القمص أثناسيوس فهمي  چورچ
في شهر مارس من كل عام تحتفي الكنيسة بوجوه نورانية للقديس البابا كيرلس السادس والبابا المعلم الأنبا شنودة الثالث ، والمتنيح طيب الذكر القمص بيشوﻱ كامل ، ورجل الله القمص ميخائيل ابراهيم ، وانضم معهم القمص فلتاؤس السرياني لابس الاسكيم والقمص بيشوﻱ بطرس ملاك الطريق الصحراوﻱ . 
 
عايناهم وكانوا نور فوق منارة وآنية حكمة ؛ مقتدرين في الأفعال والأقوال . كشفوا لنا سر الحياة الجديدة وحملوا الروح وصاروا به شهود أحياء للإيمان والقوة δυνατός الحقيقية ، مقيمين في النعمة المثمرة التي فاضت على جيل وأجيال ... ألقوا بشباكهم وذاقوا العمق في البذل والإمحاء ، فصار نورهم مشعًا إلى أقاصى الأرض .. حافظين الوصية ومعبرين عن ما لا يعبر عنه ... كل من رآهم رأى مسيحًا حيًا محبًا وديعًا مصليًا متواضع القلب ، يجاهد كجندي صالح ليسوع المسيح καλός στρατατιωτης Χριστού Ιησού . وهم بحق صورة حية للابدية داخل الزمن ولقداسة وبرهان المسيح وسط العالم ، عندما اتحدوا واقتدوا به في تجاوب  Synergy لعمل النعمة ضمن كنيسة التائبين ايقونة الثالوث الذي يربطنا ويوحدنا في شركة الحياة نحو المصير الابدي  ، ليتصور المسيح فينا ( غل ٤ : ١٩ ) .
 
ابتعدوا عن النفسنة الذاتية وسلكوا بلياقة ευσχημονως  ، ولم تشغلهم الماديات υλη   اذ قد تجردوا وزهدوا فيما للناس . ايضا  لم تجرفهم المداهنات  ولا المذمات لأن كلا منهم عرف φιλοσοφεω الكلمة المكتوبة ، وقد صار قائد  στρατηγος يخدم من موضع الي موضع ليجند جنودا للملك رب القوات .    ناقلين  حياة الكنيسة الجامعة في غناها وعمقها وبساطتها وابتهاجها وفكر عموم آبائها ... وقد أصبغ الله عليهم وقارًا وهيبة سماوية ، أظهرت قوة الله التي فيهم والتي تضبط الكل .
 
سندتهم الأذرع الأبدية وحملتهم على أجنحة النسور ، ففاحت رائحتهم زكية طيبة كالناردين ، وحلقوا بخفة وانطلاق كونهم أفرغوا مساكنهم ليأتي فيها القوﻱ ليحيا ويعمل ويسكن .
 
تخلصوا من نسبيتهم في مطلقية المسيح ، حاسبين أنهم كلا شيء ؛ فصاروا نوافذ واسعة ومفتوحة على المجد الأسنى ومطلة على الفردوس .
 
  لذا اشتهروا بعشقهم للتسبيح وللصلاة وللقداسات وللقديسين ، وقد عرفنا لاهوتهم لاهوت التمجيد والسجود والنسك والمسكنة والدعة والرحمة والعطاء والشركة  والوحدة وغنى الطيب الغامر.. 
 
حمل فكرهم اللاهوتي ملء حياتهم في صمتهم وكلامهم ومشورتهم ، التي حولت كل كيانهم باتجاه الفردوس الأبدﻱ .. لاهوتيين بالنية والعطية وخبرة حياتهم وجهادهم  المستقيم ... وأهم ما عُرف عنهم أنهم عاشوا ما قالوه (بالعمل والقول والسيرة) ، في شركة صافية وحية ، لم يكن فيها فصل بين " الروحانية واللاهوت "  في " الواقع والحياة "  ، كثمرة عشرتهم الإلهية . كمجاهدين Ο αγωνιξομενος يتسابقون يركضون في الميدان σταδιω لينالوا الجعالة الحسنة التي اعدها الله لمحبي اسمه القدوس .
 
ولعل من يرى أيقونة εικών وجوههم وشخوصهم يلمس طوباويتهم وقداستهم في الثالوث القدوس ، بنمو لا نهائي في الصلاة التي كل من يصليها بالحق يصير لاهوتيًا . عشقوا المذبح وتعلموا معرفة اللاهوت من الكتاب المقدس انفاس الله ومن كتب الأجبية والخولاجي والابصلمودية  .. وتقووا بالسجود والأدب الروحي . أسسوا وبنوا ورمموا وصنعوا مستحيلات وعجائب أمام مضايقيهم .. وأساساتهم قد صارت في الجبال المقدسة ، وجدة عظمتهم تحمل ذكرى عرق محبتهم وإخلاصهم وسهرهم ونسكهم للأجيال كلها ، حبًا وكرامة للاسم القدوس ، وكأنها ملتحمة بالقرون المسيحية الأولى ؛ حين كانت الكنيسة تبنى من الداخل والخارج وكان الرب يتمجد ويضم إليه الذين يخلصون ، في ملء بركة انجيل المسيح ευλογιας Χριστού. 
 
عندما نتطلع إلى وجوههم المنيرة نرى صورة واحدة للآباء عبر الأزمان والدهور في رزانة القديسين ومسكنتهم وأمانتهم وصداقتهم للروح القدس ، ومعاينتهم للحب الإلهي ... لقد شاهدناهم ورأينا صلاتهم تخرج من أفواههم بكلمات من نور تبهر الروح وكأنها أجنحة مفرودة تطير عليها القلوب وتشتهي لو أن لا تحط على الأرض أبدً ... وإني لموقن أن صلاتهم وقداساتهم وحركات أجسادهم ومحياهم كانت صورة لقلوبهم الصارخة لطلب معونة النعمة ليلاً ونهارًا ، لذا تهللوا ευφρανθητε بالمسرة التي هي للبنيان οικοδομής كل حين .
 
لقد كان كل منهم تحديدًا باكورة العجين  απαρχη & φυραμα والحصاد المقدم للرب ، تبارك به الحصاد والقطيع والجيل كله ، بعد أن تلمذوا قادة كثيرين أثروا العمل الكنسي المعاصر ، وتخمرت بهم نعمة جزيلة سرت في دورة العمل الإلهي ... ونقلوا تسليمًا أغنى حاضرنا برحيق الأولين وقد نفضوا الغبار عن ممارسات بالية ، بنموذج اقتدائهم سواء في الرهبنة اوالخدمة اوالكرازة اوالعمل الرعوﻱ اوالافتقاد اوالتعليم او التدبير او الاشاد والابوة والتلمذة .
 
إن كل من يمدحهم يمدح الصلاة والإنسكاب ، يمدح التقوى الحقيقية والأبوة ، يمدح الترك وغيرة الهمة الروحية الحسنة ، يمدح النسك والفضيلة والبناء الحكيم ، يمدح رعاية الخروف الضال والفقير والمحزون والمريض والمكسور  والمتروك ، يمدح خدمة التأسيس والأعمار والتنمية وصنع الخير وأعمال الرحمة ، يمدح خدمة التسبيح والسجود والتمجيد والتعبد ، بعبادة عقلية λογικην λατρειαν مرضية عند الله ευαρεστον . 
 
ويا للعجب فقد أناروا جيلنا وكانت لهم علاقة وثيقة ببعضهم البعض في حياتهم ، لأن المثيل يستريح إلى مثيله ، وهم الآن أحياء عند إله الأحياء يطلبون من أجل كنيستهم كي يُغنيها الله من خيراته الكاملة ، ومن أجل شعبهم كي يرحمنا الله كعظيم رحمته . ففي كنيستنا بوجه خاص يتحسس الاقباط دائما  مواطن القداسة في القديسيين الذين يعيشون بين ظهرانيهم ويكرمونهم  بعد نياحتهم وفي تذكاراتهم ، حتي تعلن قداستهم ويتم تقنينهم كنسيا قانونيا ، وذلك هو الحس الروحي والتقوي الشعبية ، حسب الحدس الروحي القوي ، والاستبصار الباطني الجماعي الذي للشعب البار الحافظ الامانة ، فقد صار بقاء القديسين الذين سبقوا ورقدوا  في الوجدان الشعبي عند جمهور المؤمنين، 
 
 مصدر الهام وصحو وابوة واستعداد وارشاد كاحباء شخصيين عاشوا معاصرين لنا ، وليسوا هم بمخلفات مضت او باساطير بعيده ، لكنهم تمكنوا ان يكونوا نقاط اتصال سماوي حي وحقيقي ، بالتمثل بهم وتكريمهم ومناجاتهم كسحابة شهود  محيطة بنا ، واضعين صورة ξωδιον  ايقوناتهم المرسومة ξωγραφεω  في الهياكل ευκτηριον وفي بيوتنا واماكن اشغالنا ερ γαστηριον ، ممجدين  الله العجيب فيهم مرنمين بريشة القيثارة πληκτρον لهؤلاء الصديقين الذين ينيرون كالكواكب في ملكوت ابيهم الي ابد الدهور .