بقلم- هانى دانيال
تصاعدت الاتهامات لمجلة "فرانس فوتبول" المالكة والمانحة للكرة الذهبية، أعرق جائزة كروية عالمية ويتم تقديمها منذ 1956، وساهم الإعلام المصري فى شيوع هذه الأفكار بعد  الكشف عن ترتيب النجم المصري محمد صلاح، الذى احتل المركز السابع فى قائمة الـ 30 المرشحين للجائزة، و فتح مساحات كبيرة من النقاش السلبي فى الصحف والقنوات الفضائية ، والتشكيك فى المجلة والمانحين للجائزة، واعتبار الأمر يعود لأسباب آخري تعتمد عليها المجلة فى منح الجائزة، بعيدا عن كرة القدم!.

الغريب فى الأمر أن المجلة تعلن سنويا عن قائمة المرشحين وأسباب ترشح كل لاعب، ومنح لجنة التحكيم المكونة من الصحفيين بمختلف دول العالم فرصة الاختيار، على أن يتم نشر الأصوات بشفافية لمنع شيوع مثل هذه الاتهامات الخطيرة التى تشكك فى الجائزة، للدرجة التى جعلت محمد صلاح يصرح فى حوار تلفزيوني بعد الحفل أنه ينظر لنفسه على أنه أحسن لاعب بالعالم، كما أن معايير الجائزة غير عادلة.

شرفت من قبل بتمثيل الاعلام المصري مع الاتحاد الدولى لكرة القدم "فيفا" في اختيار أحسن لاعب ضمن فئة الصحفيين خلال الفتة من 2016-2019 ، وكانت تجربة ثرية فى ترشيح اللاعب الأفضل التزاما بالمعايير وليس حسب الأهواء الشخصية أو الانتماءات القبلية وتعرضت لانتقادات شديدة وخطاب كراهية منذ هذا الحين وحتى الآن، لكن مع قرب الإعلان عن القائمة المختصرة من قبل الفيفا ينبغى التوضيح حتى لا نقع في فخ الاتهامات بالعنصرية دون أدلة.

الملاحظ أن المجلة تنشر فى العدد المخصص لتقديم المرشحين قائمة اللاعبين والمعايير المتبعة، وسبق أن حذرنا فى مقال من عدم قراءة هذه المعايير، خاصة وأن الجائزة عريقة بسبب الأسلوب المتبع، وأنه  من غير المنطقي النظر لمستوي لاعب فى نهاية العام دون النظر لانجازات بقية اللاعبين على مستوى العالم، وبالتالى خطورة الشحن الجماهيري فى اتجاه خاطيء تكن النتيجة اتهام المجلة بالعنصرية وعدم عدالة المعايير.
للتأكيد مجددا، الكرة الذهبية يتم تقديمها عن 2021 "عام ميلادى" بينما جائزة "الأفضل" للفيفا عن موسم كروي سابق، ونشرت المجلة القواعد العشر الحاكمة  للجائزة، فهناك اشتراطات  يجب مراعاتها في التصويت، بحيث يتم التصويت على الإنجازات الفردية والجماعية للاعب، وكذلك الموهبة وقواعد اللعب النظيف.

يتم منح 195 صحفي فرصة الاختيار، وغالبا ما يشارك 160 -180 صحفي ، بحيث يقوم باختيار 5 لاعبين من المرشحين بالترتيب، بحيث يحصل الأول على 6 نقاط، الثانى 4 نقاط، الثالث 3 نقاط، والرابع 2 نقطتان، والخامس نقطة واحدة، يحصل على الجائزة من يجمع أكبر عدد من النقاط، فى حالة تساوى أكثر من لاعب في عدد النقاط يتم الاحتكام لمن جاء أولا أكثر، ثم الثانى أكثر، وهكذا حتى القرعة للفصل بينهما، ويفصل مدير تحرير المجلة في أى نزاع يتعلق بالتصويت.

قامت المجلة بنشر ترشيحات اللاعبين في عددها المطبوع مؤخرا، وكذلك على موقعها الإلكتروني، وتوضيح معايير اختيار كل لاعب تم وضعه في قائمة الـ 30 المختارين من إدارة تحرير المجلة، والحقيقة ان التصويت ليس امتحان رياضيات، بحيث يقوم الصحفيين بجمع احصائيات اللاعبين والاختيار من بينهم، وإنما النظر للبطولات والأهداف والحالة التى صنعها اللاعب مع ناديه أو منتخب بلاده فى هذا العام.
مثلا، اعتبرت المجلة فى تقديمها للاعبين الـ 30 أن النرويجي آرلينج هالاند ماكينة أهداف مستمرة ، وسيكون رحيله من بوروسيا دورتموند ضرورى من أجل الفوز بالجوائز الكبري ( أى أن أهدافه الغزيرة لم تشفع له لأنه لم يحقق بها بطولات مع ناديه)، كذلك أكدت أن ترشيح الدنماركي سيمون كيير بعد انقاذ زميله كريستيان إريكسن، وأصبح بطلا لأمة بأكملها، إلى جانب قيادة منتخب بلاده إلى نصف نهائي يورو 2020 ( أى أن هناك نظرة لشيء مميز قام به اللاعب بعيدا عن احصائيات كرة القدم).

وفى تقديمها لمحمد صلاح، أكدت المجلة أنه رغم نتائج ليفربول المخيبة  إلا أن أهداف صلاح فى الفترة من يناير إلى مايو 2021 ساهمت فى منح فريقة 7 نقاط والتأهل لدورى الأبطال، وتعويض سوء أداء الخط الهجومي لكل من روبرتو فيرمينو أو ساديو مانى، إلى جانب سباقه مع هاري كين على لقب هداف الدورى الانجليزي، كما اعتبرت أن الأهداف الثلاثة للجزائرى رياض محرز فى نصف نهائي دورى الأبطال أمام باريس سان جيرمان ساهمت فى تأهل فريقه للنهائي إلى جانب إحرازه الدورى الانجليزي.

أما عن ميسي، أشارت المجلة إلى أنه رغم عدم فوزه بالدورى مع برشلونه لكنه أحرز 17 هدفا خلال  الفترة من منتصف فبراير وحتي منتصف مايو ،  وتمكن أخيرا من الفوز بلقب كوبا أمريكا مع الأرجنتين وهداف البطولة.

فاز الأرجنتينى ليونيل ميسي بالكرة الذهبية السابعة لما قدمه من موسم متميز مع برشلونة قبل انتقاله إلي باريس سان جيرمان الفرنسي، إلى جانب بطولة كوبا أمريكا مع منتخب  بلاده لأول مرة بعد انتقادات عديدة بسبب عدم حصوله مع بلاده على أى لقب، وسيكون مرشحا قويا مع روبرت ليفاندوفيسكي في سباق الأفضل مع الفيفا، ورغم نشر اتجاهات التصويت للصحفيين بمجلة "فرانس فوتبول" حسب كل دولة وكل قارة لاتزال الاتهامات بالعنصرية مستمرة، وأن المجلة لن تمنح لاعب عربي أو مسلم الجائزة، في قراءة غير مهنية بالمرة ولا تنتمى للحقيقة بصلة.  
ورغم تألق محمد صلاح في الموسم الجديد لاتزال الجوائز تقدم عن فترة زمنية مختلفة، ومحاولة البعض اعتبار اسباب مختلفة لمنح الجائزة أمر عار من الصحة، فربما لو ظل محمد صلاح بمصر، لم ولن يكن يتوهج بهذا القدر، خاصة مع الاحترام والتقدير الذي يحصل عليه من الإعلام العالمى، لذا وجب الحذر والتنويه من اتهامات العنصرية غير الصحيحة.