنة والملوثة، جاهزة لحلف قسم الولاء، ولكن ليس فى مكاتب امن الدولة، بل هذه المرة فى مكتب إرشاد الإخوان المسلمين، وتم استخدامهم جميعا فى لعبة تزيف عقولنا، واعرفهم وتعرفونهم جميعا بالاسم...

ثم قامت أنبل واشرف ثورة فى تاريخ مصر فى 30 يونيه، وتولى أمرنا رجال احسبهم على خير، ولكنهم أيضا استعانوا بنفس النخبة العفنة، وكم أكلت قلبى نيران الغيرة على هذا البلد، وانا أشاهدهم يجلسون على طاولة الرئيس، بل أنهم هم أنفسهم من جلسوا على كل مائدة رئاسية، فالعبه واحدة، والمعطيات أيضا واحدة، فرغم دنسهم وعفنهم الذى أذكم الأنوف إلا أنى اشهد لهم بالذكاء الفطري، فى ممارسة دور النفاق العفن للسلطة..

وحين شاهدت الرئيس السيسى مرارا وتكرارا يكاد يصرخ فى الإعلام والإعلاميين، ويوجه نقدا ورسائل علنية وضمنية، كانت تنتابني بعض مشاعر الارتياح، ان الرجل مازال لم يرتدى عباءاتهم، التى قاموا بتفصيلها له..

الى أن جاء يوم 1 يوليو الماضي، والذي سيظل يوما خالدا فى تاريخ مصر، سواء أدركتم ما حدث فيه او لم تدركوا... الا أن ورقة التوت سقطت عن الجميع، باختصار لان دماء اخوتى وأبنائكم من أبناء الجيش، كانت اشرف وأنبل واطهر من ان تلوثها ملاين الدولارات، تلك التى اشترت -تقريبا- كل الإعلام المصري.. لتأتى عبارة المتحدث العسكري، إننا فى ذلك اليوم كنا نحارب "الإرهاب والإعلام"، أكثر وضوحا من شمس ذلك اليوم، لكي تكشف عورة إعلام نجس وخائن وعميل، طالما باع نفسه لمن يدفع أكثر، وطالما ان الرئيس لم يحدد بعد أسماء نخبته الإعلامية، فلازال هناك متسع من الوقت لان نجمع بضعة دولارات ملوثة من دماء جنود الجيش، لتتخم بها حسابات الإعلاميين فى البنوك...

من اجل كل ما سبق، ولأننا صرنا فى لحظة فارقة، أصبح الصمت فيها خيانة، والحياد خيانة، أحذركم ولاة أمورنا من كل هؤلاء، وأقولها بضمير مفعم بالغضب واليأس، ان ظلت هذه الإشكال العفنة تتحكم فى وعى الأمة المصرية وإعلامها، فترقبوا لبلادنا ما هو أسوأ وأضل سبيلا...

لقد بات من الحتمي ان تفتح ملفات القضية 250 امن دولة، والتى تحوى أسماء كل هؤلاء من تجار الأوطان والخونة، هؤلاء الذين يعرفون عن أنفسهم، أنهم ليسوا غير بضعة "صراصير" فى حظيرة الخيانة للدولة المصرية، وأطالبكم ولاة أمورنا، ان توضع كل حسابات الإعلاميين المصريين فى البنوك تحت سؤال الدولة المصرية.

 فإذا دخلت الأوطان الحروب، لا مجال للمهادنة مع احد، ولا مجال ان نخشى احد... فان لم نتقى الله فى أوطاننا ونفتح كل الملفات المسكون عنها فى هذا المشهد العبثي، فأبشركم بالهزيمة.. بضياع أرواح من ماتوا من اجل تراب هذا الوطن، من اجل حفنة من تجار الأوطان والكلمة التى ينقصها النبل والشرف، أقول لكم هذا والله والوطن من وراء القصد والسبيل..

نقلا عن روز اليوسف


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع