بقلم - هند مختار
أعتقد جميعنا ، إن لم يكن أغلبنا (رعلى رأي اللي قال) فاكرين هوجة الطفل عمر بائع البطاطا الذي مات في أحداث السفارة الأميريكية في زمن الإخوان ،وقتها امتلأت صفحات التواصل الاجتماعي بصور عمر ، وكيف انتهكت طفولته ،وكيف حرم من الحياة ،في حين أنه كان منتهكا وهو حي أكثر منه وهو ميت فبموته رقد بسلام بين يدي رب كريم ...
أقول هذا الكلام لأننا نعشق الحنية والرقة في العوالم الافتراضية نتاجر بآلام الآخرين ،فالإخواني سوف يقول أنظر ما تفعله حكومة الإنقلاب ، والأغلبية سوف تقول ماهذا الافتراء وحسبي الله ونعم الوكيل ،والبعض سوف يسرب صورا على يوتيوب مثلما حدث مع أطفال دار مكة المكرمة وسوف يقوم الصحافيين بتسويد الصفحات حزنا وعويلا ،على الطفولة المنتهكة،ويقوم الإعلاميون بالطنطنة ،حتى يهدأ الموضوع ،وينسى كما نسي الطفل عمر ...
أنا هنا سوف أحكي ماحدث يوم الأربعاء 3 سبتمبر مع أحد أصدقائي على مقهى في وسط البلد ،ولن أذكر أسماء و شخصيات منعا للاتجار أو السفسطة ..
أمس كنت أحضر طعام لي ولأحد الأصدقاء ،وحينما جئت وبعدما تناولنا طعامنا حكى لي التالي ،هناك طفلة صغيرة تبيع بعض الأشياء(لن أذكر نوع البضاعة حتى لايعرفها أحد) وقرر صديقي إعطائها مالا دون أن يأخذ منها شيئا رفضت الفتاة بشدة فهي على حد قولها لا تشحذ، ولا في حاجة لصدقة هي بائعة ،أصر صديقي وأقنعها أنهم على سبيل القرض ،وأنه يحتاج لعمل حسنات أم هل تريد أن تقف حائلا بينه وبين الله؟
على مضضٍ حسب روايته أخذت المال ،وانصرفت وبعد لحظات جاءت أختها الصغرى وقالت له أن أختها تريده ،وذهب لها وكانت مختبئة بجوار إحدى السيارات وسألته بخجل هل معك نقود ،وإذا كنت صديقي ممكن تسلفني ؟
قال لها بالطبع ،ولكن عايزة كام؟
قالت المبلغ كبير شوية (عشرين جنيه) إندهش صديقي جدا من ضآلة المبلغ ،واستدركت الفتاة أنها تسكن في إحد المناطق العششوائية وأن إيجار المكان 250 جنيها ولأنهم لم يستطيعو لم الإيجار حتى الآن اتفقوا على أن يعطهوه كل يوم خمسون جنيها وهي لم تجمع سوى ثلاثون جنيها فقط ،ولو تأخرت سوف يعنفها .
أختها الصغيرة قالت فجأة ده بيبهدلنا بيضربنا بالكرباج وكاويها إمبارح بالناغر،وصمم صديقي على أن يرى آثار الكي أعطاها المبلغ ،وقال لها أن يقوم بعمل محضر له في القسم رفضت تماما فحينما فعلت جارة لهم ذلك ،ألقى على وجهها ماء نار ..
بعدما أنهى صديقي روايته سألته عن والدها أجابني طفشان وأمها بلا قوة ولا حول ..
أخذتني الهمة واتصلت باحدى صديقاتي والتي على علاقة بمؤسسات المجتمع المدني وكانت تعمل قبل الثورة في المجلس القومي للمرأة،فقالت لي أن برنامج المرأة المعيلة قد توقف ،وميزانية المجلس تقلصت (بالبلدي كده افتقر ) وانها ممكن تجيبلي نمر بعض المؤسسات اللي ممكن تساعدهم ..
ليس عندي كلام آخر لأقوله بشكل ما أنا متأكده من الحكاية وهي ليست اشتغالة عيلة بتبيع في الشارع ،هل ننقذها وأسرتها ونقتص من هذا البطجي ،أم نترك هؤلاء الفتيات وأمهن ليصبحن عمر جديد نبكي عليهن على مواقع التواصل..