بقلم: مايكل دانيال
هل هناك من يتمني ان يعيش في "زنزانة" خمس نجوم!!
ربما يكون هذا السؤال في ذاته غريباً بالنسبة اليكم و لكن ألأجابة عليه و بصدق هي "..نعم" !!
فكم من فقير يتمني السجن ليضمن المأوي و المأكل!!
كانت هذه هي احد الأفكار الرئيسية في العرض المسرحي ".. سجن 5 نجوم" و الذي كان مفاجأة كبيرة بألنسبة لي... 
بدأ العرض بلوحة أستعراضية لمجموعة من الشباب، في رقصة بسيطة ثم توالت المشاهد في ايقاع سريع و صاخب يحمل الطابع الفانتازي و لا تستطيع معه الا ان تحبس انفاسك في انتظار المشهد القادم .. 
 
العرض اشبه بـ كبارية سياسي يحمل الكثير من الأسقاطات الجريئة جدا عن واقع مؤسف يحدث في بلادنا، حيث ان بعض من في السجون، هم من عامة الشعب البسطاء و الشباب الذين لا ذنب لهم تم القبض عليهم دون جرم، و كيف ان ادارة السجون تميز بين مواطن و اخر حيث ان البعض في سجون اشبه بالمنتجعات السياحية!!
 
فـ البطل "سليم المنزلاوي" هو رجل اعمال تم التفاوض معه ليوضع في السجن فقط لتهدئة الراي العام، و لكنه كان الحاكم الفعلي للسجن و متاح له ان يعمل علي اذلال جميع السجناء الأخرين من الفقراء، ثم يخرج بعدها ليكون مرشحاً للرئاسة، بينما "إجلال" و بسبب خطأ من موظف تسجيل المواليد، الذي نسي ان يضع حرف الـ "الالف" في بداية أسمها، اصبحت بالنسبة للحكومة ذكراً يحمل اسم "جلال" ، بل و وضعوها في سجن الرجال ايضا!!
ألاحداث رغم مأساويتها فهي رصد حقيقي و صادق لما يتعرض له المواطنون في مصر، لينتهي الامر بان جميع الشعب في سجن رضوا به، بل و تلخصت كل مطالبهم في ان يتم نقلهم الي السجن الأستثماري لأنه أكثر رفاهية!!
 
النص الذي سطره "ابراهيم الحسيني" جيد جداً و البناء الدرامي ممتاز، و ساعد المخرج "محمد البحيري" في تحويله إلي معادل بصري مبهر علي خشبة المسرح، ليخرج النص في النهاية بصورة رائعة، رغم امكانيات المسرح الفقيرة جداً حيث قٌدم العرض علي مسرح "بيت ثقافة العمال في شبرا الخيمة"!
الديكور بسيط، عبارة عن ستارة سوداء في خلفية المسرح، و بعض البانوهات البسيطة التي تتغير بتغير المشاهد، و شبكة كبري معلقة من السقف من الحبال الغليظة اشبه بخيوط العنكبوت في اسقاط غير معلن الي تلك المافيا من رجال الاعمال الذين ينسجون شباكهم ليمتصوا دماء الفقراء!
كلمات الاغاني جميعها مكتوبة بشكل إنساني عميق و معبرّ جداً و الألحان و التوزيع الموسيقي فائق الروعة و الحساسية، مما يجعلك تتوحد مع ابطال العرض اثناء الاستعراضات كما لو كنت جزء من تلك الملحمة!
 
جاءت "أسماء حرفوش" و هي احد اهم ابطال العرض، في دور إجلال و قدمته بإنسيابية و حرفية منقطعة النظير، كما تألق "اشرف عبد الجواد" في دور سليم المنزلاوي، و جاءت "منال فرج" بشكل جيد جداً في دور نشوي، و هي الصحفية الحرة التي ترفض جميع المغريات و تظل ثابته علي موقفها إلي المنتهي.
اكثر ما اثارني هو تنوع عدد الممثلين و تنوع اعمارهم، حيث ضمّ العرض طاقات تم استغلالها جيداً بدء من سبعة عشر عاماً و صولاً إلي البعض ممن تجاوزوا الخمسين، و دون اخلال بالمشاهد حيث تم توظيف كلِ في مكانه الصحيح، و هو ما يعد أثراء للعرض الذي اتمني ان يتم عرضه علي احد المسارح الكبري مثل "الطليعة" او "الهناجر"... و غيرها لأنه بالفعل يستحق الاشادة.
 
كما أتمني ان تلتفت الدولة إلي المسارح التي تملكها مثل هذا المسرح الذي لا يحتوي علي اجهزة للتكيف و كثير من المراوح معطلة، بل و الادهي ان الكثير من المقاعد المخصصة للمشاهدين مكسورة او في حالة سيئة لا تصلح للأستخدام ألادمي، كما ان وحده الاضاءة بحاجة إلي التحديث.