الأقباط متحدون - التحرش وإعلام «هتك الستر»
أخر تحديث ١٥:٢١ | السبت ١٤ يونيو ٢٠١٤ | بؤونة ١٧٣٠ ش ٧ | العدد ٣٢٢٠ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

التحرش وإعلام «هتك الستر»

مدحت بشاي
مدحت بشاي

«الستر» كلمة يرددها المصريون، وأول ما يطلبونه فى صلواتهم وابتهالاتهم من الله العلى العظيم حتى بتنا نتصورها كلمة لا يعرفها ولا يرتبط بها شعب سوانا، إلى حد تكرار مقولات وأمثال وحكم ودعوات مثل «عجزت عن تخيل العالم دون ستر الله لنا.. ماذا لو كان للذنوب (روائح)

.. تخرج منا على قدر معاصينا.. ماذا لو (كُتب) على جباهنا المعصية التى ارتكبناها.. ماذا لو وجد على (باب بيوتنا شرخاً) لما فعلناه.. ماذا لو (علم الناس) بما ستره الله علينا.. رباه أعجز عن تخيل ذلك.. الحمد لله... على نعمــة الستــر.. اللهم لا تنزع عنا سترك.. واسترنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك».. والمصرى يقول لك أمنية حياتى أموت مستور (غير مديون لأحد مثلاً).. وطلب الستر هو دعوة من لديهم ما يمكن أن نطلق عليه «الحياء الاجتماعى» الذى يعينهم فى مقاومة ما نعانيه الآن من انفلات سلوكى وقيمى.. فى الكتاب المقدس تلك الحكاية الشهيرة التى يشير فيها السيد المسيح إلى ضرورة ستر الآخر.. جاء فيها «.. وَعِنْدَ الْفَجْرِ عَادَ إِلَى الْهَيْكَلِ، فَاجْتَمَعَ حَوْلَهُ جُمْهُورُ الشَّعْبِ، فَجَلَسَ يُعَلِّمُهُم. وَأَحْضَرَ إِلَيْهِ مُعَلِّمُو الشَّرِيعَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ امْرَأَةً ضُبِطَتْ تَزْنِى، وَأَوْقَفُوهَا فِى الْوَسَط. وَقَالُوا لَهُ: يَا مُعَلِّمُ، هَذِهِ الْمَرْأَةُ ضُبِطَتْ وَهِيَ تَزْنِى. وَقَدْ أَوْصَانَا مُوسَى فِى شَرِيعَتِهِ بِإِعْدَامِ أَمْثَالِهَا رَجْماً بِالْحِجَارَةِ، فَمَا قَوْلُكَ أَنْت؟. سَأَلُوهُ ذَلِكَ لِكَيْ يُحْرِجُوهُ فَيَجِدُوا تُهْمَةً يُحَاكِمُونَهُ بِهَا. أَمَّا هُوَ فَانْحَنَى وَبَدَأَ يَكْتُبُ بِإِصْبَعِهِ عَلَى الأَرْضِ. وَلكِنَّهُمْ أَلَحُّوا عَلَيْهِ بِالسُّؤَالِ، فَاعْتَدَلَ وَقَالَ لَهُمْ: مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيئَةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَر. ثُمَّ انْحَنَى وَعَادَ يَكْتُبُ عَلَى الأَرْضِ. فَلَمَّا سَمِعُوا هَذَا الْكَلاَمَ انْسَحَبُوا جَمِيعاً وَاحِداً تِلْوَ الآخَرِ، ابْتِدَاءً مِنَ الشُّيُوخِ. وَبَقِيَ يَسُوعُ وَحْدَهُ، وَالْمَرْأَةُ وَاقِفَةٌ فِى مَكَانِهَا. فَاعْتَدَلَ وَقَالَ لَهَا: أَيْنَ هُمْ أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ؟ أَلَمْ يَحْكُمْ عَلَيْكِ أَحَدٌ مِنْهُمْ؟أَجَابَتْ: لاَ أحد يا سَيِّدُ. فَقَالَ لَهَا: وَأَنَا لاَ أَحْكُمُ عَلَيْكِ. اذْهَبِى وَلاَ تَعُودِى تُخْطِئِينَ» (يوحنا 8 الآية 2-11).

والله حليم ستار، والحديث الشريف يقول «من ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة»، فالمسلم منهى عن أن يفضح نفسه أو غيره أمام الغير، حفاظاً على علاقاته الإنسانية بين الناس وصورته أمامهم، خاصة أن الدين يقوم فى جوهره على منطق الجماعة مترابطة البناء، وأية نقيصة للفرد وسط مجتمعه تفصله عنهم، ويبقى كالنغمة النشاز، ولذا كانت حدوتة الستر من نشر الفضائح الشخصية وعدم امتدادها إلى الميديا وكل شوارع وحارات مصر (ولذلك ضحك الناس كما لم يضحكوا من قبل عندما تعمد بطل فيلم «الكيت كات» الجلوس بجوار ميكروفون «الشيخ القارئ» فى سرادق عزاء ليفضح أهل الحى بخبث!!).

ليه طيب بقينا شعب فضائحى بالشكل ده، بينما يخرج أهل التنظير والتحليل الاجتماعى على شاشات التلفاز ليؤكدوا أن الشعب المصرى شعب متدين بالفطرة، وكل يوم نكتشف أنه لا بالفطرة ولا بالعلام هوه متدين، زى حكاية إن شعبنا فُكاهى ويضحّك طوب الأرض، وهوه فى الواقع له تاريخ فى النكد من أول الاحتفال بالموت ببناء الأهرامات، ومروراً بشعراء الرثاء والبكاء والعويل، ووصولاً للمثل الشعبى «اللهم اجعله خير»، يقوله المصرى بعد الضحكة، وكأنه مستكتر على نفسه السعادة منتظراً النكد، كما أن المصرى اخترع مهنة «المعددة» التى تؤجر وينتظرونها فى المياتم لتساعد الستات اللى إحساسهن متبلد أو فرحانات فى المرحوم لاستدرار دموعهن!!

إن ما حدث لضحية ميدان التحرير اللى شباب الخيبة والبشاعة هتكوا عرضها وسترها وسيرتها، واللى صوروا بكل خسة وبشاعة المشهد، والإعلام الرذيل الصفيق اللى عرض الفيلم والصور على الشاشات وصفحات الجرائد، لابد أن يخضع جميعهم للمحاكمة.. يعنى إيه الناس بدل ماتدفع الأذى عن الضحية يصوروها بالموبايلات؟!!
اسألوا عن المخدرات والترامادول اللى بيساهم توفرها بشكل هائل فى وجود بشر فى الشوارع خارجين عن نطاق الوعى وممكن يعملوا أى جريمة مهما كانت بشاعتها، ومهما انضربوا للحصول على اعترافات منهم مش هيحسوا.. دولة أبناء الشوارع بتكبر وبتكبر وتتنوع الكوارث اللى بيعملوها يا رئيسنا المنتخب!!

وإذا كان مشهد زيارة الرئيس لضحية التحرير وتقديم ورود المشاطرة وكلمات الأسف والاعتذار قد طيب من مشاعر الغضب عند الناس و«المرأة» بشكل خاص لروعة رد فعل رئيس استشعر بسرعة أبعاد الحادث وجسامة تداعياته.. لقد رد على خيابات من قالوا «ها هى المرأة التى ساندت واستجابت بشكل هائل لدعوات السيسى للمشاركة الوطنية يتم انتهاك عرضها بينما هو على منصة تنصيبه رئيساً».. هل يتذكر القارئ، رد «مبارك» على الوزير فاروق حسنى فور حدوث حريق قصر ثقافة بنى سويف وسقوط عدد هائل من أهل الإبداع الكبار والشباب شهداء ومصابين، وحالة الغضب فى الشارع المصرى، قال له بعد رفض استقالته «يا فاروق ارمى ورا ضهرك»!!

تحية للرئيس الذى ذكر المواطن المصرى أن الدين والتدين ليس بممارسة الشعائر والعبادات، فالدين المعاملة.. نعم «الدين المعاملة»..
medhatbe@gmail.com

نقلا عن الوفد


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع