لم يكن سكالفاري مؤمناً مع أنه كان يفكر كثيراً بمعنى الإيمان، وكان يتساءل دوماً عن وجود الله
محرر الأقباط متحدون
عبر البابا فرنسيس عن ألمه الكبير حيال رحيل الصحفي الإيطالي المخضرم والنائب السابق أوجينيو سكالفاري، مؤسس صحيفة "لاريبوبليكا"، وكتب في رسالة التعزية إنه قريب من أسرة الفقيد وأحبائه وجميع الأشخاص الذين عرفوه وعملوا معه على مدى سنوات طويلة، لافتا إلى أن سكالفاري كان بالنسبة له صديقاً وفياً ومخلصا.

تذكّر البابا فرنسيس اللقاءات التي جمعت الرجلين في مقر إقامته في الفاتيكان، بيت القديسة مارتا، مشيرا إلى أن الراحل أطلعه خلالها على الجهود التي كان يبذلها للتعرف على الحاضر والمستقبل من خلال التأمل في الخبرات، والقراءات الكثيرة التي كان يقوم بها، وكان يبحث دوماً عن معنى الحياة. لم يكن سكالفاري مؤمناً مع أنه كان يفكر كثيراً بمعنى الإيمان، وكان يتساءل دوماً عن وجود الله، وعن الحياة بعد الموت.  وأوضح البابا أن اللقاءات التي جمعته بالراحل كانت مطبوعة بالسرور والزخم، كما أن الوقت معه كان يمر بسرعة كبيرة وكان يتبادل خلاله الرجلان وجهات النظر والآراء والأفكار، ولم تخلُ أيضا من لحظات المرح. وأضاف فرنسيس أن الحوار مع سكالفاري كان يتناول مجموعة من القضايا، المتعلقة بالإيمان والعلمانية، وبالحياة اليومية وبالآفاق الكبيرة الموجودة أمام البشرية اليوم وفي المستقبل، فضلا عن الظلام الذي يشعر به الإنسان في نفسه وعن النور الإلهي الذي يمكن أن ينير مسيرته.

تابع البابا رسالته مشيرا إلى أنه رأى في الصحفي الإيطالي رجلا في غاية الذكاء وكان يتمتع بالقدرة على الإصغاء للشخص الآخر، وكان يبحث بلا كلل عن معنى الأحداث التي عاشها، ولم يتعب قط من البحث عن المعرفة والشهادات التي يمكن أن تغني فهمه للواقع المعاصر. أضاف فرنسيس أن الراحل كان مفكراً منفتحاً على الحياة المعاصرة، كان شجاعاً وشفافا في الحديث عن مخاوفه، ولم يكن يحن إطلاقاً للماضي المجيد، بل كان يتوق إلى المستقبل، تحركه الآمال والتطلعات لعالم أفضل. وكان أيضا متحمساً لمهنة الصحافة ومولعاً بها. وقد ترك بصمة قوية في حياة العديد من الأشخاص، وشق طريقاً يسير عليها كثير من معاونيه.

مضى فرنسيس إلى القول إنه خلال اللقاءات والاتصالات الأولى بينهما، بعد انتخابه حبراً أعظم، عبر له أوجينيو سكالفاري عن تعجبه لاختيار اسم البابا "فرنسيس" وحاول أن يسأل عن الأسباب التي حملته على اتخاذ هذا القرار. وكان أيضا فضولياً جداً، يحب التعرف على طريقة الاهتمام بشؤون الكنيسة الجامعة، وكان يفكر بصوت عالٍ، كما أن المقالات الصحفية التي كان يكتبها سلطت الضوء على التزام الكنيسة في مجال الحوار بين الأديان والحوار المسكوني، بالإضافة إلى الأسرار المتعلقة بالله الذي هو مصدر السلام وينبوع الدرب التي تقود نحو الأخوة الملموسة بين الأشخاص والأمم والشعوب. وكان يصرّ على القيمة المقرّرة بالنسبة للمجتمع والسياسة، قيمة العلاقات الصادقة والمثمرة والمتواصلة بين المؤمنين وغير المؤمنين. وكانت تدهشه القضايا والمسائل اللاهوتية، ومن بينها التصوف في الديانة الكاثوليكية، وكان مندهشاً أيضا بالمقطع الوارد في سفر التكوين الذي يقول إن الله خلق الإنسان على صورته ومثاله، وكان يهتم أيضا بصفات الشعوب التي ستقطن هذا البيت المشترك خلال العقود القادمة.

وختم البابا فرنسيس رسالة التعزية برحيل الصحفي الإيطالي أوجينيو سكالفاري مؤكدا أنه يحفظ في قلبه الذكرى المحبة والثمينة التي تركتها حواراته ولقاءاته مع الراحل، خلال سنوات الحبرية. ولفت إلى أنه يرفع الصلوات إلى الله القدير على نية الفقيد ويسأله أيضا أن يمنح العزاء للأشخاص الذين يبكون رحيله، موكلاً نفسه إلى رحمة الله، كي ينعم بالحياة الأبدية.