بقلم – أماني موسى
آثار خبر إصدار محكمة الأسرة لأول حكم قضائي يقر ويعترف بالزواج المدني بين زوجين مسيحيين ضجة كبير، ما بين التأييد والرفض، حيث اعتبرها البعض نقطة ضوء للخروج من النفق المظلم المتعلق بالطلاق والزواج الثاني داخل الكنائس المصرية وعلى رأسهم الأرثوذكسية باعتبارها الطائفة الأكبر، بينما اعتبرها الفريق الآخر إنها تعدي صارخ على الكنيسة والشريعة الإسلامية والدستور أيضًا في آن واحد.

حيث تنص المادة الثالثة من الدستور على أن المسيحيون يحتكمون إلى ديانتهم في أحوالهم الشخصية دون سواها، كما تنص المادة الثانية من الدستور على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، والتي تقضي تباعًا باحتكام أهل الكتاب إلى شرائعهم في الفصل في أحوالهم الشخصية.

يصرخ كل فريق مدافعًا عن رأيه معتقدًا صوابه وقوامته على الرأي الآخر الذي يعد كفرًا بالله ومخالفة للشريعة الإسلامية والمسيحية معًا!!!

وكأني أرى الله ينظر للفريقين المتقاتلين وأسمعه يهمس في أذن كلاً منهم "جئت ليكون لهم حياة وليكون لهم أفضل"، فالله لم يخلق البشر ليستمتع من سماءه بتعاستهم أو خيانتهم للأمانة وكسرهم للعهد، ولكن خلقهم لينعموا بعطية الحياة "هذا كلامه بكتابه الذي أعتقد فيه".

يسأل ساءل وماذا عن آية "لا طلاق إلا لعلة الزنا"؟ هي مقولة وليست آية كتابية، ولكن دعونا نلقي نظرة تاريخية على الآية التي تحدثت عن الطلاق والزواج والسياق الذي قيلت فيه والذي لا يمكن اقتطاعها منه على طريقة "لا تقربوا الصلاة".

فحين أتى اليهود ليسألوه "هل لكل سبب يطلق الرجل امرأته؟" فأجاب وقال "قيل مَنْ طلَّق امرأته فليُعطِها كتاب طلاق. أما أنا فأقول لكم أن مَنْ طلَّق امرأته إلاَّ لعِلَّة الزنى يجعلها تزني. ومَنْ يتزوَّج مطلَّقةً فأنهُ يزني".

وبسؤال أحد رهبان الكنيسة القدامى عن الظرف التاريخي للآية أوضح أن اليهود كانوا "قساة القلب غلاظ الرقبة كما لقبهم المسيح، وكانوا يطلقون المرأة لأي سبب ويتزوجون بأخرى، فجاء المسيح لينقض لهم هذه الأفكار المغلوطة، وجعل حدوث الطلاق لأسباب كبرى تستدعي حدوثه وليس كل صغيرة وكبيرة.

كما أن الحرف يقتل والروح يحيي، ولنا في قصة القديس سمعان الخراز الذي فقأ عينه بعد النظر إلى امرأة بشهوة كما قال الكتاب "إن أعثرتك عينك فأقلعها وألقها عنك"، وإن طبقنا نصوص الكتاب حرفيًا من عدم الكذب والإدانة والنميمة والسرقة والقتل و و لأصبحنا مدينة الملائكة وتخلينا عن صفة البشر الخطأون التوابون والله الذي يقبل التوبة.

تحت أي منطق يمكن للكنيسة أن تتشبث برأيها هكذا لتعثر كثيرين، لماذا لا يعود العمل بلائحة 38 التي أقرها المجلس الملي وقضت بتسع حالات تبيح الطلاق، وجميعها أسباب تؤدي إلى وقوع الزنا ومن ثم حدوث سبب الطلاق؟

هل تعلم الكنيسة وقادتها كم نفس ضلت؟ كم نفس تحولت لديانة أخرى بحثًا عن منفذ؟ كم زوجة أرتكبت جريمة قتل أو العكس هربًا من جحيم حياة أفقدها القدرة على السيطرة على التحكم بالأمور وانتهى بهم الحال للسجن وتشرد الأطفال؟ هل تعلم كم زوجة خانت وكم زوج خان؟ أكم من أزواج خائنون يعيشون بيننا في مظهر اجتماعي آمن بينما الداخل يحمل تفاصيل مروعة مقززة لا ترضي الله أو بشر؟ هل تعلم الكنيسة أن المجتمع بات مضمحل بلا قيم ولا أخلاق والعبث الجنسي مع امرأة متزوجة بات فكرة رائعة للعبث دون تحمل أية تكاليف مادية أو أخلاقية لكونها بالفعل "مدام"، هل هذا ما يرضي الله؟ هل نستعمى الله؟ حاشا.. ونقول له إن كل شيء على السطح كما يرام ولكن أرجوك لا تنظر للداخل "القذر"؟

يحضرني سخرية أحدهم حين سألته "تفتكر كم واحد متجوز بيخون شريكه"، فضحك قائلاً: السؤال الصح دلوقتي "كم واحد متجوز مبيخونش؟ في إشارة لكثرة الخيانات حولنا وبات من لا يخون يعد على أصابع اليد.

ثم ماذا عن إعطاء تصاريح زواج ثاني لأقباط يعيشون بالمهجر؟ أليس إله الشرق هو إله المهجر أم ماذا؟

وأخيرًا أختلفت الكنائس فيما بينها حول تفسير كلمة الزنا، ونقلها من اليونانية للمصرية واختلاف الترجمات؟ فهل الزنا هو الواقع بين طرفين متزوجين أم طرفين عازبين أم طرفين أحدهما عازب والآخر متزوج، أم الزنا بمفهوم الكتاب المقدس "من نظر إلى امرأة واشتهاها فقد زنا بها في قلبه"؟؟؟ كما أختلفت الكنائس أيضًا حول أسباب الطلاق، فتجد الكنيسة الكاثوليكية على سبيل المثال لا تبيح الطلاق حتى بوقوع علة الزنا! إذًا فالنص الكتابي ذاته خاضع لعدة تفسيرات فأيًا منهم يمثل الله إذًا؟