الأقباط متحدون - نِيَاحَةُ أَنْبَا بُولاَ أَوَّلِ السُّوَّاحِ
أخر تحديث ٢٣:٠٠ | السبت ٧ فبراير ٢٠١٥ | ٣٠ طوبه ١٧٣١ ش | العدد ٣٤٦٨ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

نِيَاحَةُ أَنْبَا بُولاَ أَوَّلِ السُّوَّاحِ

نِيَاحَةُ أَنْبَا بُولاَ أَوَّلِ السُّوَّاحِ
نِيَاحَةُ أَنْبَا بُولاَ أَوَّلِ السُّوَّاحِ

القمص أثناسيوس جورج
أنبا بولا أول المتوحدين في مصر عمومًا ، باعتباره قضى حياته كلها في الوحدة دون أن ينزل مرة واحدة إلى العالم ، وقد أخبر القديس أنطونيوس الكبير الشيء الكثير عن حياته ... كان غنيا لكنه اختلف مع أخيه علي ميراثه ، بعد موت أبيه فترك كل شئ ،بالهام الهي حيث اشده الملاك للذهاب الي البرية الشرقية في جبل يسمي نمرة ،بينما كان هو متعلمًا ويتقن الخط القبطي واليوناني ، لكنه داس علي عسل العالم تاركا الغنى والمال بإختياره ، مرتميا في حضن الله ، بعيدًا بعيدًا في سفح جبل العربة بالبحر الأحمر (دير الأنبا بولا الحالي) ، طائعًا مختارًا يعيش الوحدة مع الله، معتمدًا على شجرة نخيل في غذائه ، وفي صنع ملابسه من الليف.وهناك لم ير وجه انسان ،ساكنا مع الوحوش والطير ،في حاله انسان فردوس مقابل السقوط ،ليائتيه طعامه من عند الذي يدعم الغربان ويعول الكل ، وهو غير ملتفت الي شئ ولا بمتاسف علي شئ ،سالما من العيب واللاهواء التي ينصبها ابليس .

ظل في توحده المطلق متوحدًا عن العالم إلى سنة ٣٤١ م ، حتى أُعلن للأنبا أنطونيوس برؤيا إلهية ، فقام بزيارته وعرف منه سر حياته وتقواه ، وأذاعها للعالم كله.

ومن المعروف أن القديس چيروم ( ايرنيموس ) هو الذﻱ دوّن سيرته ، ذاكرًا أن الأنبا أنطونيوس فتش عليه في الجبال الموحشة المترامية حتى وجده طارقا بابه قائلاً له حبيبي بولا : أنت تعلم من أنا؟ ولماذا جئت و لما أتيت؟ وإنني لا أستحق النظر إليك كي أراك ، فاءذا كنت تستقبل الوحوش ولا تستقبل أﻱ إنسان ، لكني طلبت فوجدت وسأقرع حتى يفتح لي!! وبينما التقيا وتحدثا جاء الغراب ومعه خبزة كاملة بينما كان يأتي لمدة ٦٠ عامًا بنصف رغيف فقط ، لكن في حضور أنبا أنطونيوس ضاعف الله نصيب جندييه. وأخيرًا أحضر القديس أنطونيوس تونية البابا أثناسيوس الرسولي التي كان قد أهداها له ، ليدفن بها كي تكون من نصيب دفن وتكفين هذه الوديعة الغالية ، والتي لم يكد العالم أن يسمع عنها ، حتى تركته وانطلقت راحلة إلى المجد ، محمولة بالملائكة ، كمدينة على جبل ولم يكن العالم مستحقًا له.

واستطاع أنطونيوس العظيم أن يعكس شعاعها الأخير في اللحظة الأخيرة على العالم ، ذلك العالم الذﻱ ظل حتى اليوم يحلل أطياف هذه النفس الزاهده العابدة الساكنة الساجدة ، ليترجم ألوانها السمائية المبدعة وتأثير الإنجيل المباشر في سيرتها وكفافها وإحساساتها وطريقة معيشتها ، لا في حلة ليف وجسد نحيل ناسك ، لكن في حلة بهية لاتذبل منسوجة بالفضيلة ، وبصوت مسبح بلحن الانتظار للمواعيد المستمدة من الروح والرجاء الموضوع نحو الفرح الآتي ، يطعمه المسيح بخبز السماء ؛ ويكسيه برداء البر وحل العرس الابدي ، ويشده إليه ليسير بسيره على الجبال العالية من جبل التجربة للتجلي للجلجثة للزيتون ، في انجذاب المثيل إلى مثيله ، لتخبرنا هذه السير عن نموذج لمشاهد لم نراها وتخبرنا عن أمور لم نكن نعلمها عن هذا البار الذﻱ حسب عار المسيح غنىً أعظم من كل الخزائن لمن كان ينتظر المجازاة ، تائهًا في البرارﻱ والجبال وشقوق الأرض ، وهو مشهودًا له كمواطن سماوﻱ طلب الوطن الأفضل ومشتهيات الأبرار المكتوبة بمواعيد الله الصادقة غير الكاذبة؛ وبدلاً من الثياب الخشنة والجسد الهزيل الشاحب والجهالة وحياه القفروالتجرد الموحشة ؛ نال الشبع الذي افرغ نفسه كي يقتنيه وورث الجنات والفراديس والفرح الدائم ،الذي كان قد تدرب علي معيشته منذ ان عاش للرب .

السلام لك أيها الصديق أنبا بولا أول السواح ساكن البرارﻱ المرتفع بالفضائل... الذﻱ استحق أن ينال خبز السماء من يد الملاك كما إيليا النبي ، السلام لصديق الملائكة الذﻱ صار كالسمائيين ، اطلب من الرب عنا ليقبلنا ويصنع معنا رحمة كعظيم رحمته.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter