بقلم الكاتبة / حنان بديع ساويرس
تم التعامل مع الفنانة رانيا يوسف في ظهورها الآخير في مهرجان القاهرة السينمائى الدولى وكأنها حضرت حفل المهرجان بفستاناً مُفخخاً ، وتم ضبطها والسيطرة عليها قبل تفجير الحفل !! لدرجة أن النيابة العامة قامت بإستدعائها والتحقيق معها أكثر من أربع ساعات بُناءّ على عِدَة بلاَغَات مِن مأجورين ، ومِمَن يشتهون الشهرة كى تتردد أسماءهم في وسائل الإعلام والسوشيال ميديا ، وهذا بعد إنقلاب الرأي العام عليها لدرجة أنها إضطرت الرد بالأكاذيب لتنجو بنفسها من إحتمالية وقوفها خلف القضبان بسبب إرتداءها لفستان رآه مُدعى التدين غير لائق بتدينهم !! بل إضطرت للإعتذار عبر ظهورها ببرنامج لعمرو أديب قائلة بكسرة نفس " مش هاعمل كدا تانى "!! في تحدِ صارخ لأبسط حقوق الإنسان ، وهذا بالطبع بغض النظر عن رأيى الشخصى في فستانها لأن هذا شيء يخصها وحدها طالما أنها ترتضى لنفسها الظهور بهذا الزى .
 
فقد سُبت ولُعنت بأبشع الألفاظ ووصفت بأقذر العِبارات وتم التهكم عليها ، وعلى أسرتها ، والخوض في عِرضها ، لمُجرد أنها لم يُحالفها الحظ في إختيار فُستان يليق بشعب مُتدين بطبعه ، !! شعب يثور من فستان ، ويثور أيضاً ضد من يُطالبون القصاص من مُجرم قاتل سافك دماء الأبرياء وكأن شيء من العرى أصعب عليهم من إزهاق نفس بريئة كل جريمتها أنها تختلف معهم في العقيدة !!
 
 
فيوسف في النهاية لم تقتل أحد أو تفجر كنيسة أو تُكفر من إختلف معها في العقيدة ولم تؤذى المُجتمع بأى شكل من الأشكال فربما تكون هي المُتضررة الوحيدة لسبب واحد فقط في رأيى هو أنها أعطت الفرصة لمُدعي الفضيلة في التطاول عليها وإفراز قذوراتهم وعقدهم النفسية عليها وقتلها معنوياً ، فنفس المُتدينين الرافضين عريها من رجال ونساء هم من سبوها بألفاظ جنسية لا تخرج الا من فم عاهرات أو قوادين !!
 
وبنفس العهر خرجوا علينا لتبرير جريمة قتل قبطيين في المنيا بل خرج علينا من يُكبر ويُهلل ويُعضد موقف الحيوانات المدعوة بشر الذين ذبحوا بنات صغيرات بريئات كالملائكة بعد إغتصابهن ، فالصغيرات لم يفعلن شيئاً في حياتهن سوى أن حظهن العاثر قادهن لدولة عربية بها إرهابيين ساديين مُتعطشين للدماء .. شياطين لم يرحموا الصغيرتين وتم ذبهحم بدم بارد وبشكل يَصعب وصفه دون رحمة أو شفقة أو إى إستجابة لصرخاتهم المدوية وتوسلهم لمرضى نفسيين لايعرفون الله ولا يخشونه ... فعندما شاهدت فيديو الذبح شعرت أن سكيناً غُرست في قلبى ، لكن معدومى الإنسانية من مُعلقى الفيس بوك أخذوا يتشفون شامتين في ذبح الكافرات لدرجة أن أحدهم قال ليذهبوا للجحيم ولابد أن لا يُعدم القتلى من أجل كافرتين .. فلا تعليق !!!!!!!!! 
 
فعلى سبيل المثال وليس الحصر قد أستوقفنى في حادث إستشهاد عماد وولده ديفيد نوعين من المدعوين بشر والمحسوبين عليهم !!
 
فقد إنقسم المُتعصبين المُزدوجى الضمير والمُتدينين بطبعهم والتى خدشت حياءهم يوسف بفستانها ، ولم تخدش مَشاعرعم المُرهفة دماء شاب في مُقتبل شبابه ووالده الأربعينى ، ولم تهتز إنسانيتهم بترك أرملة لرجل كان السند وأم مكلومة في قُرة عينيها الشاب الذى فقدت إبتسامته الجميلة التي تشع بالأمل والحياة بعد أن ربت وكبرت وبعد أن نضجت الثمرة إقتطفها شيطان رجيم .. أقول خرج علينا المُتعصبين فريقين :
 
الفريق الأول يقول : أن الحادث جنائي وليس طائفي وأن أمين الشرطة لا يعرف ديانة المجنى عليهما ، وبصرف النظر عن كونهم عينوا أنفسهم بدل المباحث والنيابة وأصبحوا جهة تحقيق دون وجودهم حينها في مسرح الجريمة وقبل ان يسمعوا حتى شهود العيان ... ومع ذلك فأن أمين الشرطة وحسب رواية أحد أقرباء الشهيدين الذى قال بالنص أن أمين الشرطة يعرف عماد كمال وأبنه ديفيد جيداً من قبل الحادث ، بل كان يأكل معهما الطعام ويتناول وجبة الغذاء معهما ، لكن لأنه خائن بالفِطرة فخان العيش والملح فلم يَكسِر سُمه كل هذا فباتت كراهيته وحقده وغله لمن يختلف معه في العقيدة أكبر من كل هذا !!
 
فبشهادة شهود العيان صرخ هذا المُجرم بعد قتل الشهيدين ليسبهم بدينهم وينعتهم بالكفر كما فعل سالفه مُنذ عدة أسابيع وهو أيضاً أمين شرطة من المُفترض أنه من يحمى أبواب الكنيسة رغم ثقل هذا اللفظ ، لأن من يحمى الكنائس وأبوابها هو الرب يسوع بذاته ووحده ، والذى قال إن أبواب الجحيم لن تقوى عليها ، فقد صرخ في المُصلين واصفهم بالكفرة فلا أتعجب أيضاً من أن يقوم مُجند من الحراسة الموجودة على كنيسة القديسين بالأسكندرية مُنذ بضعة أيام والتي تم تفجيرها في رأس السنة مُنذ عدة أعوام أن يقوم بإنتهار إحدى السيدات أثناء دخولها الكنيسة وهو يقوم بتفتيشها وعقبها وأثناء مرورها يقول لها " كلها كم يوم ويأتي مُتطرف بقنبلة ويموتكم ونشمت فيكم شوية " !!
 
فهذا المُتطرف فكرياً يصف من يُفجر الكنائس بالمُتطرف !! ولم يرى نفسه مُتطرفاً وإرهابياً مثله مثل من يقوم بالتفجير بنفسه ، فالمُجند الشامت في الموت يسعده ويستهويه رائحة الدماء وأشلاء البشر !!.. لم يرى نفسه مُتطرفاً وهو فقط ينقصه فرصة ليفجر الأبرياء وأن واتته هذه الفرصة لن يتورع في عمل ذلك ، فلا عجب إذن لمن يستميت من مُتطرفى الفكر والإرهابيين الذين ينقصهم فرصة حمل السلاح أو القنابل لقتل ضحاياهم بدم بارد أن يستميتوا في إنكار طائفية الحدث ومحاولة تخفيفه بأنه جنائى في مُحاولة لتبرئة شخص لايعرفونه شخصياً لكن تعاطفهم مُجرد تعصب أعمى لمشروع إرهابيين ينقصهم سلاح ليوجهوه على رأس ضحاياهم !!
 
الفريق الثانى : هم المُتعصبين المأجورين منهم أو المتطوع لإهدار حق الأبرياء فيقوموا بالتلويح بأن الأمر لا يخرج عن نِطاق كونه مُشاجرة عادية كما أدعى الباز أفندى مُستطرداً بأن الأٌقباط عايزين يشعلوا البلد من أجل مُشاجرة !! 
 
هل هذه مُشاجرة أيها الظالم .. لم نرى في الفيديوهات مشادة أو مُشاجرة بين طرفين ، لم نرى غير مُجرم غافل ضحاياها وضربهم في مقتل قبل أن يَستَعِبوا المَشهد في فرصة للدفاع عن أنفسهم أو حتى تجَنَبُ السِلاح الغاشم !!
 
يومياً يستشهد أقباط على أيدى مُتطرفين إرهابيين سواء عن طريق تفجيرات مُختلفة أو رمياً برصاصات شيطان أحمق أو حرق كنائسهم أو إختفاء قاصرات ويتحملون ما لا يتحمله الجبال لأنهم أصل هذا البلد ، ويَخشون عليها أكثر مما يَخشون على ذويهم وأبناءهم ، لكن من يَحِرقون البلد هم أمثالك الذين يُريدون طمس الحقائق وتبادل الأدوار وتكسير العظام حتى لايصرخ الضحية من جراء ظلم قاتله وسالبه .. من يَحرق البلد ولايخاف عليها هو كل مسؤول يُشارك المُجرم بصمته وهو يستطيع التغيير ولايريد لأن ظلم الأقباط يستهويه .
 
من يحرق البلد كل قاتل نفس بدون ذنب أو من يُحاول حمايته والتستر عليه مثلك .. فلا تُزايد على وطنية الأقباط لأن الأقباط تحملوا كثيراً من أجل مصر ، فلا داع من بث سمومك وسموم أمثالك في مُحاولة للضغظ على المُتألم حتى لا يتأوه ، فُمبرئ المُذنب ومُذنب البَرئ كلِاهما مَكرهة للرب . 
 
فأقول أن هؤلاء برمتهم مرضى نفسيين لايوجد لديهم وازع إنسانى أو ضمير أو حس وطنى لأن الفيديوهات المُنتشرة خير دليل لسبق الإصرار والترصد ، فتوضح كيف قام المُجرم الأثيم بالإعتداء على الشاب الصغير بإطلاق الرصاص عليه ليضربه في مَقتل وليس للتهديد أو الدفاع عن النفس فكيف لأعزل أن يخيف أو يهدد حياة مُسلح كما أوضح الفيديو كيف جاء الأب من بعيد وقبل أن يقترب من أمين الشرطة وقبل أن ينطق ببنت شفة قام الحقير بطرحهم أرضاً برصاصاته الغاشمة الصائبة بضربات الموت كما يوضح الفيديو أيضاً كيف أستدرجهم ليزج بهم في مكان إستشعر أنه ربما يخفى ملامح جريمته الشنعاء
 
أما البرلمان الذى إنتفض من أجل فستان لدرجة أن أحد أعضاؤه تقدم بطلب إحاطة لإستدعاء وزيرة الثقافة ولم يقوم أحد أعضاء نفس البرلمان بتقديم طلب إحاطة لإستدعاء وزير الداخلية من أجل إزهاق بعض رجاله أرواح المواطنين المُسالمين فلا تعليق عليهم !!
 
والكارثة الكبرى أن أحد المُحامين من مَعدومى الضمير خرج علينا بُمداخلة هاتفية في أحد البرامج التي أثارت موضوع الساعة الا وهو أشهر فستان عرفه التاريخ صارخاً مُطالباً وزيرة الثقافة بتقديم إستقالتها أو أن يتم إقالتها بسبب الفستان المزعوم ولم نرى منهم من يخرج مُطالباً بالطلب ذاته لوزير الداخلية ولو من باب حفظ ماء الوجه .. لكن قالوها فى الأمثال " اللى إختشوا ماتوا "
 
فلا أدرى أي أزدواجية هذه بل لا أدرى هل هذا برلمان أو بالأحرى مجلس شعب من المُفترض أن يكون شغله الشاغل هو راحة الشعب الذى قام بإختياره أم يعمل ضد الشعب فأحدهم يريد مُعاقبة مواطنة من أجل فستانها الذى خدش حياء براءة سيادته !! والآخر يريد زيادة الضرائب على المواطنين !! وهم بذوات أنفسهم يلتزمون الصمت عندما يُقتل مواطن على أيدى أحد رجال الأمن ... فهل هذا مجلس الشعب أم مجلس أعداء الشعب ؟!!
 
ومن هنا أرى مصر ما بين فستان تم التعامل مع من ترتديه مُعاملة الإرهابى الذى ضُبط معه قُنبلة مُفخخة ، وبين عقول كالقنابل الموقوتة ستنفجر في وجوهنا في أي لحظة ... فبالله عليكم يا أصحاب العقول أيهما الأخطر على مصر فستان رانيا المُفخخ أم قنابلكم الموقوتة !!