بقلم : جرجس بشرى

من الواضح أن المخطط الأمريكي لتقسيم الشرق الأوسط إلى دويلات على أساس طائفي وديني وعرقي أصبح مهدداً بل في مهب الريح ، بعد الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي بثورة شعبية عارمة في 30 يونيو 203 ، والتفويض الشعبي العارم الذي منحه المصريون للفريق الأول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع المصري لمحاربة الإرهاب ، وما تلا هذا التفويض التاريخي من ملاحقات شعبية سلمية وملاحقة من السلطة المصرية لقيادات الجماعة باتهمات إرهابية خطيرة "بحسب قرارات النيابة العامة"  تتمثل في الإرهاب وقتل المتظاهرين السلميين العزل والتحريض على العنف وحرق مؤسسات الدولة والتحريض ضد الأقباط وما صاحب ذلك التحريض من حرق لقرابة 80 كنيسة وممتلكات ومحلات تجارية لأقباط .
 
 والسبب الرئيسي في إفشال هذا المخطط هو الإطاحة بجماعة الإخوان المسلمين بمصر التي تعتبر المدبر الرئيسي للتنظيم الدولي في أكثر من 70 دولة حول العالم ، فالجماعة كانت هي الذراع المنفذ لسياسات الإدارة الأمريكية في  التمكين لهذا المشروع الخطير ، وكانت الإدارة الأمريكية الداعمة بالمال والسلاح وآلة التضليل الإعلامي تستخدم الإخوان "المسلمين " للحرب عنها بالوكالة في دول الربيع العربي ، ومن الواضح أنه في عهد حكم محمد مرسي  كان  مخططا أن تقوم الجماعة بحشد أنصارها وتابعيها إلى سوريا الشقيقة ، ودعمهم بالمال والسلاح وترغيبهم بنكاح المجاهدة ، لكي ينضموا للجيش السوري الحر وهو جيش من الإخوان والمرتزقة دعمته الولايات المتحدة الأمريكية بكافة صنوف الدعم المالي والإعلامي والسلاح في محاولة لاسقاط الجيش الوطني السوري ، الذي يقف عقبة أمام تنفيذ مخطط مشروع الشرق الأوسط الكبير هو الجيش المصري الوطني.
 
 فقد كان من المرتب له أن تقوم الاخوان بالحشد ضد جيش سوريا ونظام بشار وإرسال العتاد والسلاح والمال للجيش السوري الحر من خزانة الدولة المصرية ، وقد رأينا ذلك بأم أعيننا في مؤتمر نصرة سوريا الذي وقف فيه الرئيس المعزول يتوعد نظام بشار الأسد ويدعو إلى نصرة سوريا ويتكلم عن سوريا الجديدة ، كما شهدنا بعيوننا وسمعنا القيادي الإخواني صفوت حجازي وهو يعترف علنا ًأنه يرسل السلاح إلى سوريا لدعم الجيش الحر في مواجهة جيش بشار الأسد الوطني.
 كما ذكرت وسائل إعلام سفر مجاهدين من الإخوان والسلفيين للانضمام للجيش السوري الحر في سوريا !!! وكان مخططا أن يتم دعم الإخوان لهذا الجيش بكل قوة وبدعم امريكي لاسقاط جيش سوريا الوطني ، ولكن ثورة 30 يونيو أفشلت هذا المخطط وكشفت النقاب عن حجم المؤامرة التي كانت تحيكها الجماعة ضد سوريا ومصر ، وبعد عزل محمد مرسي أصبحت الولايات المتحدة الامريكية وإدارة باراك حسين اوباما في مأزق لتجد نفسها في المواجهة العلنية ، لدرجة أن وصل حجم التخبط في إدارة اوباما إلى الإعلان عن خيار توجيه ضربة عسكرية محدودة لسوريا ، وهو الأمر الذي قوبل برفض من الأمم المتحدة والصين وإيران وروسيا ومصر وغيرها من الدول ، خاصة وان إدارة اوباما ستتخذ القرار بعيدا عن الإجماع الدولي والشرعي وهو الأمر الذي قد يدفع بحرب عالمية  سيدفع ثمنها الشعب الامريكي وإسرائيل خاصة ، بجانب الفوضى العارمة وغير المسبوقة التي ستجتاح منطقة الشرق الأوسط والتي ستدفع إسرائيل ثمنا باهظا لها مهما كانت قوتها العسكرية وقدراتها النووية ، ومن هنا سيدفع العالم كله ثمنا لهذه الحرب الأمريكية والتي تستند إلى مبررات واهية وغير موثقة مثل استخدام بشار السلاح الكيماوي ضد الشعب السوري "وهو أمر لم ولن يحدث" ولكنه حجة أمريكية سيستخدمها اوباما لضرب سوريا مثلما حدث وتم تدمير العراق بحجة انتاج أسلحة نووية وهو ما لم يحدث بدليل اعتراف كبير مفتشي الطاقة الذرية الذي قال : " استقلت بعد تلاعب البرادعي بتقرير العراق وتقديم تقرير الــ CIA   "وبالتالي فقد اصبحت حجة ضرب الدول العربية عسكريا يتم تحت مبررات استخدامها لسلاح كيماوي أو نووي ضد شعوبها" وقد ثبت زيف وضعف هذه الحجج.
 ومن هنا فأنني اعتبر أن توجيه ضربة عسكرية أمريكية لسوريا عملا ً جنونياً ويؤكد على تخبط الإدارة الأمريكية وعدم أخذها في الاعتبار ردود الأفعال والنتائج وأمن امريكا وإسرائيل والمنطقة ، كما تكشف أيضا الإعلان عن هذه الحرب وجود نية للإدارة الأمريكية لمحاربة مصر بعد سقوط الجيش السوري ، وهو الأمر الذي سيكلف الإدارة الأمريكية وإسرائيل خسائر فادحة لأن العدوان على جيش مصر هو عداون على مصر كلها واعتداء على الأزهر والكنيسة ، بل واعتداء على الامة العربية والإسلامية ، ومن هنا فأنني اطالب الضمير الإنساني العالمي والمنظمات الدولية والحكومات العربية بعدم الانسياق وراء هذا المؤامرة ودعم الإرهاب الأمريكي ضد البلدان العربية وسوريا.
 
 وأطالب الشعب الأمريكي بالتصدي لرعونة أوباما وأن يعوا جيدا انه دعم جماعة إرهابية وهي الإخوان مارست الإرهاب عليها في 11 سبتمبر 2011 وأن استمرار دعمهم لهذا الرئيس سيكون بمثابة دعم للإرهاب الذي سيطول الأمريكان أنفسهم لو صمتوا على سياسات أوباما ، حفظ الله سوريا وشعبها من كل سوء وحفظ مصر للأبد.