* وهو كتاب يقع فى ما يقرب من ثمانيمائة صفحة. من القطع الكبير.
* صدرت طبعته الأولى عام 1992.
يعتمد فى طرحه على مصدرين: 
د. أمير زخارى
ــ اولهما الكتاب المقدس وبالأكثر سفر أعمال الرسل ومجموعة رسائل القديس بولس إلى الكنائس وإلى تلاميذه، فضلاً عن العديد من النصوص الكتابية فى اسفار أخرى من العهدين القديم والجديد.
ــ وثانيهما كتابات آباء الكنيسة من مختلف العصور خاصة اباء الكنيسة الجامعة قبل الانقسام.
وحتى نلتقى أود أن نقرأ معاً السطور الأخيرة التى اختتم بها الكاتب هذا السفر والتى جاءت تحت عنوان :
 
بولس الرسول وعَالم اليوم
إن "حياة بولس" الرسول التى حازت بأعمالها وأخلاقها برهان حصوله على اتحاد قلبى وروحى وفكرى بالمسيح واختبار وجوده حياً مصلوباً وقائماً من الموت وناظراً من السماء، سجَّلت للعالم بل وسلَّمته باليد كلاً من مسيح التاريخ ومسيح الدهر الآتى، حاضراً حضوراً حيّاً فعَّالاً.
 
فمسيحية بولس التى سلمها لعالم الأمم عَبر الكنيسة بالإنجيل ليست ديانة فكر وكتاب وحسب، أو ديانة ناموس وقانون ونظام وحسب، بل ديانة المسيح الحى الحاضر والقائم، المنظور والمعاش بالروح، صاحب إنجيل القوة، القادر على التغيير الأخلاقى وتجديد الطبيعة وإعطاء النعمة العاملة لملء حياة كل فرد بالفرح والقداسة والعبادة والتقوى العملية.
 
لقد استلم العالم من بولس الرسول مسيحية عملية لها قواعدها، غيَّرته بالفعل وجدَّدت طبيعته، خطَّت فيه بقوة تاريخاً خاصاً بها، تاريخاً من قصص حياتية أخلاقية روحية فائقة، وقصص قداسة وتقوى صادقة وسمو روحى، وقصص كرازة وفداء وأعمال بذل وبطولة واستشهاد، كل ذلك على مستوى الفرد والجماعة والكنيسة فى كل العالم، طبعت شعوباً بأجمعها بروح المسيح، وأعطتها وأعطت العالم معها بالتالى سماتٍ مسيحية تغلغلت فيه كصفات.
 
وهكذا، فإن خبرة بولس الإيمانية فى التصاقه بالمسيح كابن الله الحى، واكتسابه حياته الجديدة منه، والمتحدة به بالروح مع فاعلية النعمة التى صنعت منه أقوى كارز كرز للعالم، هذه الخبرة الإيمانية كانت هى بدء حركة التاريخ المسيحى فى العالم، الذى لا يزال يجمع ويسجل من الأفراد والجماعات والشعوب صوره الحية، حتى أصبح من المستحيل فصل العالم عن تاريخ المسيحية لأنها صارت صورة حية له.
 
حينما ظهر يسوع المسيح وابتدأ استعلان ذاته بقوله "توبوا فقد اقترب منكم ملكوت الله" كان المسيح هو تجسيد هذا الملكوت بعينه، وكان هو تجسيد هذا الاقتراب؛ اقتراب الله ذاته. فقد تقابل آنئذ العالم مع المسيح وجهاً لوجه!! ولكن لم يعرف العالم المسيح وأشاح بوجهه عنه ... فأشاح بوجهه عن الله وهو لا يدرى!!!.
 
وعندما ظهر يسوع المسيح أولاً للتلاميذ، ثم لبولس حيث استعلن ذاته له من السماء بوجهه المشرق من العلاء واستعلن فيه الله، تقابل آنئذ المسيح والله مع بولس وجهاً لوجه، فقبله بولس؛ فتغير إلى تلك الصورة عينها وظل يتغير بالروح من مجد إلى مجد، ومعه يهوديته والأمم التى دُعِىَ لخدمتها. وهكذا دخل العالم بواسطة بولس الرسول وفيه إلى "مقابلة" صادقة مع المسيح والله وقبول وتغييرٍ ومجد، كان بولس يستشعرها جميعاً بكل يقين، اسمعه وهو يخاطب
 
العالم:
"نسعى كسفراء عن المسيح كأن الله يعظ بنا، نطلب عن المسيح: تصالحوا مع الله!" (2كو 20:5).