فتن الشفق القطبي، أو كما يعرف بالأضواء الشمالية، عشاق الفلك لآلاف السنين. لكن هذا الوهج الراقص في خطوط العرض العليا حيّر العلماء منذ قرون عدة بسبب غموض أسبابه.

 
وفي دراسة جديدة، أفاد فريق من علماء الفيزياء بقيادة جامعة أيوا عن أدلة قاطعة على أن أكثر الشفق القطبي تألقا ينتج عن موجات كهرومغناطيسية قوية أثناء العواصف المغناطيسية الأرضية.
 
وهذه الظاهرة، المعروفة باسم موجات ألففين، تسرع الإلكترونات نحو الأرض، ما يتسبب في إنتاج الجسيمات لعرض الضوء الجوي المعتاد.
 
وخلصت الدراسة، التي نُشرت على الإنترنت في 7 يونيو في مجلة Nature Communications، إلى سعي استمر لعقود من الزمن لإثبات الآليات الفيزيائية لتسريع الإلكترونات بواسطة موجات ألففين في ظل ظروف تتوافق مع الغلاف المغناطيسي الشفقي للأرض.
 
وقال غريغ هاوز، الأستاذ المشارك في قسم الفيزياء وعلم الفلك في ولاية أيوا والمؤلف المشارك في الدراسة: "كشفت القياسات أن هذه المجموعة الصغيرة من الإلكترونات تخضع لتسارع طنين بواسطة المجال الكهربائي لموجة ألففين، على غرار راكب الأمواج الذي يمسك بموجة ويتم تسريعها باستمرار مع تحرك راكب الأمواج جنبا إلى جنب مع الموجة".
 
وعرف العلماء أن الجسيمات النشطة التي تنبعث من الشمس، مثل الإلكترونات التي تتسابق بسرعة 45 مليون ميل في الساعة، تترسب على طول خطوط المجال المغناطيسي للأرض في الغلاف الجوي العلوي، حيث تصطدم بالأكسجين وجزيئات النيتروجين، ما يؤدي إلى دفعها في حالة متحمسة. وتسترخي هذه الجزيئات المُثيرة عن طريق إصدار الضوء، منتجة الأشكال الملونة للشفق القطبي.
 
 
ووقع دعم هذه النظرية من خلال بعثات المركبات الفضائية التي وجدت مرارا أن موجات ألففين تنتقل باتجاه الأرض فوق الشفق القطبي، ما يُفترض أنه يسرع الإلكترونات على طول الطريق.
 
وعلى الرغم من أن القياسات الفضائية دعمت النظرية، إلا أن القيود الملازمة لقياسات المركبات الفضائية والصواريخ حالت دون إجراء اختبار نهائي.
 
وتمكن الفيزيائيون من العثور على أدلة مؤكدة في سلسلة من التجارب التي أجريت في جهاز البلازما الكبير (LPD) في مرفق علوم البلازما الأساسي بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، وهو منشأة بحثية تعاونية مدعومة بشكل مشترك من قبل وزارة الطاقة الأمريكية ومؤسسة العلوم الوطنية.
 
ويقول كريغ كليتزينغ، الأستاذ في قسم الفيزياء وعلم الفلك في ولاية أيوا ومؤلف مشارك في الدراسة: "تعود فكرة أن هذه الموجات يمكنها تنشيط الإلكترونات التي تخلق الشفق القطبي إلى أكثر من أربعة عقود، ولكن هذه هي المرة الأولى التي تمكنا فيها من تأكيد نجاحها بشكل قاطع. تتيح لنا هذه التجارب إجراء القياسات الرئيسية التي تُظهر أن قياسات الفضاء ونظرياته تشرح بالفعل الطريقة الرئيسية التي يتم بها تكوين الشفق القطبي".
 
إن ظاهرة "تصفح" الإلكترونات في المجال الكهربائي للموجة هي عملية نظرية تعرف باسم "التخميد لانداو"، اقترحها الفيزيائي الروسي ليف لانداو لأول مرة في عام 1946. ومن خلال المحاكاة العددية والنمذجة الرياضية، أوضح الباحثون أن نتائج تجربتهم اتفقت مع التوقيع المرجح لتخميد لانداو.
 
ويوفر اتفاق التجربة والمحاكاة والنمذجة أول دليل مباشر على أن موجات ألففين يمكن أن تنتج إلكترونات متسارعة، مسببة الشفق، كما يقول تروي كارتر، أستاذ الفيزياء في جامعة كاليفورنيا ومدير معهد علوم وتكنولوجيا البلازما في جامعة كاليفورنيا.