بقلم: هاني دانيال
بعد تحويل المتهمين في حادثة نجع حمادي إلى الجنايات بناء على قرار النائب العام الذي صدر ظهر السبت، وعدم توجيه التهمة إلى أي شخص آخر سواء للتحريض أو للمساعدة، وفي ظل اعتراف المتهم الثالث فقط دون اعتراف المتهمين الأول والثاني، وفي ظل استرجاع تصريحات الداخلية عقب الحادث والربط بين ما حدث في فرشوط واغتصاب مسيحي لطفلة مسلمة، ونفي مسئول أمنى بمجلس الشعب مؤخرًا ربط واقعة نجع حمادي بحادثة فرشوط، أصبح هناك بعض التساؤلات التي تدور في الأذهان حول هذه الحادثة التي ألمت كل مصري يحب هذا الوطن، قبل ان تؤلم أي مسيحي يعيش داخل مصر وخارجها
المشكلة هنا أن تصريحات وزارة الداخلية متضاربة، فهناك من يقول بأن الحادث يرتبط بواقعة فرشوط، وهناك من ينفي ربط الواقعتين ببعضهما، وهناك تصريحات وردت على ألسنة الكثيرين منهم الدكتور فتحى سرور رئيس مجلس الشعب بشأن وجود محرض في حادث نجع حمادى، وهناك من يري أنه لا يوجد أي تحريض وأن الجريمة سياسية وليست جنائية، وهناك من يري أن الحادث دفاعًا عن الشرف، وهناك من يري أن جرائم الثأر والشرف معروفة في الصعيد، ومتعارف عليه كيفية القيام بها، والاعتداء على شباب نجع حمادي لا يمكن أن يدخل في هذا الإطار.

السؤال الذي يقلق الكثيرين، بعد إطلاق النار على أقباط نجع حمادي ليلة عيدهم، والاعتداء بعد ذلك على أقباط بهجورة.. ماذا ننتظر؟
حتى الآن لم نسمع عن تقديم المعتدين في قرية بهجورة للمحاكمة، سمعنا عن اعتقال بعض المواطنين منهم عدد كبير من الشباب، وهناك نشطاء في العمل الحقوقي يقولون إن هناك حالات تعذيب تمارس حاليًا ضد الشباب الذي تم اعتقاله، وهناك خسائر عديدة للأقباط نظير حرق منازلهم وممتلكاتهم ومتاجرهم، ومع ذلك لم نسمع عن أي قرار بشأن ما حدث في بهجورة، ورغم ذهاب وفد من نقابة الصحفيين إلى نجع حمادي، إلا أن هذا الوفد لم يسجل ما حدث في بهجورة، وهناك عشرات الصور التي التقتطها وكالات الأنباء من داخل بهجورة تكشف عن الوضع المتردي بداخلها، وهو ما يبرز غياب الوجود الإعلامي المصري في هذه القرية حتى لا تصل الصورة واضحة إلى الرأي العام المصري، بينما وصلت إلى الرأي العام الغربي والمصريين بالخارج، وهو الأمر الذي يفسر تعاطف الغرب والمصريين بالخارج مع اهلهم بالداخل وعدم إحساس الرأي العام المصري بخطورة الفادحة وإطلاق مزيد من المبررات!

الأمن يفرض مزيدًا من السرية على ما حدث داخل بهجورة، مثلما نجح في تهجير الأقباط من فرشوط على خلفية الاعتدءات التي وقعت عقب القبض على شاب مسيحي متهم في قضية اغتصاب طفلة مسلمة، وهو الأمر الذي أدى إلى تنحية القانون، وترك البلطجية يقومون بما يريدون دون أي مواجههة أمنية، رغم الإدراك الكامل بأن ما قام به هؤلاء ليس دفاعًا عن الشرف والعرض، وإنما بدافع السرقة، والدليل هو سرقة محال ومنازل الأقباط أولاً، ثم حرقها ثانيًا لطمس معالم الجريمة، ومن قبل حدث ذلك في إسنا، ومن قبل في بنها، ومن قبل في أماكن متفرقة كثيرة، وطوال هذه المدة لم يحرك المجتمع ساكنًا إلا بمزيد من التصريحات المهدئة والتى لم تعد نافعة بالشكل الذي ترك صورة سلبية عن مصر والمصريين وخاصة المسلمين منهم، فهل هذا معقول؟!
الصورة بالفعل غير مشرفة ولا يمكن أن نرضى بها، ولا أعرف سبب الصمت الحقوقى والقانوني على ما جرى، وهل إصدار بيانات شجب وإدانة يكفي لإبراز ومعاجلة خطورة الحادث؟، ما الحل لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة؟، كيف نسمع من مواطنين مصريين تعرضوا لمضايقات كثيرة والتهديد بالقتل ولا نسطيع إنقاذهم ومساعدتهم؟
كيف لدولة بها مؤسسات أن تصمت على جريمة قام بها مجموعة من البلطجية في مدينة نجع حمادي ألزمت الأقباط في منازلهم، واضطروا إلى إغلاقها بالأبواب الحديدية، ومع ذلك تم حرق منازلهم بإلقاء عشرات من الكرات النارية، للدرجة التي جعلت المواطنين يحتمون بأسطح منازلهم حتى ينتهي البلطجية من سرقة منازلهم ومتتلكاتهم وحرقها مع تركهم يعيشون أحرار بعد ذلك، فالأقباط فضلوا أن ينجوا بحياتهم وترك مدخراتهم وممتلكاتهم في ظل هذا التراخي الأمني غير المبرر!

ما حدث في نجع حمادي من قتل شباب قبطي أثناء احتفالهم بعيد الميلاد ومعهم شرطي مسلم، وما نتج عنه من اعتداءات على ممتلكات للأقباط في نجع حمادي وبهجورة ومناطق آخرى، واعتقال عشرات الأقباط دون ذنب، وتحويل المتهمين للجنايات، وعدم اعتراف المتهمين الأول والثاني حتى الآن، رغم أن المجتمع ووسائل الاعلام قدم لهم هدية تبرير موقفهم من خلال ربط ما قاموا به وبين ما حدث في فرشوط ، أمر لا يمكن السكوت عليه، ومهما حاول القلم أن يسطر الفاجعة فلن يعرف لأن حجمها يفوق الوصف والخيال، ولكنها كانت ملاحظات بسيطة عقب الأحداث الأخيرة وبعيدًا عن قرار النائب العام الذي يستحق التقدير لسرعة توجهه إلى قلب الأحداث!
تبقى ملحوظة أود الإشارة إليها خاصة وأنه لا يمكن تجاهلها، في إطار الحصر لما حدث من تلفيات بنجع حمادى، وحسب الأرقام المنشورة في الصحف بمختلف توجهاتها، تبين إتلاف أعمدة كهرباء بقيمة 82 ألف جنيه، في حين بلغت كل تلفيات منازل الأقباط في بهجورة ونجع حمادي 71 ألف جنيه فقط!!!