CET 00:00:00 - 28/01/2010

مساحة رأي

بقلم: مجدي جورج
شاهدت هذا الأسبوع تسجيل لحلقة من حلقات برنامج القاهرة اليوم الذي يقدمه الاعلامى اللامع عمرو أديب وكان جزء من موضوع الحلقة هو تداعيات مجزرة نجع حمادي وفيه تمت مناقشة زيارة السفيرة الأمريكية مارجريت سكوبى  لقداسة البابا شنودة للتعزية في شهدائنا ثم مناقشة موضوع الخطاب الذي أرسله بعض أعضاء الكونجرس الأمريكي إلى الرئيس مبارك طالبين منه التدخل واستخدام سلطاته لحماية الأقباط في مصر .

ورغم أن عمرو أديب وصاحبه المذيع الأخر قالا كلاما كثيرا يستحق الرد عليه إلا أن ما لفت نظري  فى كلامهما   هو ما قاله المذيع الأخر حول  زيارته لنجع حمادي  لتقديم واجب العزاء إلى الأنبا كيرلس وقال عن زيارته بالحرف ما يلي :
 " أنا فوجئت  بالأتوبيس يقف بنا أمام جامع فاستغربت وعندما نزلنا لندخل وجدنا أن حائط الجامع توجد خلفها المطرانية وان الأنبا كيرلس قاعد جوه في مكتبه بالمطرانية  يسمع الآذان طوال الوقت ..."

الرجل حكي عما شاهده بأم عينه محاولا أن يدلل على عدم وجود أي تفرقة بين المسلمين والمسيحيين بهذه العلامة وهى مجاورة المسجد للكنيسة وهذا المذيع في كلامه  لم يأتي  بشي  جديد من عنده بل هو قال ما تعلمه وما شب عليه منذ الصغر فهو وليد بيئته ووليد ثقافته . وبيئتنا وثقافتنا وإعلامنا ومسئولينا يتشدقون بهذه العبارة الفارغة كلما اشتدت الاعتداءات على الأقباط وكلما حاولوا أن يبينوا للعالم انه لا فرق بين المواطنين .
فطالما المسجد والكنيسة متجاوران إذاً فإنه من وجهة نظرهم لا يوجد تمييز بين الاقباط والمسلمين .  متناسين أن هذه العلامة لو فحصناها بعين مجردة وغير متحيزة لرأينا إنها دليل على الظلم والتمييز والاستفزاز الذى يعانى منه الأقباط في مصر.
وإذا كنا نريد أن تكون مذبحة نجع حمادي أخر الحوادث التي يتعرض لها الأقباط فتعالوا نتحاجج ونتناقش في كل الأمور دون خوف أو وجل من فتح أي ملف أو المس بأي تابوهات من التي اعتدنا أن نخاف من التحدث عنها .

 وإذا كنا نريد الإصلاح والتقدم لمصر فتعالوا بنا نتصارح قبل أن نتصالح.
 إذا كنا نريد الخير لمصر فتعالوا نسمى الأشياء بأسمائها.

ومجاورة المسجد للكنيسة إذا أردنا تسميتها تسمية صحيحة فهي تسمى تحرش واستفزاز كما سماها د.رفعت السعيد رئيس حزب التجمع وعضو مجلس الشورى في حديث قريب له تعليق على مذبحة نجع حمادي.

ويمكن ان نسميها ايضا انها  جزء من التراجيديا الحقيقية التى يعانيها الاقباط فى مصر  كما قال عنها الكاتب البريطاني الشهير روبرت فيسك في مقالة له بجريد الاندبندنت البريطانية ونقلتها عنه  جريدة اليوم السابع بتاريخ  26 يناير 2010  حيث قال الرجل " أن المشكلة التي يواجهها الأقباط في مصر هي صعوبة بناء الكنائس، فرغم أن عددهم حوالي 10% من عدد السكان الذين يبلغ تعدادهم 80 مليون نسمة إلا أنهم يواجهون صعوبات في بناء الكنائس إلا بالحصول على تصريح رسمي من السلطات المصرية بذلك.

وأضاف  قائلا: في حالة حدوث ذلك وسمح للمسيحيين ببناء كنيسة فتجد أنه تم بناء مسجد بجانبها.
طبعا لن أزيد  كثيرا على كلام روبرت فيسك  ولكنى أقول له : إن الحصول على تصريح رسمي لبناء كنيسة ربما أسهل في بعض الأحيان من الحصول على لبن العصفور.

 وإذا نجح الأقباط في الحصول على تصريح ببناء كنيسة في غفلة من الزمن بالوسائط أحيانًا، وبالتوسلات في أحيان أخرى، وبالإتاوات التي يسمونها تبرعات والتي تفرض فرضًا على الاقباط  في أغلب الأحيان،  فسرعان ما يصل الخبر إلى سكان المنطقة التي اختارها الأقباط لبناء كنيسة وسرعان ما تثور ثائرتهم ويحاولون بشتى الطرق تعطيل هذا البناء فإذا لم يستطيعوا بكل الطرق الشرعية وغير الشرعية إيقاف بناء الكنيسة لجاوا للحيلة المعروفة وهى بناء مسجد بالقرب من المكان المزمع بناء كنيسة فيه و هنا يتدخل الأمن ويوقف البناء لدواعي أمنية  كما حدث في كنيسة العياط التي أطلق عليها الكنيسة ذات الثمانية عشر مسجدا حيث انه كلما اختار الأقباط مكان لإقامة الكنيسة أسرع المسلمون ببناء مسجد بالجوار لتعطيل بناء الكنيسة وتكرر هذا الأمر ثمانية عشر مرة  وهذا الأمر لم يحدث في العياط فقط بل حدث في أماكن كثيرة أخرى.

وإذا نجح الأقباط في تخطى كل ماسبق وبنوا كنيسة  فانك ستفاجئ بين ليلة وضحاها ببناء مسجد بجوارها ا وفى مواجهتها أو بالقرب منها  ولابد من تعلية مئذنته أكثر من منارة الكنيسة كثير جدا لأنه لابد أن يكون المسلمون هم الأعلون.

أما بالنسبة للكنائس القديمة فحدث ولا حرج فاغلبها الآن محاط بمسجد أو أكثر  فبالإضافة إلى ماحكاه المذيع الهمام عن نجع حمادي وكيفية إخفاء مبنى المطرانية بحائط المسجد لدرجة تحس معها وأنت واقف أمامها انك امام باب مسجد . فان  مسجد النور بالعباسية والقريب من الكاتدرائية المرقسية  لم يكن له وجود قبل الثمانينات ولكن نظرا للغيرة من اجتماعات قداسة البابا فكر المتأسلمون في بناء مسجد قريب من الكاتدرائية ولم يجدوا قطعة ارض فضاء إلا حديقة عامة بميدان العباسية فقاموا ببناء المسجد في قلب الحديقة وجعلوا مئذنته أعلى من منارة الكاتدرائية وقد كتب د.فرج فوده منتقدا الاستيلاء على حديقة عامة وتحويلها إلى مسجد ولم يغفر له الإرهابيين هذا الأمر حتى غدروا به وقتلوه فيما بعد.

بل إن كثير من المساجد لم تعد تكتفي الان  بوضع ميكرفوناتها على بيوت المسيحيين وفى مواجهتهم تماما لكي تأخذ دورها وتكمل أسلمتهم وهدايتهم بعد ان قامت المدرسة والإعلام بالدور الأكبر فى ذلك بل اصبحت توجد  الآن مساجد كثيرة تتفنن في توجيه ميكرفوناتها إلى الكنائس بطريقة أصبح فيها المسيحي  لا يستطيع  أن يؤدى صلواته بحريته داخل كنيسته.

ياسادة بدل من أن نسوق على بعض الهبل والعبط  والشيطنة تعالوا نتكلم بصراحة وفكروا قليلا واسألوا أنفسكم :
هل رأيتم بأم أعينكم كنيسة واحدة جديدة بنيت بجوار مسجد قديم وقائم بالفعل أم أن العكس هو الذى يحدث دائما  ؟
 ولماذا دائما ما تتحججون بان الدواعي الأمنية تمنع بناء كنيسة بجوار مسجد أو حتى بالقرب منه ؟ ولماذا تسمح هذه الدواعي الأمنية نفسها  بعكس ذلك اى  ببناء مسجد بجوار كنيسة وفى بعض الأوقات ملاصق لها أو على ارض تملكها هذه الكنيسة ؟
ياسادة لقد مللنا من قصة أن مجاورة المسجد للكنيسة بوضعها الحالي دليل على التأخى والتعاضد بين المسلمين والمسيحيين  وأصبحت هذه العبارة  من الأكليشيهات الممجوجة  والمستفزة فكفاكم تضليل وخداع  لنا ولأنفسكم وللعالم .
 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٩ صوت عدد التعليقات: ١٢ تعليق