CET 00:00:00 - 04/06/2009

مساحة رأي

بقلم: جاك عطالله
جلست أدعبس -كعادتى السيئة- هذا الأسبوع واحتست حوسة المبعوث الدولي يارنج الشهير، الحقيقة قرأت العشرات من التحليلات والتوقعات عن مضمون ومحتوى خطاب أوباما في جامعة القاهرة التي استعدت كعروس لاستقباله في محاولة لتمرير أجندة مباركية مزدوجة، تتضمن الموافقة الأمريكية الصريحة على تولي جمال مبارك القيادة الفعلية بمصر ليستقيل وهو مطمئن على أمواله وعلى أنه سيتمتع بتقاعد خمسة أو ستة نجوم مريح بدون هواجس الجلوس على بُرش بسجن أبوزعبل أو حسابه حساب الملكين من نظام معادي له، مما سيجعله يعيد بط بط ما لهطه وز وز خلال ثمانية وعشرين عامًا من اللهط المتواصل والغير محكوم بأي مورال ديني أو عقلي من أي نوع، وهذه أقصى كوابيسه في شيخوخته الحالية.

الملاحظة الأولية لي كانت أن الفهلوة المصرية تمكنت من العقل المصري، فقامت الحكومة المصرية بتنظيف جامعة القاهرة من الخارج وتلميع القبة ودهان ورصف الأرصفة وحظر تجول الطلبة والموظفين بها بعد استلام أمن الرئاسة المصرية للجامعة ومعه أمن الرئيس الأمريكي، وللأسف لم تقم بأي مجهود ولو رمزي لإصلاح حال التعليم الجامعي وتدهور حال الجامعة التي أصبحت تُخرّج إمعات وفقيان بعدما كانت تُخرّج زعماء سياسيين وعلماء، واستحقت بذلك وصف الإنجيل أنها قبور مبيضة من الخارج فقط ومن الداخل مملوءة نجاسة وعظام ميتة.

الملاحظة الثانية هي أن الحكومة المصرية اهتمت جدًا باختيار أوباما لها لإلقاء خطابه واعتبرتها شهادة أيزو، كما يقول الصديق نبيل شرف الدين رغم أن أوباما سيذهب للسعودية قبلها لمدة يومين وذهب بالفعل لتركيا ثلاثة أيام ووجوده بمصر لن يتعدى الثماني ساعات، وعلى النقيض من هذا الاهتمام الفائق تجيش الحكومة المصرية إعلامها النباح يوميًا لتسميم العلاقة بين الشعبين الأمريكي والمصري بكل الطرق الغير نظيفة والكذب وفنون الثلاث ورقات.
ورغم أن الحكومة تسب الأمريكيين وتلعنهم وتلصق بهم كل نقيصة، إلا أنه لا مانع أن تكون يد الحكومة بجيب المستهلك الأمريكي الغلبان تسرقه علنًا بمعونة سنوية تعدت منذ 1975 التسعين مليار دولار أمريكي، وهي كافية بنظري لإنشاء دولة من الصفر، ولكن للاسف يصل نصيب المواطن المصري الغلبان من المعونة جنيهات قليلة تتمثل في المساعدات العينية مثل بناء المدارس والصرف الصحي وتحسين لشبكة التليفونات وحتى هذه تمت في بلاعة القاهرة والأسكندرية لصالح أحياء الأغنياء ولم يستفد الغلبان شيئًا مباشرًا، أما النقد فعوضنا على الله لأنه اختفى من برة برة وهو ما يدافع عنه الرئيس بكل ما أوتي من قوة.

لقد تعددت التكهنات والتوقعات عن محتوى خطاب الرئيس أوباما من شديد التشاؤم إلى شديد التفاؤل، ولكني بعد الدعبسة وجدت قصيدة للشاعر أحمد مطر تلخص توقعاتي عن محتوى خطاب أوباما وما سيقوله للعالم العربي والإسلامي، سواء قاله سرًا في أذن الحكام أو قاله في العلن، ويبدو أن الشاعر أحمد مطر لديه خاصية التليباثى أو التخاطر أو التواصل عن بعد، ويبدو أنه قرأ افكار أوباما وخطابه الذي سيلقيه بجامعة القاهرة، وقد رد علينا بما سوف يقوله أوباما للعرب والمسلمين.

أما ما يقوله جاك عطالله للعرب والمسلمين فهو:
إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم،،
العرب لن يحتاجوا لأوباما عندما يتبنوا ما تبناه العالم قبلهم من ديموقراطية وعلمانية وحقوق إنسان، وهي بالمناسبة منجزات إنسانية عالمية تخص كل البشر, وكانت وصفة ناجعه لكل من استخدمها لتخليص نفسه من براثن الدكتاتورية الدينية والسياسية.
لا مخرج للعرب والمسلمين إلا بفصل الدين عن الدولة وإعلاء العقل وحقوق الإنسان ودفن أوهام وأفيون خير أمة.

وأترككم مع قصيدة أوباما أحمد مطر:
قَرْعُ طَناجِرِكُمْ في بابي أرهَقَني وَأطارَ صَوابي..
(افعَل هذا يا أوباما.. اترُك هذا يا أوباما أمطِرْنا بَرْداً وسَلاما يا أوباما. وَفِّرْ للِعُريانِ حِزاما! يا أوباما. خَصِّصْ للِطّاسَةِ حَمّاما! يا أوباما. فَصِّلْ للِنَملَةِ بيجاما! يا أوباما..)
قَرقَعَة تَعلِكُ أحلاماً وَتَقيء صَداها أوهَامَا
وَسُعارُ الضَّجّةِ مِن حَوْلي لا يَخبو حتّى يتنامى.
وَأنا رَجْلُ عِندي شُغْلٌ أكثَرُ مِن وَقتِ بَطالَتكُمْ أطوَلُ مِن حُكْمِ جَلالَتِكُمْ فَ
دَعوني أُنذركُمْ بَدءاً كَي أحظى بالعُذْر ختاما
لَستُ بِخادمِ مَن خَلَّفَكُمْ لأُسِاطَ قُعوداً وَقياما.
لَستُ أخاكُمْ حَتّى أُهْجى إن أنَا لَمْ أصِلِ الأرحاما.
لَستُ أباكُمْ حَتّى أُرجى لأكِونَ عَلَيْكُمْ قَوّاما.
وَعُروبَتُكُمْ لَمْ تَختَرْني وَأنا ما اختَرتُ الإسلاما!
فَ دَعوا غَيري يَتَبَنّاكُمْ أو ظَلُّوا أبَداً أيتاما!
أنَا أُمثولَةُ شَعْبٍ يأبى أن يَحكُمَهُ أحَدّ غَصبْا..
و نِظامٍ يَحتَرِمُ الشَّعبا.
وَأنا لَهُما لا غَيرِهِما سأُقَطِّرُ قَلبي أنغاما
حَتّى لَو نَزَلَتْ أنغامي فَوقَ مَسامِعِكُمْ.. ألغاما!
فامتَثِلوا.. نُظُماً وَشُعوباً وَاتَّخِذوا مَثَلي إلهاما.
أمّا إن شِئتُمْ أن تَبقوا في هذي الدُّنيا أنعاما تَتَسوَّلُ أمْنَاً وَطَعاما
فَأُصارِحُكُمْ.. أنّي رَجُلُ في كُلِّ مَحَطّاتِ حَياتي
لَمْ أُدخِلْ ضِمْنَ حِساباتي أن أرعى، يوماً، أغناما!

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت عدد التعليقات: ٥ تعليق