الأقباط متحدون - لقاء الأفكار قبل لقاء الأحبَّار
أخر تحديث ٠٥:٠٣ | الأحد ١٣ ديسمبر ٢٠١٥ | ٣ كيهك١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٧٥ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

لقاء الأفكار قبل لقاء الأحبَّار

كتب : مدحت بشاي
 medhatbeshay9@gmail.com
 
" حيث الحرية هناك الوطن " حكمة لاتينية قديمة لعلها كانت شعاراً رفعه التيار العلماني ( لما كان عندنا تيار علماني )  ،وهم يعدون لمؤتمرهم الثالث وعبر التفهم لقيم المواطنة كانت الدعوة مفتوحة لكل ممثلي الآراء والتوجهات المتباينة ، بل والمنتمين لأديان مختلفة في محاولة لبلورة تصور موضوعي وعملي يسهم في تأكيد ثقافة المواطنة باعتبارها المخرج الصحيح من مناخ الاحتقان الطائفي والعودة إلى زمن التآخي والتكامل من أجل وطن واحد لكل المصريين .
 
وتضمنت محاور الجلسات عدة عناوين هامة منها الإطار السياسي لتأصيل المواطنة في مصر ، والإطار الروحي الإسلامي لتأصيل المواطنة ، وكذلك الإطار المسيحي .. بالإضافة لدور السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ، وكذلك مؤسسات الإعلام والتعليم والثقافة في دعم أو تعويق سبل المواطنة .. إلى غير ذلك من الموضوعات الهامة التي أتصور أن المؤتمر ومن قام على تنظيمه كانوا يعدونها مقدمة وافتتاحية يليها تخصيص ورش عمل وندوات منفصلة لكل محور من محاور المؤتمر بعد أن لاقت مناقشات المؤتمر نجاحاً جعل الحضور يناشدون أعضاء التيار العلماني بتواصل الجهود نحو تأصيل ثقافة المواطنة وصولاً إلى تحقيق حلم مجتمع العدل والرفاهية . 
 
عن دور مؤسسات المجتمع المدنى فى دعم و تعويق المواطنة أشار د. مصطفى النبراوى المشرف العام على تقرير "المجتمع المدنى و التحول الديمقراطى فى العالم العربى" في كلمته للمؤتمر إلى أن المواطنة إطار يُفعل الثقافات المختلفة لأبناء الوطن الواحد ، وأن وطننا العربي يتمتع ، في معظم أقطاره بأقليات سواء كانت (عدداً أو تأثيراً أو الأثنين معاً ) تأخذ احياناً طابعاً عرقياً / إثنياً / دينياً / طائفياً / جنسوياً. وكان بالإمكان أن يكون هذا التنوع  مصدر ثراء للثقافة العربية و أن تبتهج الأقطار العربية به ، إلا أنه نتيحة لغياب الأدارة الرشيدة لهذا التنوع...  هُمشت  تلك الأقليات مما أحدث خللاً في العلاقة بينها وبين الأوطان التي تنتمي إليها. فمن المؤكد أن متانة النسيج الوطنى تتطلب أولا التسليم بمفهوم المواطنة ، مفهوم تتحقق فيه المساواة بين البشر، وينال فيه الفرد موقعه الإجتماعي ووظيفته على أساس كفاءته وقدراته ونزاهته. فالواقع يؤكد أن ثمة علاقة في المضمون بين مفهومي المواطن والمواطنة. حيث إننا لا يمكن أن تتحقق المواطنة ، بدون مواطن يشعر شعور حقيقى بحقوقه وواجباته في وطنه . فلا مواطنة بدون مواطن ، ولا مواطن إلا بمشاركة حقيقية في شؤون الوطن على مختلف مستوياتها. 
 
وأضاف د. النبراوي أن  المواطنة ليست مطلب أقليات و فقط..  إن مفهوم المواطنة لا يخص أو لا يتوجه فقط إلى الأقلية في مقابل الأكثرية ، بل هو إطار يستوعب الجميع، فهو يحافظ على حقوق الأقلية والأكثرية في نطاق مفهوم المواطنة الجامعة. فالمواطنة هى المساواة بين المواطنين بصرف النظر عن الصبغات الدينية أو المذهبية أو القبلية أو العرقية أو الجنسية. فكل مواطن له كامل الحقوق وعليه كل الواجبات.
 
وطرح د. النبراوي سؤالاً : هل تفعل مؤسسات المجتمع المدنى ثقافة المواطنة داخلها؟ ..سؤال يجب أن نمارس عند الأجابة عليه قدر كبير من النقد الذاتى و الموضوعية.... نعم ثقافة المواطنة داخل مؤسسات المجتمع المدنى عند حدها الأدنى .... لذلك لا تكتسب الدعوة المصدرة منها المصداقية الكافية. ..نحن فى حاجة الى جمعيات آهلية و مجتمع مدنى يعملان على الأنتقال السلمى الأمن للمجتمع نحو الديمقراطية... و هذا يتطلب أمور ثلاثة: الأول أن تزيل الدولة كل المعوقات التى تقف أمام هذا النشاط سواء أثناء الأنشاء أو خلال الممارسة , و الثانى أن تتحول الجمعيات الأهلية الى مؤسسات مجتمع مدنى حقيقى تُفعل ثقافته و فى مقدمتها المواطنة و تفعيل معيار الكفاءة. و الثالث أن لا يخلط المجتمع المدنى بصوره المختلفة سواء فى خطابه أو آلياته بين ما هو سياسى و ما هو مجتمعى مدنى فالخلط دائما يضر بالدائرتين.
 
وعن دور الثقافة في دعم وتعـويق المواطنة أشار المهندس اسحاق حنا أمين عام جمعية التنوير وعضو التيار العلماني ومهندس كل فعالياته ، أكد أن  الشعب المصري لديه ثقافة شعبية رائعة ممتده عبر تاريخه الطويل منذ عصر الفراعنة قبل خمسة آلاف سنة مرورا بالعصر القبطي والعصر الإسلامي وصولا للعصر الحديث ظل يتوارثها جيلا بعد جيل يضيف إليها ويحذف منها ويطورها حسبما يقتضي كل جديد في الحياة بل ويأتي هو بالجديد الذى يساير جديد العصر أو متطلبات الحياة وبذكاء طوع تراثه لمستجدات العصور دون أن يفقد جوهر هويته ، إلا أننا وللاسف نري تراجعا ملحوظا في الثقافة الشعبية المصرية منذ سبعينات القرن الماضي وحتى اليوم في 2008..عندما فتح باب السفر إلى دول عربية تتبنى فكرا مغايرا فكان هذا التراجع الذي يتمثل في فقدان الشعب المصرى لكثير من خصائص شخصيته الإيجابية كالتسامح والتآلف وحب الخير "إعمل الخير وارميه البحر " وحب العمل كقيمة في ذاته " الايد البطّالة نجسة " واحترام المراة  والتكافل الاجتماعي وحب الحياة ... وغيرها .
 
وفي إطارالسعى لاظهار التقوى الايمانية الظاهرية الكاذبة كاحد اوجه التميز الشخصى برر المصريون العائدون من تلك الدول ارتفاع مستوي معيشة تلك الدول إلي أنها دول إسلامية متدينه وان ما حصدوه منها من خير هو من الله الذى يعطى هؤلاء المؤمنين وإلا لماذا هذا الغنى والرفاهية ، فأخذوا ملامح هذا التدين الخارجي من ملابس وأزياء وسلوك ظاهري دون تقوي حقيقية ..
 
وأشار حنا إلى ظاهرة تدني النظرة للمراه .. فقال إن مصر التي كانت تجلّس المرأه ملكة وقاضية وحاكمه ، وكان العدل فيها يتمثل بإمراة هي " ماعت " و تخرج للعمل مع زوجها في نديه كاملة في الحقوق والواجبات والميراث أيضا ، لقد نقل المصريون الذين أغتربوا خارج الوطن في بلاد النفظ ثقافة مغايرة للتراث والتاريخ المصري العظيم سواء بالاحتكاك المباشر أو عن طريق الفضائيات أو دعاة التخلف  ،فتغيرت النظرة المعتدلة والمتوازنة  للمرأة ، واختزلت في نظرهم فى كونها فقط جسد للفراش .الامر الذى نحى بعقولنا واهتماماتنا نحو هواجس مرضية عطلت قدر كبير من القدرة الانتاجية والابداعية ..
 
     إنني أعتقد أن هذا الصدى الطيب لمؤتمر العلمانيين الثالث ،والذي تمثل في اهتمام إعلامي رائع لم يكن مصدره تواجد شيوخ وكهنة وأحبارعلى منصة المؤتمروتلاقيهم في مناخ حر ، بل في لقاء الأفكار الموضوعية الداعمة لقيم المواطنة عبر تفهم موضوعي لخطورة واقع التشابكات الطائفية والصراعات المذهبية التي باتت تتصاعد آثارها للأسف ..
 
  وددت بهذا المقال أن أذكر بدور التيار العلماني ، الذي خسرناه للأسف عبر ملابسات لا داعي للتعرض لها ... لعل شباب الكنيسة الذي خرج من اسوارها يكونون ائتلافاً بديلاً قادر على الاستمرار ..

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter