عبد المنعم بدوى
فى مثل هذه الأيام من عام  1972  ( أى منذ  50  عاما  ) ،  قررت الزواج من بنت الجيران  ... أنا ووالدى ووالدتى اتجهنا الى منزلها  ....  دقات على جرس الباب ، وحين فتح  ، ظهرت شغالة المنزل  ، ومن خلفها بيانو ضخم فى مواجهة الباب ، فوقه فازه كريستال تتوج هامتها باقة من الورد منسقه بأيد رقيقه خبيره .

سبقتنا الشغاله الى صالون الشقه الفاخره  .. فى صدر المكان مدفأه تحتفظ ببقايا أخشاب الشتاء المحترقه ، الأضواء خافته منبعثه من أباجورات موزعه فى أركان البهو المتسع الذى يضم بين جنباته قطعا من الأثاث غاية فى الأناقه والأتساق .

 يشيع فى المكان هدوء مريح ، لاراديو ولا تليفزيون ومع ذلك فهناك أنغام صامته تنبعث حالمه لاأدرى من أين ؟  سيمفونيه كلاسيكيه ، ربما لتشايكوفسكى أو ريمسكى كورساكوف .

أقبل رب البيت بعد دقائق ، كلماته مشحونه بعفويه الصدق وحرارة اللقاء ، بعد قليل دخلت علينا السيده حرمه ، وتبعتها أبنتها تسبقها نسمات عطرها الهادىء ، وهى فى غلاله من الجمال والأبهار والرقه .

جمعتنا مائدة العشاء ...  لم تنس سيدة المنزل أن تضيف اليها لمساتها الرقيقه ... فالشموع تتوسط المائده ، والصحان والمفارش لاتزال تشى بنغمات السيمفونيه الكلاسيكيه لتشايكوفسكى و كورساكوف ، أتصل الحديث بيننا ولمست حماس الأب وأرتياحه ، وحين كنت أنقل بصرى بين ملامح أبنته وبين ملامحه ، شعرت كأننى أشهد مباراه فى غاية الرقه بين الأميره التى تسكن القلعه الحصينه ، وحارسها المدجج بالسلاح الذى يخاف عليها من خارج أسوار القلعه ... عندها شعرت أننى عثرت على نصفى الأخر الذى أبحث عنه ، شعرت أننى أضع قدمى على بداية الطريق ، وتم الأتفاق على  كتب الكتاب والزواج فى نفس الموعد العام التالى  ...

وتنفيذا لتعليمات أستاذ جيلنا عبد الحليم حافظ فى فيلم  "  الوساده الخاليه  "  ، تم تجهيز الشبكه ودبله ذهبيه منقوش عليها أسم بنت الجيران وتاريخ كتب الكتاب  .

واليوم وبعد مرور 50 عاما .. وأميرتى ،  بجوارى تحيطنا بحبها وحنانها ورقتها ، ومعنا بناتنا  "  دينا  و رنا  " .   

سنين ومرت ذى الثوانى .. وإن كنت اقدر احب تانى .. أحبك انت ....  الله عليك يا مأمون ياشناوى  ، سلام على روحك الحلوه  .