أيمن زكى

فى مثل هذا اليوم من سنة 232 ش. (22 مايو سنة 516 م.) تنيح البابا القديس الأنبا يوأنس الثاني البطريرك الثلاثون من باباوات الكرازة المرقسية. بعد نياحة قداسه البابا يوأنس الأول اجتمع الإكليروس والشعب للتشاور معًا كالمعتاد، فوقع اختيارهم على يوأنس الراهب المتوحد الذي نشأ منذ نعومة أظافره على الفضائل المسيحية وتشبعت روحه بتعاليمها مما دفعه إلى أن يهجر العالم ليعيش في صومعة نائية طلبًا للكمال المسيحي. قضى عدة سنوات مقيمًا في دير الغار الذي كان على مقربة من بلبيس بمديرية الشرقية، وكان يُلقب بالحبيس.
 
وقد ذاع صيته حتى بلغ المدن الآهلة بالسكان واجتذبت شهرته العدد الوفير من الناس الذين سارعوا إليه لينالوا بركته وليجدوا عنده العزاء الروحي.
ولما انتقل قداسه البابا يوأنس الاول قصد إليه مندوبو الشعب ليعرضوا عليه كرامة الرياسة العليا في الكرازة المرقسية، وكان يوأنس كسلفه شغوفًا بالعزلة زاهدًا في المظاهر العالمية، إلا أن إجماع الإكليروس والشعب أرغمه على قبول هذه الكرامة العظمى، وبذلك أصبح البابا السكندري الثلاثين  
 
وكان أول ما قام به البابا الجديد بعد رسامته هو كتابة رسالة الشركة إلى أخوته الأساقفة الشرقيين الذين اصطلح معهم سلفاؤه بعد القطيعة التي نجمت عن مجمع خلقيدونية، وكان الأنبا تيموثاوس بطريرك القسطنطينية والأنبا ساويرس أسقف إنطاكية ضمن هؤلاء الأساقفة الذين كتب لهم وجاءه ردهما.
 
وعقب جلوسه على الكرسي المرقسي تلقي رسائل عديدة من رؤساء الأساقفة الأرثوذكس يهنّئوه ويؤيدون الاعتراف بالإيمان الصحيح ويرفضون كل هرطقة، خاصة هرطقات نسطور وأوطيخا وأبوليناريوس، معترفين بوحدة طبيعة السيد المسيح الكلمة المتجسد.
 
ومن مميزات قداسه البابا يوأنس الثاني سهره على رعيته، فلم يتوان عن كتابة الرسائل التي توضّح الإيمان وعلى الأخص الرسائل الفصحية التي كان يعين فيها موعد عيد القيامة المجيدة لبقية الأساقفة، عملًا بقرار مجمع نيقية وجريًا على تقاليد أسلافه. على أن الكتابة والتعليم والإرشاد لم تكن بالعمل الوحيد الذي انصرف إليه هذا البابا الجليل، لانه وجه عنايته الخاصة إلى إعادة بناء الكنائس، التي كان أنصار خلقيدونية قد هدموها أو أصابوها بتصدع وإلى تزويدها بالأواني والملابس الكهنوتية، فازداد تعلق الشعب براعيه الأول حين رأى منه كل هذه العناية ببناء النفوس وبناء بيوت العبادة.
 
بعد أن قضى الأنبا يوأنس الثاني عشر سنوات واحد عشر شهرا وثلاثة وعشرين يوما في قيادة الكنيسة دخل إلى فرح سيدة وتنيح بسلام.
بركه صلاته تكون معنا آمين...
ولإلهنا المجد دائما أبديا امين...