ارنست ارجانوس جبران

فقاعة هواء ..
اعتقدَتْ يوماً أن تكون شيئاً ..
اعتقدتْ .. أن تصبحَ منطاداً يحلق فى الأجواء ..
ولكن هل للفقاقيع أن تحلم ..
وهل للهواء أن يعلم ..

كيف يطير .. وكيف يحمل السحاب المطير ..
ان لم يكن هناك العليم البصير ..
شيىء محير .. هذا مسيّر وذاك مخير..
هكذا الانسان .. هو أيضاً فقاعه .. كيف من نطفة خُلقت ..

فقاعة هواء ..
أهى .. هواء أم جدار هواء .. سبحان الله ..
من يعلم .. كيف كوّنتْ وكيف كانتْ ..
كيف من ذرّة انتفختْ ..  
فقاعة من هواء  انشطرتْ .. أو من نقطة ماء كُوِّنت ..
فقاعة  تُرى .. وهواء لا يُرى  ..
أينما تسير .. وكيفما تطير ..
تنتفخ ..  تتلاشى ..
لو مستها شعيرات فراشه ..
فقاعة كُوِّنت .. و بعد قليل تنفجر تتلاشى ..

فقاعه ..  
سبحان مغير الأحوال ..
انسان وفقاعه .. وكبرت فقاعة الانسان .. وكبر الانسان ..
هل يستطيع أن يُطَوِّلَ قامتَهُ ذراعاً ..!!
هل يستطيع أن يعيش زماناً .. !!
أصبح انساناً ينتفخ بالمال ..

مُتكلاً على ما قد نال ..
غير عابىء .. بالزوال ..
.. عريانأً مِن بطنِ أمه ..
وعُرياناً يعود الى هناك ..
وعلى الرغم من الحقيقه .. الا أنه ..
مازال يحلم بالتحليق فى الأجواء ..
هل فكّر فى الخالق العاطى .. !!
هل فكّر فى العمل الباقى .. !!

وفى يوم الحساب الآتى .. أم أنه تناسى الى أن يتلاشى ..
كالفقاعة .. تظهر قليلاً ثم تتلاشى ..
هى لا تحلم بالتحليق فى الأجواء .. لأنها فى الأجواء ..
بنت لحظة .. كانت وبنت لحظة تلاشت ..
وذاك الحاكم .. نعم أنت يا حاكم يا سوداني ...
لماذا تتمسك بالعالم الفاني .. !!

لماذا لا تتأمل في تلك الفقاعه .. !!
لماذا لا تتعظ بمبدأ الفقاعه .. !!
تريد أن تصول وتجول .. عبر أجواءٍ سافره .. عبر محيطاتٍ عابره ..
معتبراً نفسكَ أنك الإله الآمِر ..
 بسلطانكَ تسجنُ مَن تشاء ..
تقتل مَن تشاء .. تكنز ما تشاء ..
معتقداً .. أنكَ ستبقى أمَدَ الدهر ..

متناسياً .. الأعلى .. صاحبَ الأمر ..
نعم .. حاكم .. لو طال أو قصر الزمان ..
هو مجرد فقاعه ..
فقاعه يُطاح بها فى الهواء ..
ابن لحظة كان .. وابن لحظة عاش ..
هو مجرد فقاعة قد تستطيع ..
إمتطاء صهوات الأنواء .. الى حين ..

على ظهور أمواج هادره .. الى حين ..
ولكن .. الى أين ذاك الحين ..
مجرد فقاعه ظهرت ثم عاشت  ..
وبعد قليل تلاشت ..
وملوك هذا الزمان ..
حتى ولو أقسموا .. بأغلظ الايمان ..

بانهم سيبقون .. على كراسيهم العاجيه  ..
على عروشهم الذهبيه .. على رءوسهم تيجانٌ ذهبيه ..  
وفى أياديهم صولجانات ذهبيه .. أموال ببذخ وبعيشة هنيه ..
وأموال توهبُ لتدمير البشريه ..
باسم الدين .. العصبيه .. على غرار الوهّابيّه ..
نقول لهم ..  نذكٍّرهم .. قد تؤخذ اليوم نفوسُكم  ..

كم من ملوك قبلكم .. وكم من رؤساءَ قبلكم ..
زالوا .. وزالت عروشُهم العاجيّه .. وصولجاناتهم الذهبيه ..
لأنهم .. أيضاً كانوا فقاقيع هواء ..
ليست بها قطرات ماء ..

نفضوا الاخضر واليابس .. أصبحوا فى صحراءَ .. جرداء ..
هتكوا عروضَ الجميلات .. و سبوا خزائن الخيرات ..
وتسببوا فى  مجاعة ومجاعات .. وحروب باطلاق الطَلقات ..
لمثل هؤلاء .. نقول لهم .. نذكرهم مرة أخرى  ..
انهم مجرد فقاقيع هواء ..  
انتفخت .. وبعد قليل تلاشت ...
فيا ابن آدم  .. اتعظ ..
وأنا معك أتعظ .. لأننى أيضاً ..

مجرد فقاعة هواء ..
فقاعه .. فى عالمنا الفانى ..
ولكن ثقوا .. آمنوا .. بالعالم الثانى ..
هناك يكون الكلام الثانى .. الوضع الثانى ..
مع المسيح هناك الأفضل ... هناك .. تكون الحياة الأبديه ..
فليتنا يا أخى .. ويا أختى  .. و من الآن ومن هذه اللحظه ..
أن نكون مستعدين للحياة الأبديه ..

و مرة أخرى .. نتذكر .. نحن فى هذه الحياة ، مجرد فقاقيع هواء ..
ومرة ثانيه وثالثه وأخيره .. نكرر .. يجب أن نكون مستعدين للحياة الأبديه ..
حيث نكون مع يسوع المسيح  .. فى وطنا الثانى ..
مع المسيح .. ذاك أفضل جداً .. قولوا معي .. آمين ..
آمين ثم آمين ثم آمين ..
ودمتم .. عمكم العجوز الغلبان .. ارنست ارجانوس جبران ..