الأقباط متحدون - رفقا بمصر عالمنا فاروق الباز
أخر تحديث ١٠:٤١ | الخميس ١٣ مارس ٢٠١٤ | برمهات ١٧٣٠ ش ٤ | العدد ٣١٢٧ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

رفقا بمصر عالمنا فاروق الباز

فاروق الباز
فاروق الباز

دهشتى كانت بالغة حين طالعت تصريحات عالمنا القادم من الولايات المتحدة بشأن سد النهضة وحق إثيوبيا فى بناء ماتشاء من السدود دون مراجعة لملفات الأمن القومي، أو الحقائق العلمية، أو وضع مصر المعيشى والعجز الكبير فى مواردها المائية وفجوتها الغذائية

التى تزداد يوما بعد يوم. الحقائق العلمية عالمنا الكبير سأضعها أمامكم وأترككم لضميركم لتبنى المواقف القومية المصرية، وتفهم مواقف الآخرين أو تبنى مواقف الآخرين.

الحقيقة الأولى أن مصر تعيش على 5% فقط من مساحة أراضيها تاركة 95% من أراضيها تعانى من القحط والجفاف الدائمين ثم نُتهم من إثيوبيا بالعنصرية، وأننا نستولى على مياه النهر، رغم اعتراف تقرير مفوضية حوض النيل الذى صدر الشهر الماضى عن أحوال دول الحوض لعام 2012، وتقرير منظمة الأغذية والزراعة عام 2010 بأن الموارد الإثيوبية من تدفقات المياه الجارية للأنهار والبحيرات العذبة تبلغ 122 مليارا يتبقى منها 51 مليارا فى إثيوبيا لا يستخدم منها أكثر من 3% فقط، وأن ما يسقط على إثيوبيا من أمطار نحو 936 مليارا سنويا تكفيها وتجعلها تتربع على قمة الدول الإفريقية المصدرة للأغذية العضوية ثم تفيض إلى النهر بعد أن تكون شحنت مياهها الجوفية بحجم 7.5 مليار متر مكعب منها 5.5 مليار من المياه المتجددة مقابل ما تملكه مصر من مياه جوفية لاتزيد على 4 مليارات متر مكعب سنويا ليس بها أى نسبة متجددة ولا تعوض أبدا.

الحقيقة الثانية أن إثيوبيا لديها 11 حوضا للأنهار وأنهارها وروافدها تتراوح بين 17 إلى 19 سواء مستديمة أو موسمية مقابل نهر وحيد بلا روافد أو بحيرات عذبة فى مصر، وأن عدد سكان إثيوبيا طبقا لتقديرات 2012 هو 86.5 مليون نسمة مقابل 90 مليونا عدد سكان مصر، ولكن وطبقا لتقرير مفوضية حوض النيل المشار إليه يعيش 96% من سكان مصر على ضفاف نهرهم الوحيد بعدد 80.5 مليون نسمة، بينما يعيش 40 % فقط من سكان إثيوبيا فى حوض نهر النيل وروافده بعدد 34.9 مليون نسمة لأن الأغلبية من السكان تفضل المعيشة فوق المرتفعات حيث المناخ الأفضل والأمطار الغزيرة ومياهها النقية والزراعات العضوية، بالإضافة إلى السكان الذين يعيشون فى خيرات أحوض الأنهار الأخرى خارج حوض النيل مثل نهرى أشبيلية وجوبا المتجهين إلى الصومال أو نهر أومو المتجه إلى كينيا، فهل عالمنا الكبير يرى أن تتناسب حصة 35 مليون إثيوبى مع 81 مليون مصري، وهم يملكون بدلا من النهر تسعة عشر بخلاف البحيرات العذبة والأمطار النقية؟

تتحدث عن حق إثيوبيا فى إقامة السدود لتطوير شعبها ولو على حساب الشعوب التى تليها فى النهر وكأنك تعتقدأن لديها نهرا واحدا أو كأنكم لا تعلمون أن إثيوبيا لديها ثلاثة عشر سدا على أنهارها حتى الآن منها سد على نهر عطبرة أحد روافد النيل لم تعترض مصر عليه لأنه بسعة 9 مليارات متر مكعب، وأن هذا هو السد الرابع عشر وسيتلوه ثلاثة سدود أخرى إجبارية بسبب كميات الطمى الهائلة التى تجرى مع مياه النيل الأزرق، وسيختفى تحتها السد قبل مرور 50 سنة، وبالتالى لا بد أن تبنى السدود الثلاثة الأخرى بسعات 47، 40 ، 39 طبقا لما هو معلن على موقع وزارة الرى الإثيوبية وما أثارته فى مفاوضاتها مع المصريين بالضغط للموافقة على باقى سلاسل سدودها على النيل الأزرق لتختزن فى أراضيها 200 مليار متر مكعب من المياه لا تحتاج إلى مليار واحد منها ولكن تأخذ حجة توليد الكهرباء سببا لتخزين المياه معتمدة على المتأمركين والمتفرنجين الذين يؤيدونها بلا حسابات وبلا إطلاع على حقائق الأمور.

ثالثا هل يعلم عالمنا الجليل أن مصر لديها عجز مائى يتجاوز 20 مليار متر مكعب سنويا، وأنها البلد الوحيد فى حوض النهر الذى يعيد استخدام مياه الصرف الزراعى فى الرى مرة أخرى بمقدار 10 مليارات متر مكعب وأن الدولة تغمض عينيها معتمدة عن 4.3 مليار متر مكعب من مخلفات 120 مصنعا تصب فى النيل ومثلها من مياه الصرف الصحى عبر خمسة آلاف حوض حكومى لتجميع مياه الصرف الصحى فى الصعيد تصب فى النيل مباشرة، وأن قرى الريف والصعيد المصرى تلقى بكامل صرفها الصحى فى الترع والمصارف فنشربها مياها ملوثة ونزرع بها فنحصد طعاما ملوثا يمرض المصريين بكل أنواع الأورام السرطانية والفشل الكلوى والتليف الكبدي، فهل هناك دولة واحدة من دول منابع النهر أو إثيوبيا نافورة مياه إفريقيا تشرب مانشربه وتأكل مايمرضها مثلما يحدث فى مصر؟!

ساندناك عالمنا الفاضل حين طرحت مشروعك لمحور التنمية وطرحته فى كتاب والآن جاء دورك لمساندة وطنك ضد مخطط الهيمنة والسيطرة على شعب مصر بحجز 200 مليار متر مكعب من نهر لا تتجاوز تدفقاته 50 مليار متر مكعب سنويا فى بلد يعانى من تخمة مائية وموارد مائية غير مستغلة تتركها جميعا وتذهب إلى النهر اليتيم المتجه إلى مصر ليس لتوليد الكهرباء منه عبر سدود صغيرة بل لتأميمه لصالحها فقط! فهل نحن على خطأ حين ندافع عن حق شعبنا فى الحياة؟! نحن لها ياعالمنا الجليل لأننا نعيش فيها ونحمل همومها وندافع عن مصالحها وليس لنا بلد آخر.

الاهرام


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter