تنحى وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال اللبناني ، شربل وهبة، عن منصبه مقدما طلب إعفائه من مهامه للرئيس ميشال عون، على خلفية تصريحاته على قناة "الحرة". فيما رفضت وزير الدفاع زينة عكر تولي مهام وزارة الخارجية.

 
وكان وهبة قد دخل في مشادة كلامية مع رئيس لجنة العلاقات السعودية الأميركية سليمان الأنصاري أثناء استضافتهما في البرنامج، مما دفع وهبة لترك الاستديو غاضبا قبل أن يعود للحوار مرة أخرى بعد انتهاء فقرة الضيف.
 
وكان مرسوم تعيين الوزيرة زينة عكر وزيرة للخارجية قد أعد في اللحظات الأخيرة إلا أنها رفضت القبول به.
 
وقال وهبة بعد لقائه عون في القصر الرئاسي "في ضوء التطورات الأخيرة والملابسات التي رافقت الحديث الذي أدليت به الى احدى المحطات التلفزيونية وحرصاً مني على عدم استغلال ما صدر للاساءة الى لبنان واللبنانيين، تشرفت بمقابلة فخامة الرئيس وقدمت اليه طلب اعفائي من مهامي ومسؤولياتي كوزير للخارجية".
 
وأثارت تصريحات أدلى بها خلال مقابلة مع قناة الحرة في بيروت، واعتُبرت "مسيئة"، عاصفة من ردود الفعل محلياً وخليجياً، بدأت مع استدعاء الرياض للسفير اللبناني لديها منددة بما وصفته بـ"تطاول على المملكة وشعبها".
 
واتهم وهبة، المحسوب على عون وجرى تعيينه في الحكومة قبل أيام قليلة من استقالتها إثر انفجار مرفأ بيروت الصيف الماضي، دول الخليج بدعم تنظيم الدولة الاسلامية. وقال "أتى الدواعش الذين أحضروهم لنا دول أهل المحبة والصداقة والأخوّة"، فقاطعته الصحافية وسألت "تتحدث عن دول الخليج"؟ فأجابها "لا أريد أن أسمّي، دول المحبة جلبت لنا +الدولة الاسلامية+".
 
وفي خضمّ سجال على الهواء خلال الحلقة مع ضيف سعودي اتهم عون بـ"تسليم" لبنان الى حزب الله، المدعوم من إيران، ذكّر وهبة بجريمة قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في 2018. وسأل "من قتل خاشقجي في اسطنبول؟ الذي قتل خاشقجي في اسطنبول لا يجب أن يتحدث بهذه الطريقة"، ثم أضاف وهو يغادر الاستديو "لن أقبل وأنا في لبنان أن يهينني واحد من أهل البدو".
 
ورغم مسارعة وهبة في اليوم التالي الى الاعتذار وتأكيده أنّ "القصد لم يكن (...) الإساءة إلى اي من الدول أو الشعوب العربية الشقيقة"، وتنديد كل من رئاسة الجمهورية وحكومة تصريف الأعمال ومسوؤلين بمضمون تصريحاته، إلا أن ذلك لم يحل دون عودة التوتر الى العلاقة اللبنانية الخليجية، خصوصاً السعودية.
 
وشابت العلاقات السياسية بين البلدين فتوراً في السنوات الأخيرة، على خلفية تعاظم دور حزب الله، الذي تعتبره الرياض منظمة "إرهابية" تنفذ سياسة إيران خصمها الإقليمي الأبرز.
 
ونددت وزارة الخارجية السعودية في بيان الثلاثاء بشدّة بما تضمنته تصريحات وهبة "من إساءات مشينة تجاه المملكة وشعبها ودول مجلس التعاون الخليجية الشقيقة". وأعلنت استدعاءها السفير اللبناني و"تسليمه مذكرة احتجاج رسمية".
 
واعتبر الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية نايف الحجرف في بيان أن التصريحات "تتنافى مع أبسط الأعراف الدبلوماسية"، مطالبا وهبة "بتقديم اعتذار رسمي لدول مجلس التعاون الخليجي وشعوبها نظير ما بدر منه من اساءات غير مقبولة على الإطلاق".
 
وندّدت كل من الإمارات والبحرين والكويت بتصريحات وهبة وما تضمنته من "اساءات بالغة". وتسلم سفيرا لبنان في ابوظبي والمنامة والقائم باعمال السفارة في الكويت مذكرات احتجاج رسمية.
 
ويأتي هذا التوتر فيما كان لبنان، الغارق في أسوأ أزماته الاقتصادية والمالية، يعيد ترتيب علاقاته السياسية مع دول الخليج، خصوصاً السعودية، ويعوّل على دعمها المالي في المرحلة المقبلة.