CET 00:00:00 - 14/03/2009

مساحة رأي

بقلم / د. فوزي هرمينا
ترجع شهرة مكتبة الإسكندرية القديمة لأنها أقدم مكتبة حكومية عامة في العالم القديم، كما ترجع شهرتها وعظمتها أيضاً أنها حوت على كتب وعلوم الحضارتين الفرعونية القبطية والحضارة الإغريقية اليونانية القديمة.. وبها حدث المزح العلمي والإلتقاء الثقافي الفكري بعلوم الشرق وعلوم الغرب.. فهي كانت نموذج للعولمة الثقافية القديمة..!!
حيث تلاقي وتكامل وحوار العلوم المعرفية القديمة وهو ما ننادي به الآن وهو حوار الحضارات.. ونتيجة العولمة الحضارية لمكتبة الإسكندرية القديمة أنتجت الحضارة (الهيلينسية) حيث تزاوجت الحضارة الفرعونية القبطية مع الحضارة الهيلينية.. وكذلك ترجع عظمة مكتبة الإسكندرية القديمة من عظمة القائمين عليها حيث تم فرض على كل عالم يدرس بها أن يضع نسخة فيها من مؤلفاته.. ولأنها كانت كذلك فهي معقل العلم ومعقل البرديات التي لا تقدر بثمن.
وتحرر علماء مكتبة الاسكندرية القديمة من عقدة السياسة والدين والعرق والجنس والتفرقة العنصرية... فالعلم فيها كان من أجل البشرية... فالعالم الزائر لها أو الدارس فيها لا يسأل إلا عن علمه ولا يسأل عن دينه او قوميته .. ومن هنا إكتسبت عظمتها وريادتها في ذلك الوقت..؟
بعد إحتلال العرب لمدينة الإسكندرية بقيادة الغازي عمرو بن العاص في 12 / 9 / 640 ميلادية وتدمير أسوار المدينة بالكامل ونهبها من كل مقتنياتها الثمينة لم يتبقي أمام الغزاة إلا مكتبة الإسكندرية.

تعّرف عمرو بن العاص على عالم لاهوت مسيحي طاعن في السن يدعى (يوحنا فيلوبونوس) تلميذ الفليسوف السكندري (آمونيوس) وهو معروف عند العرب في ذلك الوقت بإسم (يحيى النحوي).. وساهمت كتاباته إلى حد كبير في نقل الثقافة الإغريقية إلى العرب.
بعد مجادلات عميقة وقوية بين عمرو بن العاص ويوحنا فيلوبونوس عن عقيدة التثليث والتوحيد وألوهية السيد المسيح وصلبه وقيامته.. طلب يوحنا فيلوبونوس من عمرو بن العاص الحفاظ على مكتبة الاسكندرية وعلى الكتب الموجودة بداخلها لأهميتها العلمية والإنسانية والدينية والحضارية.. وهذه الكتب ليست ذات فائدة لعمرو بن العاص ورجاله المستعمرين.. حينئذ سأل عمرو بن العاص عن أصل هذه الكتب وفائدتها فشرح له يوحنا قصة مكتبة الإسكندرية منذ تأسيسها على يد بطليموس الثاني ولكن عمرو بن العاص رد عليه انه لا يمكن التصرف في مكتبة الإسكندرية إلا بعد أخذ مشورة عمر بن الخطاب.
وأرسل عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب يستشيره في أمر هذه المكتبة (مكتبة الإسكندرية).. وبعد عدة أيام أتي الرد من عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص ما معناه (وأما الكتب التي ذكرتها فإن كان فيها ما يوافق كتاب الله (القرآن) ففي كتاب الله عنه غني، وإن كان فيها ما يخالف كتاب الله فلا حاجة بنا إليها)...؟

وهكذا أمر عمرو بن العاص بتوزيع الكتب على حمامات الإسكندرية..!! لإستخدامها في إيقاد النيران التي تبقي على دفيء الحمامات...!!
ويذكر المؤرخ المسلم القفطي (من قفط مصر) في كتابه تراحم الحكماء أن إحراق تلك الكتب إستمر لما يقرب الستة أشهر....!!
وان الكتب الوحيدة التي نجت من الحرق هي بعض كتب أرسطو وبعض كتابات إقليدس الرياضي وبطليموس الجغرافية...!!
وراوية إحراق العرب لمكتبة الإسكندرية كما ذكرها القفطي مذكورة أيضاً في كتب المواعظ والإعتبار في ذكر الخطط والآثار لشيخ المؤرخين المصريين (تقي الدين المقريزي) والفهرس لإبن النديم وتاريخ التمدن الإسلامي لجورجي زيدان...؟
كما يؤيد إبن خلدون في كتابه (مقدمة إبن خلدون) رواية إحراق مكتبة الإسكندرية وذلك بالنظر لسلوك العرب في نفس العصر
ومن أمثلة ذلك السلوك إلقاء سعد بن أبي وقاص لكتب الفرس في الماء والنار...!! وذلك بناءاً على أمر عمر بن الخطاب الذي بعث لإبن أبي وقاص قائلاً (إن يكن ما فيها هدى فقد هدانا الله بأهدى منه وإن يكن ضلالاً فقد كفانا الله)...؟؟
مما سبق بالأدلة والبراهين... من أحرق مكتبة الإسكندرية القديمة..؟؟ 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت عدد التعليقات: ٢١ تعليق