بقلم : الدكتور مجدى شحاته
عندما يحتفل العالم بعيد الميلاد المجيد فاننا نحتفل فقط بميلاد السيد المسيح الزمنى من السيدة العذراء مريم . فالمسيح لم يبدأ وجود بميلاده من العذراء مريم ، لكن موجود قبل كل الدهور فهو الازلى والابدى الكائن والذى كان والدائم الى الابد ( رؤ1: 4 ) ومجده منذ انشاء العالم ( يو 17 : 24 ) لكن ميلاده من العذراء مريم هو اليوم الذى اتخذ فيه الله الكلمة جسدا وحل بيننا ورأينا مجده ( يو 1 : 14 ). فالمسيح هو الله الظاهر فى الجسد ليخلص الانسان الذى هلك بالخطية . يأتى عيد ميلاد السيد المسيح له كل المجد حاملا معه رسالة الهيه وانسانية معا . رسالة ممتدة حتى السماء وعلى طول الارض وعرضها ولا حدود لأمتدادها.  بالميلاد نحن أمام مولود المذود غيرالمخلوق قبل الخلائق وأعظمها جميعا . نحن هنا أمام أب البشرية كلها ورأسها الجديد ، آدم الثانى الذى لا بداية أيام له ولا نهاية .أب البشرية كلها الذى تستمد الخليقة وجودها وبقاءها منه ، وبه ينتهى القصد من خلقتنا ، فهو المبدأ والنهاية  العلة والغاية لكل الخليقة. ميلاد السيد المسيح مناسبة تهتز لها أساسات التفكير المنطقى، وتوقظ وعى الانسانية بأسرها. من هذا المنطلق ، العالم كله ، بميلاد السيد المسيح قد بدأ عصرا جديدا يتميز عن كل ماسبقه من عصور ، وأصبح يوم الميلاد حدثا تاريخيا هو الاول والاخير من نوعه ، حيث يمثل فاصلا بين زمنين متمايزين ، زمن ما قبل الميلاد وزمن ما بعد الميلاد   

كان ميلاد السيد المسيح عجيبا ، ولد بطريقة لم تحدث لكائن من البشر سواه ، ولن تحدث لاى كائن من البشر من بعده . السيد المسيح الوحيد بين كل الخليقة الذى تنبأ الانبياء بمولده قبل الميلاد بمئات السنين بمنتهى الدقة والوضوح . من بين تلك النبوات الكثيرة فى العهد القديم اذكرالبعض منها كامثلة لضيق المساحة . من أقوى وأجمل النبوءات عن ميلاد المسيح والتى تجمع بين الله والانسان فى شخص واحد ، وتؤكد أن المولود له أسماء وصفات الله فيكون هو بالحقيقة الصورة الانسانية التى سيظهر بها الله للعالم .. تنبأ أشعياء النبى نبوته العظيمة  " لانه يولد لكم ولد ونعطى ابنا وتكون الرياسة على كتفه ويدعى اسمه عجيبا مشيرا الها قديرا أبا ابديا رئيس السلام " ( أش 9 : 6) . وعن بنوته للآب تنبأ معلمنا داود النبى " الرب قال لى أنت ابنى . أنا اليوم ولدتك . اسألنى فأعطيك الأمم ميراثا لك وأقاصى الارض ملكا لك . "  ( مز 2 : 7،8 ). . لقد أعلن أشعياء النبى قبل الميلاد بمئات السنين بكل وضوح وصراحة فقال : " ها العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه  عمانوئيل " ( أش 7 : 4 )  ويقصد بكلمة ( عمانوئيل ) شخص السيد المسيح ( الله معنا ) ، وهذه النبوءة العظيمه تتطابق مع قول معلمنا متى البشير أن المولود من العذراء الطاهرة مريم هو نفسه ( عمانوئيل ) الذى دعاه الملاك جبرائيل والذى تنبأ به أشعياء النبى  " هوذا العذراء تحبل وتلد ابنا ويدعون اسمه عمانوئيل الذى تفسيره الله معنا " ( مت 1 : 23 ) .  هذه النبوءات تحدد ظهور الله متأنسا فى شخص السيد المسيح أ. نعم لقد عين لنا الروح القدس الصورة الانسانية التى سيظهر بها الله بأكثر من شاهد .. فيقول ميخا النبى " اما انت يا بيت لحم .. فمنك يخرج لى الذى يكون متصلتا على اسرائيل . ومخارجه منذ القديم منذ أيام الازل . " ( ميخا 5:3 ) .. وتنبأ دانيال النبى فقال " كنت ارى فى رؤى الليل واذا مع  سحب السماء  مثل ابن الانسان  أتى وجاء الى قديم  الايام  فقربوه اليه فأعطى سلطانا ومجدا وملكوتا تتعبد له كل الشعوب والامم والالسنة . سلطانه سلطان أبدى ما لن يزول وملكوته ما لا ينقرض " ( دا 7 : 13 ، 14 ) .. ان هذا الانسان هو كلمة الله الذى هو ابنه .. وهو وحده الذى مستحق أن تتعبد له جميع الشعوب والقبائل والالسنة فهو الله المتأنس الذى أخذ جسدا وصار انسانا .

رسالة ميلاد الرب يسوع ، تتمثل فى عمق محبته للعالم كله ، ومن منطلق هذا الحب سعى الى خلاص العالم  " هكذا أحب الله العالم ... حتى بذل ابنه الوحيد " ( فى2 : 7 ) . يحب الآخرين بلا شرط وبلا حدود وبلا مقابل ..المحبة ليست مجرد فضيلة أو تفاعل انسانى راق ، بل المحبة اساس لاهوتى بدونها لا يكون الانسان مسيحيا . انه مسيح العالم كله ولد من اجل كل البشر لأنه أحب العالم كله .أحب العالم بكل ما فيه من خطايا العالم المقهور من الشيطان ، عالم ضعيف عاجز غير قادر على خلاص نفسه . ان السيد المسيح له كل المجد لا يرضى الا ان يكون لكل البشر . ولا يقبل بأقل من العالم كله . ألم يأتى المسيح لخلاص كل العالم ؟