كتبها Oliver
قبل السقوط كنا في النعمة و النعيم. لم نعرف الألم سوى بالخطية. و كما بالآلام متنا كذلك بآلام الرب القدوس يسوع المسيح خلصنا.الوجع و الشقاء لم يعد عقوبة بعد الخلاص بل ككل الرموز إنتقل ليكون موهبة تصاحب الإيمان بالمسيح و تؤهل الإنسان للشركة في آلام المسيح. لانه قد وهب لكم لاجل المسيح لا ان تؤمنوا به فقط، بل ايضا ان تتالموا لاجله.في 1 : 29

لذلك لما يقول إبن الإنسان أنه ينبغي أن يتألم كثيراً فهو كان يمتص من البشرية كل آلامها  كمن يمص السم من دم إنسان لدغه ثعبان.و يحولها في شخصه إلي طريق للخلاص .لقد صار في المسيح إعادة تشكيل و خلق  ليس فقط للإنسان بل لأمور أخري كثيرة منها الألم..لذلك  قيل عن رب المجد  كان ( ينبغي أن يتألم كثيراً ) أي لابديل آخر سوى الألم لأنه جاء ليحمل عنا آلامنا و أوجاعنا.لأن إزاحة الألم كعقوبة كان حتمياً و تحويله إلي وسيلة للخلاص أصبح موهبة و نعمة. مت16: 21 و مر 8 :13 عب 9: 26

الألم ليس هو الموجع بذاته بل ما يوجعك هو كيف ترى الألم؟ لقد رآه بولس الرسول أنه ملكية خاصة لسمات الرب يسوع غل 6 : 17 و سماها (إماتة الرب يسوع) هي إماتة للذات و في نفس الوقت(حياة الرب يسوع) في الإنسان الجديد.لذلك كانت الآية تحمل المعنيين. حاملين في الجسد كل حين اماتة الرب يسوع لكي تظهر حياة يسوع ايضا في جسدنا2 كو 4: 10. إنه نفس المعني لآية: مع المسيح صلبت لأحيا لا أنا ( إماتة الذات) بل المسيح يحيا فيَ ( حياة يسوع ) غل 2 : 20

في أول مقابلة  للرسول بولس  مع حنانيا الكاهن سمع منه عبارة  قالها الرب  عن بولس و هي تبدو موجعة لكنه رآها وعداً مفرحاً  حين سمع الرب يسوع يقول عنه( سأريه كم ينبغي أن يتألم من أجل إسمى) أع 9 : 16 .هل تلاحظ إستخدام نفس اللفظ ( ينبغي) الذي إستخدمه في التعبير عن آلامه شخصياً .هل تراها كما رآها القديس بولس أنها شركة آلام المسيح و أنها نعمة و بوابة للمجد.ألم تكن هذه العبارة حافزاً لكرازة عظيمة دون أن تعوقه آلام الجسد أو متاعب من الداخل و الخارج.

أيوب البار رأى الألم تزكية أي (شهادة حب)  تتجاوز كل الظروف.َصبرَ الرجل البار و نال مجازاة من الرب و شهادة متبادلة من الفم السماوى.يع4 : 11 ... لذلك ينبهنا بطرس الرسول أن نتعامل مع الألم (حسب مشيئة الله) اذا، الذين يتالمون بحسب مشيئة الله، فليستودعوا انفسهم،(حياة التسليم)  كما لخالق امين، في عمل الخير1 بط 4 : 19 فيكون الألم حافزاً للخير لأنه يجعل النفس منكسرة قدام الله فتنال مواعيد و أمجاد كثيرة .

لكن الألم يهون مهما بدا مريراً لو أصابك.ربما لا تحتمل أن يصيب إبنك أو إبنتك  تتمني أن يكون فيك كل الوجع و لا تسمع آهة واحدة لأحد أحباءك.هل الآن عرفت ألم العذراء عند الصليب.لذلك نذكرها و لسان حالها يقول  (أما العالم فيفرح بالخلاص و أما أحشائي فتلتهب عند صلبوتك يا إبني و إلهي).لكن إنتظر قليلا هنا.فآلام المسيح كانت أيضاً من أجل أمه.و من أجل خطيبها القديس يوسف و من أجل أخوته في الجسد و من أجل أقرباءه. و من أجل العالم كله فالألم رسالة قد تشمل الكثيرين رغم أنها تختص واحداً فقط.آلام أحباءك تعلمك الصلاة .آلام أحباءك تعلمك الرحمة.آلام أحباءك تعلمك الإنكسار قدام المسيح لأجلهم فتصير أنت شفيعاً و ينال هو مشيئة الله للخير هنا و هناك. آلام أحباءك تلين القلب القاسى و تمنحه دموع التوبة و التذلل. الآلام مدرسة تخرج منها جميع الخدام الأمناء و الآباء و الأمهات الأتقياء.الآلام أن تصير في غرفة العناية المركزية السماوية.آلام أحباءك ليست غائبة عن المسيح و هو لم يختارهم عشوائياً.هو يعرف ما يفعل و يقصده تماماً و يستخدمه لمجد إسمه.هو يعرف أن أمجاد الألم لبولس كفيلة بأن يكف عن التضرع من أجل الشفاء.

فيما كان المسيح يشفي نازفة الدم و يكلمها في نفس اللحظة كانت هناك إبنة رئيس المجمع مريضة تحتضر و كان الرجل ينتظر نفس الشفاء لإبنته العاجزة حتي عن الخروج محمولة لتكون قدام المسيح كما إجتهدت نازفة الدم و لمسته. وقف الأب الموجوع يمني نفسه بشفاء إبنته حتي جاء رجل من بيته بالخبر الحزين مع شفقة علي إجهاد المسيح قائلاَ ( قد ماتت إبتك.لا تتعب المعلم) لو8: 49 . وصل الوجع للجميع بموت الصبية. وصل الألم بذروته إلي الصبية فماتت.ما أصعب الموقف علي الأب و علي كل إنسان لكن ليس علي المسيح.و فيما الرجل خائف علي المسيح أن يتعب إذ المسيح يقل لرئيس المجمع لا تخف.و كأنه يقول لنا لا تخافوا علي تعبي.ألقوا كل أتعابكم هنا فأكتافي جاهزة لحملها و قلبى مفتوح لتأخذوا بدلاً منها محبة و راحة لقلوبكم.ثم يُطمئن الرجل.آمن فقط فهي تشفي. لماذا يكلمه عن الإيمان مع أنه قدامه بالعيان؟ لأن الإيمان و الآلام صديقان للبشرية في رحلة الخلاص  يصاحبانك حتي المجد.و كلما زاد ثقل الألم  مع ثقة في المسيح زاد ثقل المجد.و شفيت الإبنة.و قامت و نسى الجميع الوجع.و تحول إلي إنبهار بعمل الله في تلك الأسرة. الله صادق و يعرف ما يفعل و يقصد ما يقول و يفعل ما يعد به.

لا يتحول الألم إلي نعمة بغير الشكر و التسليم.لذلك يبقي المتذمرون في أوجاعهم دون ثمر.و تبقي أسئلتهم الحائرة دون إجابة.فلا تسأل الله لماذا أتألم بل إسأله كيف أتألم حسب مشيئتك.كيف يكون شركة مع المسيح المصلوب .كيف أستثمر الألم لحساب المجد المدخر للمتألمين.إسأله ليس لألمك وحدك بل إسأله كيف تستثمر آلام أحباءك.إبنك إبنتك زوجك زوجتك أو والديك.فالربح في المسيح عائلي.نقتسمه كالميراث.لا تطلب أن ينتقل ألم أحباءك إلي شخصك فالمسيح يختار بعناية ما يفعله.و هو أكثر حناناً من حنانك.

و الآن أكرر هل تري الألم بالروح أم بعين الجسد .أما عين الجسد فلا تبصر الأمجاد .لذلك كان المسيح في كل مرة يذكر أنه سيتألم يذكر أنه سيقوم أيضاً.لأن الألم ليس نهاية إنما المجد نهاية و القيامة  مصيرنا لو كانت مشيئة الله أن يهبنا الألم  فنعيشه كما عاشه رب المجد يسوع و إنتصر الذى  من بوابة الآلام دخل بنا إلي ملكوت الأمجاد .