CET 09:38:59 - 16/08/2009

أخبار مصرية

الوفد - كتب: ‬ياسر شوري

 لا‮ ‬يمكن وصف ما‮ ‬يحدث بالحزام الأخضر بمدينة ‮٦ ‬أكتوبر إلا بالجريمة المنظمة فالوقائع التي‮ ‬كشفت‮ »‬الوفد‮« ‬جزءا منها بالأمس تؤكد أن جهاز مدينة ‮٦ ‬أكتوبر تواطأ مع كبار رجال الأعمال والمستثمرين لأراضي‮ ‬الحزام الأخضر وأبرم معهم اتفاقا علي‮ ‬السماح لهم بالحصول علي‮ ‬مياه الصرف الصحي‮ ‬من محطة الصرف بأكتوبر بشكل معلن بسعر‮ ‬25قرشا للمتر من المياه لري‮ ‬أراضيهم بالحزام الأخضر وتقديم المحاصيل للناس بعد ذلك في‮ ‬صورة خضراوات وفاكهة متشبعة بمياه الصرف الصحي‮ ‬والصناعي‮ ‬وإصابتهم بالأمراض‮.‬ ‮»‬الوفد‮« ‬خاضت رحلة لمدة ‮٤ ‬ساعات رصدت خلالها الجريمة داخل تلك المساحة الشاسعة من هذا حال المصريين في‮ ‬بلد النيل‮: تفاصيل أكبر جريمة لإصابة المصريين بالأمراضالأراضي‮ ‬والتي‮ ‬تبلغ‮ ‬مساحتها ‮٢٢ ‬ألف فدان‮ ‬يتم ريها بالكامل بمياه الصرف الصحي‮.‬

الرحلة بدأت بمحطة مياه الشرب والصرف الصحي‮ ‬بمدينة ‮٦ ‬أكتوبر الواقعة علي‮ ‬طريق الواحات وتحديدا خلف المنطقة الصناعية‮.‬ محطة المياه تبدو هادئة خالية من الموظفين وعلي‮ ‬بابها حارس أمن وحيد استوقف السيارة التي‮ ‬نستقلها وسألنا انتم مين؟ فقلنا نحن من وزارة الزراعة فأدخلنا علي‮ ‬الفور وطلب مكتب المهندس محمود سعيد لإبلاغه بوصولنا‮!!‬ في‮ ‬مكتب مدير المحطة حصلنا علي‮ ‬أول الخيط وهو أن المحطة بالفعل تقدم مياه الصرف للمستثمرين بمقابل‮.. ‬مدير المحطة رفض التصريح بأي‮ ‬شيء خاص بالموضوع وقال‮: ‬إن مسئوليته تقع علي‮ ‬كل ما هو داخل المحطة وليس خارجها‮.‬
تركته وتوجهت علي‮ ‬الفور الي‮ ‬بداية الحزام الأخضر من عند بوابة‮ »٦« ‬خلف محطة الصرف الصحي‮.. ‬تحايلنا علي‮ ‬الدخول كالعادة وبدأت رحلة الرصد التي‮ ‬كشفت لنا عن أهوال لا‮ ‬يصدقها عقل‮.‬ فالأراضي‮ ‬بالكامل التي‮ ‬تبدأ من بوابة‮ »٦« ‬وتنتهي‮ ‬عند البوابة المواجهة لمدينة الشيخ زايد‮ ‬يتم ريها عن طريق شبكة صرف صحي‮ ‬عملاقة تنقل مياه الصرف الخام مباشرة من محطة أكتوبر الي‮ ‬الأراضي‮ ‬الزراعية عن طريق مواسير ضخمة ومواتير سحب وخراطيم كبيرة،‮ ‬وبشكل مكثف طوال اليوم،‮ ‬

وليس هذا فقط،وإنما تجري‮ ‬عملية في‮ ‬منتهي‮ ‬الغرابة في‮ ‬هذه الأراضي‮ ‬المترامية الأطراف فكل عدة فدادين أنشئ لها حوض ضخم لتخزين مياه الصرف الصحي‮ ‬وترسيب المواد الثقيلة لاستخدامها كسماد في‮ ‬بدايات عملية الزرع،‮ ‬وتتنوع الخضراوات والفاكهة المروية بتلك المياه ما بين نخيل،‮ ‬وبطيخ،‮ ‬وطماطم،‮ ‬وسبانخ،‮ ‬وبسلة،‮ ‬وقلقاس وكوسة،‮ ‬وباذنجان،‮ ‬وجرجير،‮ ‬وهذه الخضراوات والفاكهة ترسل مباشرة الي‮ ‬أسواق مدينة ‮٦ ‬أكتوبر وبعضها تحمله سيارات النقل المنتشرة بالمكان الي‮ ‬سوق العبور‮.‬ وتعد محطة الصرف الصحي‮ ‬بأكتوبر واحدة من أكبر محطات الصرف لأنها تستقبل صرف جميع مساكن أكتوبر وجميع مصانعها،‮ ‬وإذا كان الصرف الصحي‮ ‬العادي‮ ‬حسب المتخصصين‮ ‬يسبب الفشل الكلوي‮ ‬وأمراض القولون فإن صرف المصانع بما‮ ‬يحتويه من معادن ثقيلة‮ ‬يسبب السرطان والعياذ بالله‮.‬ وقصة الحزام الأخضر حول مدينة ‮٦ ‬أكتوبر بدأت في‮ ‬عام‮ ‬1985‮ ‬علي‮ ‬يد المهندس حسب الله الكفراوي‮ ‬وزير الاسكان الاسبق عندما فكر في‮ ‬إنشاء حزام اخضر بعمق‮ ‬2‮ ‬كيلو حول مدينة‮ ‬6‮ ‬أكتوبر وزراعته بالأشجار الخشبية ليكون بمثابة مصدات للرياح وحماية المدينة من ظاهرة التصحر وخصص لذلك مساحة‮ ‬22‮ ‬الف فدان وفي‮ ‬عام‮ ‬2005‮ ‬حدث تحول‮ ‬غريب في‮ ‬تلك الأراضي‮ ‬فبعد خروج الكفراوي‮ ‬من الوزارة انتهي‮ ‬ما‮ ‬يسمي‮ ‬بالحزام الأخضر،‮ ‬وبيعت هذه الاراضي‮ ‬بالكامل لرجال الاعمال والمستثمرين وغيرهم بعد انشاء شركة تسمي‮ ‬شركة‮ ‬6‮ ‬أكتوبر الزراعية شارك فيها‮ ‬800‮ ‬مساهم التهموا جميع الاراضي،‮ ‬

وفي‮ ‬عام‮ ‬2005‮ ‬تولي‮ ‬رئاسة مجلس إدارة الشركة المهندس مجدي‮ ‬بركات الذي‮ ‬يمتلك ومعه أعضاء مجلس الإدارة‮ ‬4‮ ‬آلاف فدان وكان اول قرار له بعد ذلك هو تخريب شبكة المياه الحلوة واستبدالها بشبكة ري‮ ‬بمياه الصرف الصحي،‮ ‬وإبرم اتفاقا مع جهاز مدينة‮ ‬6‮ ‬أكتوبر‮ ‬يقضي‮ ‬بحصول الشركة علي‮ ‬مياه الصرف مقابل‮ ‬25‮ ‬قرشاً‮ ‬للمتر،‮ ‬وعندما سأل رئيس جهاز أكتوبر في‮ ‬ذلك الوقت كيف تسمح بذلك ؟ قال أُمال أودي‮ ‬مياه الصرف فين‮ !!‬ والغريب ان الدكتور‮ ‬يوسف والي‮ ‬وزير الزراعة الاسبق علم بالامر وقال للمستثمرين ممنوع زراعة اي‮ ‬خضروات أو اشجار مثمرة بمياه الصرف الصحي،‮ ‬ولكنة لم‮ ‬يصدر قراراً‮ ‬محدداً‮ ‬فاستمر الوضع كما هو حتي‮ ‬هذه الايام‮.‬ والاغرب ان المنطقة تحتوي‮ ‬علي‮ ‬محطة للمياه العكرة الصالحة للزراعة ولم‮ ‬يتم استخدامها بسبب وصول سعر المياه بها الي‮ »‬4‮« ‬جنيهات والارخص هو استخدام مياه الصرف الصحي‮.‬

وتبدو قصة الحزام الأخضر والصرف الصحي‮ ‬أغرب من الخيال فقد تسبب استخدام تلك المياه الرخيصة التي‮ ‬تأتي‮ ‬بإنتاجية عالية الي‮ ‬ارتفاع أسعار الأراضي‮ ‬بالحزام الأخضر بشكل مخيف فقد حصل هؤلاء المستثمرون علي‮ ‬هذه الأراضي‮ ‬بعد تدمير ما‮ ‬يسمي‮ ‬بالحزام الأخضر علي‮ ‬الفدان بسعر ألف جنيه بالإضافة الي‮ ‬بنية أساسية تقدر بـ‮٥١ ‬ألف جنيه تسدد علي‮ ٤ ‬سنوات واليوم بعد أن ذاع صيت إنتاجية هذه الأراضي‮ ‬وصل سعر الفدان الواحد بالداخل الي‮ ‬مليون جنيه وسعر الفدان المجاور للبوابات الي‮ ٢ ‬مليون جنيه‮.‬ أما المدهش فهو أن جهاز مدينة ‮٦ ‬أكتوبر‮ »‬شرب مقلب‮« ‬من المستثمرين الذين امتنعوا عن سداد أسعار مياه الصرف الصحي‮ ‬التي‮ ‬حصلوا عليها حتي‮ ‬وصلت المبالغ‮ ‬المستحقة علي‮ ‬شركة ‮٦ ‬أكتوبر الزراعية بفوائدها إلي‮ ٢٢ ‬مليون جنيه‮.‬

ومعروف أن مستشفي‮ ٦ ‬أكتوبر شهد منذ عامين حالات اصابة بالفشل الكلوي‮ ‬بمعدلات كبيرة ولم‮ ‬يتم تفسير الأسباب الت تقف وراءها وقتها والبعض اتهم مياه أكتوبر،‮ ‬ولم‮ ‬يكن أحد‮ ‬يتصور أن السبب الرئيسي‮ ‬يكمن في‮ ‬تلك الخضراوات والفاكهة التي‮ ‬تتغذي‮ ‬علي‮ ‬مياه الصرف وتحمل كل هذه الأمراض الفتاكة وتنقلها للناس في‮ ‬أكتوبر والمدن الجديدة‮.‬

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٣ صوت عدد التعليقات: ٣ تعليق

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

جديد الموقع