الأقباط متحدون - البطريرك الجديد‏..‏ آمال وتطلعات
أخر تحديث ١٣:٠٥ | الجمعة ٢ نوفمبر ٢٠١٢ | ٢٢ بابة ١٧٢٩ ش | العدد ٢٩٣٢ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

البطريرك الجديد‏..‏ آمال وتطلعات

أيام قليلة تفصل بيننا وبين تتويج البطريرك الجديد‏,‏ خليفة القديس مرقس الرسول الذي بشر مصر بالمسيحية في أواسط القرن الأول الميلادي,
والبطريرك الجديد هو البابا الـ118 من باباوات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية, الكنيسة المصرية العريقة التي يصل عمرها إلي نحو ألفي عام, شهدت خلالهما الكثير من الآباء البطاركة الأجلاء الذين خدموا الكنيسة وعشقوا الوطن مصر من كل قلوبهم, فكانوا مثالا للأمانة والصدق في خدمتهم ووطنيتهم. حتي أن بعض المؤرخين وصفوا الكنيسة القبطية خلال القرون الأولي من الميلاد, بأنها كانت رمزا للاستقلال ورمزا للحفاظ علي الشخصية المصرية في مقابل غياب الاستقلال السياسي الذي كان في أيدي المحتلين الرومان آنذاك.

في التاريخ الحديث والمعاصر شهد كثيرون لمكانة الكنيسة المصرية ووطنيتها, ومن ذلك مثلا أن الدكتور طه حسين, عميد الأدب العربي, لما وضع كتابه( مستقبل الثقافة في مصر) الصادر بالقاهرة سنة1938, فإنه خصص الفصل الحادي والخمسين منه عن الكنيسة وتعليم رجال الدين المسيحي, مثلما خصص فصلا آخر عن الأزهر الشريف, وهو يقول عن الكنيسة القبطية أنها مجد مصري قديم, ومقوم من مقومات الوطن المصري. فلابد من أن يكون مجدها الحديث ملائما لمجدها القديم. ويقول في موضع آخر كما أن الأزهر مصدر الثقافة للعالم الإسلامي فينبغي أن تصدر عنه لهذا العالم ثقافة تلائم حاجاته الحديثة, فالكنيسة القبطية مصدر الثقافة الدينية لأوطان أخري غير مصر. فيجب أن تصدر لهذه الأوطان ثقافة دينية تلائم حاجاتها الحديثة أيضا.

يأتي البطريرك الجديد بعد رحيل بطريرك قدير هو قداسة البابا شنودة الثالث(1971-2012) بقامته وقيمته ومكانته, في قلوب المسيحيين والمسلمين من أبناء مصر, فقد تربع علي كرسي مار مرقس الرسول لأكثر من أربعين عاما, كان فيها خادما أمينا للكنيسة والوطن علي السواء, اختلف معه البعض ولكن- في تقديري- أن أحدا لم يختلف علي أمانته في خدمة الكنيسة فضلا عن وطنيته. والواقع أن هناك مجموعة من الآمال والتطلعات التي نأمل أن يحققها البطريرك/ البابا الجديد, كما أن هناك مجموعة من التحديات تقع أيضا علي عاتقه, وعليه التعامل معها باهتمام. وفي محاولة أولية لتقديم وجهة نظر شخصية عما أتوقعه وأنتظره من البطريرك الجديد, فإنني أريد منه:

أولا: أن يسير علي خطي الآباء البطاركة الذين سبقوه في تأكيد الانتماء للكنيسة والوطن دون إغفال البعد البشري- الإنساني, باعتبارنا جميعا خليقة الله وصنعة يديه. وأن يكون بطريركا روحانيا يهتم بالصلاة والصوم والطقوس وغيرها من عبادات الكنيسة, في وقت نحتاج فيه إلي الإيمان الواعي والعقلاني, الذي يكون سببا في الاستنارة. ومن ثم يهتم بالخدمة والرعاية الروحية للمواطنين الأقباط داخل مصر وخارجها.

ثانيا: أن يكون قريبا من شعبه, يلتقي بهم دائما ويسمع لهم ولأناتهم ويأخذ رأيهم ويشاركهم الأمور المتعلقة بحاضر الكنيسة ومستقبلها, مهتما بالمصارحة والمصالحة بين أبناء الكنيسة. يتسم بالحكمة والتروي والتفكير العميق قبل اتخاذ القرارات. وأن يهتم بنشر الثقافة والتعليم والبحث العلمي في مجال الدراسات القبطية, وهنا ضرورة رسامة أسقف جديد للبحث العلمي والدراسات اللاهوتية والمعاهد الدينية خلفا للعالم الراحل الأنبا غريغوريوس الذي توفي عام2001 م. فضلا عن تفعيل وتنشيط أسقفية الخدمات العامة والتي تقوم بدور مهم في مجال التنمية الاجتماعية.

ثالثا: أن يهتم بالتواصل مع المجتمع من خلال الإعلام, المكتوب والمرئي والمسموع والإلكتروني, تأكيدا لحق الناس في المعرفة والإطلاع, فيعرف المسيحي بنفسه ويعرفه الآخرون. وأن يكون علي علاقة طيبة بشركاء الوطن من مختلف التيارات والاتجاهات, تأكيدا لمبدأ الوحدة الوطنية الذي ينبغي ألا نحيد عنه. وألا يقحم نفسه في السياسة فلا يعلن انتماءاته السياسية والأيديولوجية, مشجعا الأقباط علي المشاركة في كل المجالات المجتمعية. كما أن ثمة ملفات شائكة علي البطريرك الجديد التعامل معها منها مسألة الزواج الثاني, وهي مشكلة يعانيها المئات وربما الآلاف من المسيحيين. ومناقشة دور العلمانيين( المدنيين) في الكنيسة, وحقهم في طرح رؤاهم وأفكارهم علي آباء الكنيسة. والبحث في تغيير لائحة سنة1957 م الخاصة بانتخاب البطريرك. وغير ذلك من ملفات كثيرة مفتوحة تنتظر البابا الجديد, نأمل أن يتعامل معها بكل حكمة وتدبير بما يحقق مصلحة الكنيسة وخير الوطن.

نقلا عن الأهرام


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع