البطريرك (118) المنتظر (2)

بقلم: د. ماجد عزت إسرائيل
الفئات التي يختار منها البطريرك
توالى على كرسي البابوية (117 بابا)، وقد تم اختيار البطريرك من فئات متعددة منها العلمانيين والرهبان ومطارنة الإيباراشيات والأساقفة العامين وهذا ما سوف نوضحه فيما يلي.
1 – العلمانيين (المدنيين):
يعرف العلماني في المفهوم الكنسي بأنه المشتغل بمهنة (حرفة) أو العامل في الدنيا، أي يعمل دنيوي (بين الناس) ومن هذه الأعمال على سبيل المثال  الطبيب والمهندس والمدرس والمحاسب والمحامي والتاجر والصانع أو الأرخن أو العين (صاحب الأملاك) الذي يعرف في وقتنا الحاضر بـ (رجل الأعمال).
ويذكر العلماني في القوانين الكنيسة مقابل رجل الدين أو صاحب الرتبة الكهنوتية المكرس لخدمة الله وغير مشتغل بأي مهام دنيوية، وقد يكون العلماني متزوجًا أو متبتلاً.
على أية حال البتولية لا يقصد بها دائمًا عدم الزواج، لأن أهم من البتولية الجسدية (أي عدم الزواج) البتولية الروحية وهي التي تعني ختان القلب بالروح أي التكريس للخدمة الدينية والرعاية الكنسية حتى وإن كان متزوجًا وله أولاد.
ومَن يطالع تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية يجد أن هنـاك علمانيين (مدنيين) متزوجين تم رسامتهم  باباوات (بطاركة) وصل عددهم نحو (24)، ومطارنة وأساقفة منذ دخول المسيحية مصر على يد" مار مرقس الرسول "البطريرك الأول في تاريخ الكنيسة القبطية" (56-68م).
ومن أمثال هؤلاء حنانيا "إنيانوس" البطريرك رقم (2) (68-83م ) والبابا "يسطس" البطريرك رقم (6) (118-129م) والبابا "أمانيوس" البطريرك رقم (7) (129-141م) والبابا "مرقيانيوس" البطريرك رقم (8) (141-152) والبابا "ألكسندورس الأول" البطريرك رقم (19) (312-328م ) والبابا "أثناسيوس الأول الرسولي" البطريرك رقم (20) (328-373م ) والبابا "تيموثاوس الأول" البطريرك رقم (22) (379-385م) وهؤلاء جميعهم من العلمانيين وعاصر بعضهم كبار الرهبان من أمثال الأنبا بولا ( 228-341م) والأنبا أنطونيوس (251-356م) والأنبا مكاريوس الكبير (300-390م ) والأنبا باخوميوس أب الشركة (290-348م) والأنبا بيشوي (320-417م) وغيرهم من كواكب البرية.
إذ كانوا جميعًا والكنيسة كلها حريصين على أن تظل الرهبة محتفظة بالغاية منها؛ وهي الوحدة والزهد والنسك والصلاة والتسبيح ،بعيدة عن المناصب والرتب الكهنوتية صغيرة كانت أو كبيرة.

على أية حال، سجل التاريخ الكنسي القبطي أسماء بطاركة وأساقفة ومطارنة كانوا قبل رسامتهم من بين  العاملين في دواوين الحكومة وفي مجال الزراعة والصناعة والتجارة وأراخنة (كبار ملاك الأراضي الزراعية) إذ لم يكن هناك ما يمنع العلماني من أن ينال رتبة الأسقفية أو البطريركية.
فكان من بين التجار البابا "أبرام بن زراعه السرياني  "البطريرك رقم (62) (975-975م)،أما البابا "غبريال الثاني بن ترك" البطريرك رقم (70) (1131-1145م) فكان من بين أعيان الأقباط (الأراخنة) ومن موظفي الديوان السلطاني.
وحتى بداية النصف من القرن العشرين كان يتم ترشيح بعض العلمانيين لمنـصب البطريركية والأسقفية، ومثال من تم ترشيحهم لمنصب البطريركية "الأستاذ وديع بشاي" صار فيما بعد الراهب القمص داود المقاري ومؤسس كنيسة السيدة العذراء بروض الفرج، بعد نياحة البابا "يؤانس" البطريرك رقم (119) (1928-1942م) كما تم ترشيح الدكتور "وهيب عطا جرجس" صار فيما بعد الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي عقب نياحة البابا "يوساب الثاني" البطريرك رقم (115) (1946+-1956م).

ومن تم ترشيحهم لمنصب الأسقفية الأرشيدياكون "حبيب جرجس" من تلاميذه البابا شنوده الحالي البطريرك (117) - مدير الكلية الإكليركية ليتولى مطران الجيزة والقليوبية ومركز قوسينا (فبراير 1949م ) ولكنه رفض ذلك المنصب وفضل البقاء في عمله السابق ذكره.
 نستخلص من ذلك ما يلي:
1- كان يتم اختيار البطاركة أو الأساقفة من بين العلمانيين (المدنيين).
2- اختيار البطريرك في بداية القرون الأولى الميلادية؛ كان من بين المتزوجين لأن الرهبنة لم تنشأ إلا في القرن الرابع الميلادي.
3-اختيار البطريرك كان يتم بطريقة ديمقراطية ووفق إرادة الشعب.
4-اختيار البطريرك كان لا يرتبط بممارسة مهنة محددة.
5-اختيار البطريرك كان من بين فئات متعددة.