الأقباط متحدون - أنا صرصار.. وأنت أجدع ناس..!
أخر تحديث ٢٠:٠٧ | الأحد ٥ يوليو ٢٠١٥ | ٢٨بؤونه ١٧٣١ ش | العدد ٣٦١٢السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

أنا صرصار.. وأنت أجدع ناس..!

 مجدى الجلاد
مجدى الجلاد

أصابت بعضكم «الخضة» حين قرأ مقالى «أنا صرصار.. وأنت أيضاً».. والواقع أن تلك «الخضة» هى تعبير عن «جين» مصرى أصيل ورثناه عن أجدادنا: نحن نكره النظر إلى «المرآة».. وإذا نظرنا إليها، رأينا عيوب الآخرين، وليس عيوبنا.. والأكثر من ذلك أننا ورثنا قدرة مدهشة على العيش تحت الحد الأدنى من «الحياة»، دون الإحساس بوجود أى مشكلة.. لذا فحين نموت «دون ثمن»، لا شىء يحدث، ولا جفن يهتز.. واحد مات.. عشرة ماتوا.. ألف ماتوا.. إيه المشكلة، فالحياة ليست أفضل من الموت.. أو الموت يتساوى مع الحياة.. أو المرحوم عمره كده.. أو «مالوش لقمة مكتوبة فى الدنيا».. ادفنوه. ومصمصوا الشفايف.. وكأنه «صرصار ومات»..!

بعضكم غاضب.. والبعض الآخر مشى فى مظاهرة «المزايدة».. والبعض الآخر ظن أننى انقلبت على «ثوابتى».. ولكن الأغلبية فهمتنى «صح» واتفقت معى.. ودعونى أقف معكم أمام «المرآة» فى لحظة صدق.. وأقسم بالله العظيم أن حالنا لن ينصلح دون «صدق فى مواجهة الذات». وسيظل المصرى أرخص إنسان فى الدنيا، ما لم ننزع من داخلنا ذاك «الجين» الذى يجعلنا دائماً ننتظر من «الحاكم» العطايا والهبات.. حقوقنا هى ما يمنحنا «الزعيم».. وكرامتنا عزيزة، ولكن حتى «عتبات قصره»، فهو «واهب الحياة»، فكيف نغضب حين يأخذها، لذا فنحن لا نندهش عندما يقتلنا «الإهمال والتقصير والفساد»، ولا نطالب بمحاسبة أحد.. ربما لأن حياتنا بلا قيمة.. أو لأن «المهمل والمقصر والفاسد» جزء من السلطة، أو هو أحد رجال «الحاكم».. وسيادته لم يحاسبه.. بل هو لم يضع نظاماً يحاسبه.. إذن.. فما المشكلة منذ فجر التاريخ: الفرعون.. الزعيم.. نصف الإله.. أو هو الإله منحنا الحياة وأخذها..!

أنا الآن أتحدث عن نفسى.. لأننى مصرى ابن مصرى ومن بطن «مصرية».. ولدت بعقل أنعم الله علىّ به.. عقل يفكر.. يتمرد.. ينخز ضميرى فأصحو وأستفيق.. كنت وما زلت أحلم بأن أكون -وأنت أيضاً- إنساناً مثل أى إنسان فى العالم.. إنساناً له قيمة فى بلاده وخارجها.. يتعلم ويبتكر ويفكر.. وحين يموت فى الشارع أو فى البحر أو على «شريط القطار» أو فى «طرقات مستشفى» تنقلب الدنيا لأن حياته «غالية».. بلاش إنسان أمريكى أو أوروبى.. خلّيها ماليزى.. سنغافورى.. برازيلى.. أو حتى «بوركينى» نسبة إلى «بوركينا فاسو»..!

أنا أتحدث عن نفسى.. أنا «الصرصار».. أما أنت فأجدع ناس.. حياتك زى الفل.. حياتك أغلى من الدنيا كلها.. وحين تموت فى البحر أو الشارع أو المستشفى أو المدرسة سوف «نطبطب» على رأس وكتف عائلتك ونقول لهم «والله كان غالى» دى أعمار.. ربنا بيحبه علشان أخده عنده.. ده ميت فى أيام مفترجة.. أيام كريمة.. هو يا أختى مات بالإهمال أو الفساد أو الإرهاب آه.. بس والله شهيد.. إنتى مش عارفة إن اللى يموت زى النائب العام كده بتقصير وإهمال يبقى شهيد.. ومش عارفة إن الضابط اللى يموت لأن صاحبه وابن دُفعته هو اللى وَزّ عليه وأعطى القتلة خط سيره يبقى شهيد.. ومش عارفة إن الأطفال اللى ماتوا تحت أسوار وبوابات المدارس يبقوا شهدا.. ومش عارفة إن المئات والآلاف اللى بيموتوا فى مستشفيات الإهمال شهدا وولاد شهدا كمان.. يا ستى والله «اللى مات استريح..»..!

«اللى مات استريح»..!. عبارة تلخص القصة كلها.. هل تعرفون لماذا لا تتردد هذه العبارة سوى فى مصر؟!!!.. ببساطة شديدة، لأن حياتنا -فى مصر وحدها- بلا قيمة.. أو هى زيها زى الموت.. أو الموت أحياناً أو غالباً أجمل وأحلى وراحة من «العيشة الهباب».. نحن يا سادة لا نحيا وإنما نعيش.. وفارق كبير بين الحياة والعيشة.. لذا فقد غضب بعضكم حين عبرت فى مقالى عن رغبة دفينة بداخلى فى أن أكون «إنساناً حقيقياً» بتشبيه «الصرصار».. مع أن المفكر والفيلسوف والأديب الكبير توفيق الحكيم كتب «مصير صرصار» و«حمار الحكيم».. ومن قبله جسد الأديب العالمى «جورج أورويل» قصة وفلسفة البشرية كلها فى روايته الخالدة «مزرعة الحيوانات».. لذا فأنا لا أجزع ولا أتردد فى أن يكون التشبيه المجازى لحياتى وقيمتها بـ«الصرصار».. أما أنت فأحسن وأجدع ناس.. بس تعالى نتكلم بصراحة أكتر.. ولا تغمض عينيك ونحن نقف الآن -سوياً- أمام المرآة..!

أنا وأنت حياتنا غالية جداً.. والدليل أن الآلاف الذين ماتوا فى «عبّارة الموت» و«قطارات جهنم» و«مظاهرات وثورات الغضب» لم يأخذ فيهم شخص واحد «يوم حبس».. «ماتوا واستريحوا».. أنا وأنت حياتنا غالية جداً.. والدليل أن «الطب الشرعى» عندنا بيكتب تقرير الوفاة بـ«التفصيل»، عايز إيه يا باشا؟!.. مات بـ«اسفكسيا الخنق ولاّ الحرق ولّا الغرق ولاّ كان ماشى فى مظاهرة وجاتله زغطة.. ومات»؟!.!

.. أنا وأنت حياتنا غالية جداً.. رغم أننا عملنا ثورتين جامدتين لنعيش كراماً ونموت بـ«ثمن»، ومع ذلك، ورغم مرور ما يقرب من 5 سنوات على أول ثورة وفورة، كان رئيسنا يقف الأسبوع الماضى فى جنازة النائب العام مطالباً بـ«عدالة ناجزة».. لِمَ لا.. ونحن لم نصدر حكماً واحداً على من قتل.. ومن أفسد.. ومن تآمر.. ومن خطط..؟!

أنا وأنت حياتنا غالية جداً.. والدليل أن السلطة الانتقالية الحاكمة بعد ثورة يناير أفرجت عن القتلة والإرهابيين من السجون، ثم حضرتك انتخبت «محمد مرسى وإخوانه» ليطلقوا سراح البقية الباقية بل و«يستوردوا» التكفيريين من الخارج.. والنتيجة أن أبناءنا الأبطال من القوات المسلحة والشرطة يواجهون اليوم «جيشاً من الإرهابيين» الذين أخرجناهم من السجون!!.. أبناؤنا يموتون فى سيناء، ولم يفكر أحد فى محاسبة من أطلق علينا «جيش الإرهاب» من السجون والمعتقلات!!.. «مفيش مشكلة.. ماتوا واستريحوا»..!

أنا وأنت حياتنا غالية جداً.. والدليل أن الرئيس يعاتب القضاة على تباطؤ القضايا والمحاكمات.. فيرد عليه القضاة عبر شبكات التواصل الاجتماعى «لسنا المسئولين.. القوانين والتشريعات بيدك.. عدّلها ونحن نحكم».. دماء الشهداء وأرواحهم الزكية مرهونة بـ«تعديلات فى القوانين» لم تجد يداً واحدة فى الدولة لتعديلها على مدى عامين كاملين.. ثم نمصمص الشفايف ونقول «والله شهداء.. فى أيام مفترجة ومبروكة.. والله يا أختى ماتوا واستريحوا»..!

أنا وأنت حياتنا غالية جداً.. والدليل أن لدينا لجنة معظّمة مفخّمة منفوخة منفوشة عريضة «المنكبين» اسمها «لجنة الإصلاح التشريعى».. شكّلها رئيس الجمهورية منذ عام كامل ويزيد، وكلّفها بتعديل القوانين المهمة فى غضون شهر.. فات شهر وعشرة واللجنة «ميتة».. أو هى «ماتت واستريحت».. والأكثر من ذلك أننا دولة تواجه الإرهارب بمحاكم جنايات يعمل فيها القاضي ثلاثة أيام في الشهر ومحاكم نقض يعمل فيها القاضي يومين في الشهر، ثم نتحدث عن العدالة الناجزة.. أنت -يا باشا- فى دولة بلا دولة.. دولة لا ترى حياتك ذات قيمة.. لا حياة البواب ولا الفلاح ولا الجندى ولا الضابط ولا حتى النائب العام.. والدليل أننا جميعاً نسينا دماء النائب العام هشام بركات بعد اغتياله بساعات قليلة، وانصرفنا إلى متابعة المسلسلات حتى لايفوتنا مشهد أو حدث.. نحن فى دولة جالسة على مقاعدها حتى تتكلس العروق وتشيخ الدماغ.. ومهما لهث واجتهد رئيس الدولة، سوف تحاول «الدولة الفاشلة» سحبه للخلف..!

أنا وأنت حياتنا غالية جداً.. والدليل أن محاكمات القتلة والإرهابيين والفاسدين تحولت إلى عروض مسرحية «هزيلة».. لقطات وقفشات وضحكات ونكات!. قل لى بالله عليك، هل تشعر أن أحداً ممن مات أخذنا بعضاً من حقه؟!.. دولة فاشلة.. بلا ضمير.. بلا قلب.. بلا حمية.. بلا شهامة.. بلا قوانين ناجزة.. بلا عدالة.. بلا قصاص.. وبلا شفافية أيضاً.. انظر جيداً فى «المرآة» وستجد أن حياتنا جميعاً بلا قيمة.. وإلا لوجدنا دولة تأخذ حق «الشهيد» بالقانون والقضاء.. وبصراحة كده.. لا أشعر أن لدينا أحداً قادراً على تعديل قوانين عام 1937.. ولا أحد قادر على القصاص للشهداء والضحايا فى كل مكان.. «ماتوا واستريحوا»..!

ما زلت ثابتاً ومصرّاً على موقفى.. نحن فى نظر الدولة والحكومة ولجنة الإصلاح التشريعى «صراصير» نموت بلا قيمة ولا ثمن.. أما أنت -عزيزى الغاضب- فلست غاضباً منى.. وإنما من «المرآة» التى تقف أمامها الآن.. من الواقع الذى لم يتغير بعد ثورتين.. من قيمة المواطن المصرى التى لم ترتفع فى «بورصة الإنسان».. أنت ما زلت تتعلق بالأمل مثلى تماماً.. ولكن الأمل لا بد أن يرسمه واقع يحدث على الأرض.. فهل ننتظر أن تصبح حياتنا «أغلى» على أيدى «الوزير إبراهيم الهنيدى ولجنته».. أم من عبارات المواساة و«الطبطبة»..!!

هذا أنا.. وهذه قناعاتى.. لم أتغير.. ولم أنقلب.. وما زلت أرى أن «الإخوان» السبب الأول فى إفساد حياتنا فى مصر.. وما زلت أطالب بإعدام قياداتهم بـ«القانون الناجز والعادل».. أما من قال لى «مقالك ليس وقته».. أقول له بحُب وود شديد «أنا عمرى 51 سنة.. وطوال حياتى لم أكتب شيئاً ولم أفعل أمراً إلا وقيل لى فى كل مرة «هذا ليس وقته». عارفين المشكلة فين؟!.. فى أن كتير مننا عايشين زى الفل واللى يموت يموت.. وخليها ماشية ومش وقته.. لعلمكم هذا الكلام يقال ونسمعه منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر: مش وقته يا عيال.. ثم مش وقته يا ولاد.. ثم مش وقته يا شباب.. ثم مش وقته يا ناضجين يا كبار.. ثم مش وقته يا عاقلين.. ثم مش وقته يا شيوخ.. ثم روحوا موتوا.. واستريحوا.. وريّحونا..!

أنا صرصار.. ولن أقول لك هذه المرة: وأنت أيضاً.. فقط انظر إلى حياتك فى مصر منذ ولدت وانظر لمن ماتوا حولك.. وقل لى: هل تشعر أنك إنسان مثل الإنسان الماليزى؟!.. والأكثر من ذلك: هل نحن مسلمون مثل المسلمين فى ماليزيا.. والأكثر والأكثر: هل نحن دولة مثل دولة ماليزيا؟!.. عارف الأزمة فين: إن «الإخوان» روّجوا فى مصر للإسلام المتطرف والمتخلف.. بينما فى ماليزيا جسدوا الإسلام الحقيقى.! وأن الدولة فى مصر لم تهتم ببناء إنسان قادر على بناء المستقبل مثلما فعلت ماليزيا؟!.. والأخطر أننا قانعون سعداء بما نحن فيه.. بينما هم فى ماليزيا يحلمون ويعملون من أجل حياة أفضل وأفضل.

«ياسر الهجان»

المكتوب بعاليه إلى سادتى وأحبابى من القراء الكرام، سواء مَن اتفقوا أو اختلفوا معى أو حتى مَن هاجمونى..!

أما بعض زملاء المهنة فأقول لهم: أعرف دوافع بعضكم فى تجريحى.. فلكل واحد منكم قصة على باب مكتبى تستحق أن تُروى.. ولكننى أحاول دائماً أن أكتم غيظى وأن أتسامح مع من طلب منى شيئاً ولم يتحقق.. حتى من حاول أن «يلوي مقالى» ويحمله عكس مضمونه، أقول له « الحكومة لن تعطيك موقعاً صحفياً.. وارجع أمريكا»..! غير أننى لا بد أن أشير إلى «ياسر الهجان» الذى يحاول تزعم مجموعة «أرزقية» للهجوم علينا جميعاً.. ياسر هذا يعيش على إيهام الجميع بأنه «ابن جهاز سيادى كبير».. وأنه «يؤدى مهام خطيرة لحماية مصر.. تماماً مثل رأفت الهجان».. وله أقول: تهديدك لنا من أجل مكاسب شخصية ومصالح خاصة رفضنا تحقيقها لك لن يجدى حتى لو رأيناك على شاشة السينما في «تل أبيب مع نادية الجندى»..!

نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع