CET 00:00:00 - 22/07/2009

المصري افندي

بقلم: جرجس بشرى
 في الحقيقية لست افهم لماذا هاجم البعض جناب القمص مرقس عزيز، وعلى صفحات الجرائد لأنه أبدى رأيًا في المادة الثانية من الدستور المصري بجرأة وصراحة يحسده عليها كثيرين!! ولماذا قامت الدنيا ولم تقعد لأن القمص مرقس عزيز وصف المادة الثانية من الدستور وهي المادة الخاصة بالشريعة الإسلامية بـ "حائط الفصل العُنصري بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية" وأتهم المدافعين عن هذه المادة بالعنصرية، لدرجة أن وصل الأمر (بحسب ما نشرته صحيفة المصري اليوم المستقلة) إلى مُطالبة الكنيستان الإنجيلية والكاثوليكية قداسة البابا شنوده الثالث باتخاذ موقف حازم مع القمص مرقس عزيز بسبب ما أدلى به من تصريحات حول المادة الثانية!! 

والحق أقول أن عزيز قد أصاب كبد الحقيقة وأدلى بما يُمليه عليه ضميره ولم يُجَمِل الواقع المُر الذي يعيشه المسيحيين المصريين بسبب إدراج هذه المادة العنصرية البغيضة في دستور البلاد، فالذي يتأمل في نص المادة الثانية الذي هو "الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها والشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع" لسوف يُدرك وللوهلة الأولى أن نص المادة نفسه يُعلن عن نفسه بكل صراحة ووضوح بأنه نص عنصري يُكرس العنصرية والتفكك الوطني، ويتجاهل التاريخ والتعددية الدينية والحضارية لمصر.
ولمن لا يعلم فأن الرئيس السادات قد غيّر هذه المادة مرتين تأكيدًا على الهوية الإسلامية والعربية لمصر، وإمعانًا في إذلال المسيحيين وإقصاؤهم وتهميش حقوقهم في بلدهم كمواطنين أصليين وليسوا كمستوطنين.

ويذكر التاريخ أيضًا أن السادات نفسه كان قد تعهد عندما كان سكرتيرًا لمنظمة المؤتمر الإسلامي بأن الأقباط سيتحولون في غضون عشرة سنوات إلى شحاتين أو ماسحي أحذية أو سيتحولون إلى الإسلام!! وأقول لمن لا يعرف أن هذه المادة العنصرية قد كرست الطائفية في أجلى صورها ومعانيها وأضاعت حقوق الأقباط وجعلتهم محكومين بالشريعة الإسلامية في وطنهم، والأدلة على ذلك كثيرة لمن يريد أن يعرف، فهناك محاكم رفضت قبول شهادة غير المسيحيين أمامها استنادًا إلى هذه المادة، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تصدر المحاكم المصرية حُكمًا يسمح بتحوّل مسلم من الإسلام إلى المسيحية طالما كانت هذه المادة موجودة في دستور مصر، ولا يمكن أيضًا أن يصدر القانون الموحد لدور العبادة في ظل هذه المادة وذلك على اعتبار أن الكنيسة دار للكفر!! حتى ولو صدر فسيكون في حكم العدم، وسيظل أيضًا الاعتماد على آلية الفتوى في القرارات الصادرة من الحكومة أو التشريعات الصادرة من البرلمان.

الغريب في الأمر أن الناس أيقنت أن المادة الثانية من الدستور بمثابة نصًا مقدسًا لا يجب الاقتراب منه، مع أنها مادة موضوعه بأيدي بشر وغير منزهة عن الخطأ، والغريب أن المتمسكين ببقاء هذه المادة في الدستور هو الحزب الوطني الحاكم ، الذي رفض تعديلها أو إلغاؤها عندما تقدمت مجموعة من كبار المفكرين والحقوقيين مُطالبين بتعديلها أو إلغاؤها قبل التعديلات الدستورية الأخيرة.
ليت الحزب الوطني يدرك أنه قد آن الأوان لتعديل هذه المادة العنصرية التي أرى أنها أساءت للإسلام والمسلمين وجعلت العالم المتحضر يضحك علينا، فالأديان السماوية يا سادة لا تحميها القوانين الأرضية والأذرُع البشرية، وعلى الحزب الوطني أن يدرك أن هذه المادة ليست هي الإسلام وأن العالم تغير وصارت الشريعة التي تحكم الدولة المتحضرة هي شريعة حقوق الإنسان! وتحية للقمص مرقس عزيز على قول الحق.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٨ صوت عدد التعليقات: ١١ تعليق