بقلم: هاني دانيال
وحدت الكرة المصريين كما لم توحدهم أمور كثيرة، والكل الآن يلتف حول العلم المصري، يلتف حول مصر الكيان والمكان والزمان، الكل ينتظر نتيجة الاحتجاجات ومشاعر الغضب التي انتابت كل الشعب، الكل ينتظر موقفًا سياسيًا يخمد نيران الغضب التي اندلعت في القلوب، الكل ينتظر استعادة الكرامة الضائعة والتي لم تضيع فقط عقب أحداث مباراة مصر والجزائر أو بسبب الاعتداء على المصريين بالجزائر، وإنما ضاعت عقب الصمت على المهانة التي يتعرض لها المصريين في الخارج وخاصة في دول الخليج وامتهان كرامتهم وعملهم بنظام الكفيل أو السخرة لكي نكون أكثر وضوحًا!.

الكل في مصر غاضب على الاعتداء الهمجي الذي تعرضت له الجماهير المصرية في السودان، والفنانين والإعلاميين يحكون بشكل يومي عما تعرضوا له، وتنفس المصريين الصعداء بعد الاتصالات التليفونية التي أجراها علاء مبارك نجل رئيس الجمهورية والهجوم الشديد على الجماهير الجزائرية المرتزقة التي ذهبت للسودان، بعد أن قال المواطن علاء مبارك ما كان يريده الآخرين أن يقولوه ولكن لم يتمكنوا من ذلك حتى سمعوه وشعروا بأن الإهانة التي تعرض لها المصريين في الماضي لن يصمت عليها أحد بعد اليوم!

المهم هنا يجب أن نوضح أنه رغم مشاعر الغضب التي انتابت المصريين لا يزال الرأي العام العالمي متعاطف مع الجزائريين، ويرى أنهم تعرضوا لوابل من الاعتداءات حينما جاءوا إلى القاهرة قبل مباراة 14 نوفمبر، ورغم بشاعة ما تعرض له المصريين في السودان إلا أن الصحف الأجنبية ووكالات الأنباء العالمية لم تذكر هذه الأنباء سوى بعضها التي اعتبرت ما حدث مجرد مناوشات بين مشجعين، وربما لم يتم تسليط الضوء بعد ذلك سوء قرارات الحكومة المصرية باستدعاء السفير المصري بالجزائر، وهنا شعرت وسائل الإعلام الأجنبية أن هناك أمور لم تكن معلومة للكثيرين!

الاتحاد الدولي لكرة القدم يقترب من فرض عقوبات على مصر بسبب ما حدث من اعتدءات على لاعبي المنتخب الجزائري في القاهرة، وهي عقوبة ستكون مادية وبغرامة كبيرة مع إمكانية أن تقترن بنقل مباريات المنتخب الوطني لمدة معينة خارج ملعبه وربما تنتقل إلى الإسكندرية أو بورسعيد، مع التهديد بتغليظ العقوبة في حال تكرار ما حدث!

ولكن حتى الآن لم نرى خطوة إيجابية تضمن عدم تكرار ما حدث، فمشاعر الحقد تجاه كل ما هو مصري أصبحت معلومة للكافة، والآن الصحف تمتلئ بمقالاات وتقارير تنتقد العروبة والقومية العربية على اعتبار أن مصر قدمت الكثير للدول المجاورة، ومع ذلك شعوب هذه الدول يتهمون المصريين بالغطرسة وإنهم يعايرون إخوانهم العرب بذلك، وأصبحت الشعوب تتفق مع بعضها على شيء واحد وهو كراهية المصريين!

حسنًا فعلت هيفاء وهبي بالاتصال بمعظم القنوات الفضائية للتأكيد على حبها لمصر والمصريين وعدم رضائها عن ما حدث للمصريين في السودان، ونفس الأمر قامت به نانسي عجرم، كما يستحق فتحي عبد الوهاب الثناء والإشادة على لفتته الكريمة في إهداء جائزة أفضل ممثل من مهرجان القاهرة السينمائي للمنتخب المصري وجماهير مصر في السودان وانتقاده لما حدث، ونتمنى أن يكون للفن دورًا أكبر في الفترة المقبلة لما له من تأثير كبير.

الفن لديه قوة، والإعلام لديه قوة، والسياسة لها قوتها، والدبلوماسية لها دورها، والمواقع الإلكترونية لها قوتها، والشباب لديهم حماسهم، والشيوخ لديهم خبراتهم، ولكن كيف نستفيد من الكل لأجل الكل!

ننتظر خطوات سياسية جريئة تعيد للمصريين كرامتهم، نريد أن نرى قوة القيادة السياسية المصرية في هذا المحك، نريد أن نرى موقف صارم يجهض أي محاولة للاعتداء على مصريين بالمستقبل، نريد أن نعيد للمصري كرامته، نريد أن نشعر المصري داخل وطنه وخارجه بأن هناك من يقف بجانبه وأن هناك من يدافع عنه، نريد أن نسمع عن خطوة تؤكد قوة المصريين عملاً وليس قولاً، نريد أن نسمع قريبًا عن إلغاء العمل نظام الكفيل واستعادة المصريين لحريتهم، نريد أن نرى توحد المصريين بكل فئاتهم حول العلم المصري دون النظر للجنس أو الدين، نريد أن نستغل ما حدث صالح مصر، ولا نريد أن ينسى كل ما سبق وينشغل المصريين بأمور حياتهم اليومية ويتم نسيان ما تعرضوا له، نريد أن نسمع ونرى أن الهدف الأسمى للمصريين حاليًا هو مصر أولاً!