الأقباط متحدون - صورة سيلفي للوطن
أخر تحديث ١٩:٥٠ | الجمعة ٢٧ يونيو ٢٠١٤ | بؤونة ١٧٣٠ ش ٢٠ | العدد ٣٢٣٣ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

صورة "سيلفي" للوطن

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

بقلم : ماجد سمير
"سيلفي" لمن لايعرف كلمة انطلقت في صفحة التواصل الاجتماعي فيس بوك بشكل هيستيري  لوصف صورة صورها الشخص لنفسه والعجيب أن عدد غير قليل من مستخدمي "فيس بوك " نفذ الجريمة الكاملة وانتشرت صورا "سيلفي" للجميع تقريبا ..وتخيلوا كمية المآسي الناتجة عن القرار المتهور،  بدءا من "الأنف" الحاصل دائما على لقب أسوأ ما في الصورة السيلفي؛ خاصة مع مبدئي التصوير أمثالي تجدها بكل جسارة واقدام تزداد طولا وعرضا وبروزا كأنها تصر على امتلاك المقدمة حصريا دون اي شريك فضلا عن الفم والمنافسة الشرسة بين "شلاضيم" صاحب الصورة واسماعيل يس صاحب أكبر "بؤ" في السينما المصرية على ايهما اكثر سعة وضخامة.

وكبقية "أحرار فيس بوك " قررت يوما دون أي مقدمات تصوير نفسي سيلفي ودون أدني تفكير أو تدوير للأمر في عقلي الباطن أو الكامن  وضعت الصورة بروفايل على صفحتي الرئيسية بموقع التواصل الإجتماعي "فيس بوك" وبالطبع انهالت التعليقات اللاذعة والساخرة من تهوري غير المحسوب.
جاءت تعليقات الأصدقاء عبثية وهزيلة والغريب بل المثير للتعجب – الذي لا أعرف سببه - شبه اجماع التعليقات على أني خارج من الحمام لدرجة أن أحد الأصدقاء اختزل القصة في تعليق بسيط متعارف عليه لحالات الخروج من الحمام كاتبا "حمام الهنا"، وكتب آخر أكيد المية قطعت معلش المرحلة بتتطلب أننا نستحمل، وآخر أشد ظرفا يرى أن حل الـ dry clean  بسيط جدا وتنفيذه متاح لكن علي أن أسرع باللجوء لأي مغسلة قريبة من المنزل قبل انقطاع الكهرباء.

وتطرقت التعليقات إلى جانب آخر له بُعد سياسي لأن الصورة من وجهة نظرهم أوضحت ملامح حزن خفي ودفين في كياني فقال أحدهم "انت قلقان من موضوع التبرعات اللي عمله الرئيس السيسي ليه؟ هو انت حيلتك حاجة أصلا!" وتدخل آخر بتعليق في نفس السياق بما معناه قائلا: يابني خالك "سقراط" قال لا أستطيع السقوط فأنا في القاع ، والحقيقة كلنا قاعدين في القاع ..بالعربي على البلاط، وأكد ثالث على ضرورة عدم تبرعي بنصف أملاكي لمصر لأني – حسب وجهة نظره – لا أملك إلا الفقر والديون والمرض والكئابة والبلد مش ناقصة عندها منهم اللي يفيض للتصدير.

وجاء أعمق تعليق من أربعيني يبدو أنه عانى كثيرا سألني بلغة عربية سليمة هل مصر تشبهنا أم نحن نشبها؟..الهموم المنحوتة على وجوهنا تقرب ملامحنا من وطن عاش لسنوات وعقود وقرون مقهور تحت وطأة حكام اختزلوه في أحلامهم الشخصية وغرسوا بداخلنا شعورا أبديا انهم الوطن ذاته ونحن ما إلا رعية تدور في فلكهم لا نملك إلا التهليل لابداعهم المتدفق غير المنتهي.

نعم صورنا السيلفي ماهى إلا جزء من الوطن بعيوبه ومزاياه؛ بدمه ودموعه وابتساماته مهما حاولنا تجميها ستظهر الحقيقة عارية بدون رتوش رغما عنا، لأننا دون أن ندري نلتقط "صورة سيلفي للوطن".


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter