كتب - محرر الاقباط متحدون ر.ص 
تحتفل الكنائس القبطية الارثوذكسية، بتذكار استشهاد 49 من شيوخ شيهيت، ففي السادس والعشرين من طوبة، استُشهد تسعة وأربعون قِسيسًا من شيوخ رهبان برية شيهيت، ومَرتينوس رسول الملك وابنه.
 
 وذلك أن الملك ثيئودسيوس الصغير ابن الملك أركاديوس لم يُرزق ولدًا؛ فأرسل إلى شيوخ شيهيت يطلب إليهم أن يسألوا الله لكي يُعطيه ابنًا؛ فكتب إليه القديس إيسيذوروس كتابًا يعرّفه أن الله لم يُرِد أن يكون له نسل يشترك مع أرباب البدع من بعده. فلما قرأ الملك الكتاب شكر الله. 
 
لكن قومًا أشاروا على الملك أن يتزوج امرأة أخرى ليُرزق منها بنسل يرثه من بعده، فأجابهم: إنني لا أفعل شيئًا غير ما أمر به آباء برية شيهيت. ثم أوفد الملك رسولاً اسمه مَرتينوس ليستشير آباء البرية في ذلك.
 
 وكان لمرتينوس ولد اسمه ذيوس اصطحبه للزيارة والتبرك من آباء البرية، فلما وصَلا، وقرأ الآباء كتاب الملك، وكان القديس إيسيذوروس قد تنيح، ذهبوا بالرسول إلى حيث جسد القديس ونادَوا: يا أبانا، قد وصل كتاب من الملك، فبماذا نجاوبه؟ فأجابهم صوت من الجسد الطاهر: ما قلتُه من قبل أقوله الآن: وهو أن الرب لا يرزقه ولدًا يشترك مع أرباب البدع، حتى إن تزوج عشْر نساء. فكتب الآباء كتابًا بذلك إلى الملك. 
 
ولما أراد الرسول العودة، غار البربر على الدير، فوقف راهب شيخ عظيم يقال له أنبا يؤَنِّس ونادى الإخوة: هوذا البربر قد أقبلوا لقتلنا، فمن أراد الاستشهاد فليقف، ومن خاف فليلتجئ إلى القصر. فالتجأ بعضهم إلى القصر، وبقي مع أنبا يؤَنِّس ثمانية وأربعون، فذبحهم البربر جميعًا، وكان مَرتينوس وابنه منزويين في مكان، وتطلع الابن إلى فوق فرأى ملائكة يضعون أكاليل على رؤوس الشيوخ الذين قُتلوا، فقال لأبيه: ها أنا أرى قومًا روحانيين يضعون أكاليل على رؤوس الآباء الشيوخ؛ فأنا ماضٍ لآخذ لي إكليلاً مثلهم. فأجابه أبوه: وأنا أيضًا أذهب معك، يا ابني؛ فعاد الاثنان وظهرا للبربر فقتلوهما. 
 
وبعد رحيل البربر، نزل من القصر الرهبان الباقون وأخذوا الأجساد ووضعوها في مغارة، وصاروا يرتلون ويسبّحون أمامها كل ليلة. وجاء قوم من البتانون وأخذوا جسد أنبا يؤَنِّس وذهبوا به إلى بلدهم، لكن بعد زمان أعاده شيوخ البرية إلى مكانه. وكذلك أتى قوم من الفيوم وسرقوا جسد ذيوس ابن مرتينوس، وعندما وصلوا به إلى بحيرة الفيوم، أعاده ملاك الرب إلى حيث جسد أبيه. وقد أراد الآباء عدة مرات نقل جسد الصبي من جوار أبيه فلم يمكنهم؛ وكانوا كلما نقلوه عاد إلى مكانه. وقد سمِع أحد الآباء في رؤيا الليل من يقول: نحن لم نفترق في الجسد ولا عند المسيح أيضًا، فلماذا تفرقون بين جسدينا؟.
 
ولما ازداد الاضطهاد وتوالت الغارات وأعمال التخريب في البريّة، نقل الآباء الأجساد إلى مغارة بنَوها لهم جوار كنيسة القديس مقاريوس، ثم في زمان أنبا ثيئودسيوس البابا الثالث والثلاثين بنَوا لهم كنيسة. ولما أتى أنبا بنيامين البابا الثامن والثلاثون إلى البرّية، رتب لهم الخامس من أمشير عيدًا لنقل أجسادهم إلى هذه الكنيسة؛ صلاتهم معنا، ولربنا المجد الدائم إلى الأبد. آمين.