كتب – روماني صبري 
ذات يوما واجه عملاق الكوميديا الفنان "عبد الفتاح القصري" تجربة مأساوية، على المسرح الذي لطالما أحبه، حين كان يجسد شخصية  في إحدى المسرحيات مع الفنان الراحل إسماعيل ياسين"، فعلى حين فجأة عرفه  (العمى)، فراح يصرخ قائلا :" اعجز عن الرؤية، لا استطيع رؤية أي شيء"، حتى اعتقد الجمهور ان ما يقوله ضمن أحداث المسرحية، فضج المسرح بضحكات الجمهور، لكن ياسين كان التفت إليه جيدا وأدرك انه لا يمثل بل مرد صراخه وحديثه إلى الألم الذي نزل به لفقدانه البصر، وفي النهاية قرر سحبه إلى كواليس المسرح.
زوجته تنهب ممتلكاته ومن عطف عليه يخونه 
لم تسانده زوجته الرابعة في أزمته الصحية، وكانت تصغره بسنوات كثيرة، بل راحت تطلب الطلاق، وكانت جعلته يوقع على بيع كل ممتلكاته لها، لتتزوج من صبي كان يعطف عليه القصري ويعتبره الابن الذي لم ينجبه، وقد زادت هذه الصدمة إصابته بالاكتئاب.
القصري يزهد الحياة 
بعد هذه التجارب الصعبة عرفه حزنا عظيما، فزهد الحياة، ولم تنتهي المأساة هنا، بل قدم رجال الحكومة لينفذون عملية هدم  للبيت الذي كان يسكن فيه فاضطر إلى أن يقيم بحجرة فقيرة جدا تحت بئر السلم في أحد البيوت الفقيرة في حي الشرابية، وأصيب من الفقر والبرد وعدم الاهتمام بتصلب في الشرايين أثر على مخه وأدى إلى أصابته بفقدان للذاكرة، وجاءت نهايته في مستشفى المبرة، وودع الرجل الحياة في 8 مارس عام 1964، ولم يشارك في جنازته سوى 3 أفراد وأسرته فقط والفنانة نجوى سالم، نعم مات القصري لينفك عن عالم راح يناكده ويناكفه حتى مل منه." 
أحد عمالقة الكوميديا
والقصري ممثل مصري من مواليد 15 ابريل عام 1905،  اشتهر بالأدوار الكوميدية ويعد أحد عمالقة الكوميديا في السينما، والده كان ثريا يعمل في تجارة الذهب، درس بمدرسة "الفرير" الفرنسية - القديس يوسف بالخرنفش - وليس كما أشيع انه أُمي وليس متعلم، ومن فرط حبه بالتمثيل التحق بفرقة عبد الرحمن رشدي ثم فرقة نجيب الريحاني ثم بفرقة إسماعيل ياسين.
القصري يضحي بميراثه من اجل الفن 
لطالما أبدى والده رفضه بعمل ابنه في التمثيل، حتى هدده بالحرمان من الميراث إذا لم يرجع عن تلك الهواية، فما كان منه إلا أن استمر في طريقه مضحيا بنصيبه من تركة أبيه.
 
عرف القصري بقامته القصيرة وشعره الأملس وإحدى عينيه التي أصابها الحول فأصبح نجما كوميديا، بالإضافة إلى طريقته الخاصة في نطق الكلام وارتداء الملابس، ولم يلعب القصري بطولة مطلقة وإنما كان دائماً صديقا للبطل أو بمصطلح السينما دور " السنيد" للبطل.
أنا كلمتي لا يمكن تنزل الأرض ابدا
قدم القصري أدوار المعلم ابن البلد الغير متعلم، ومن أشهر أدواره هو دوره في فيلم ابن حميدو مع الفنان إسماعيل ياسين وأحمد رمزي وزينات صدقي وهند رستم، ولعب دور "المعلم حنفي شيخ الصيادين" وعبارته الشهيرة التي لا زالت باقية حتى الآن، "أنا كلمتي لا يمكن تنزل الأرض ابدا، خلاص هتزل المرة دي"، وجسد دور الزوج المغلوب على أمره أمام زوجته المتنمرة."
 
شارك في عدد من الأفلام مع الفنان إسماعيل ياسين ومنها : "إسماعيل ياسين في مستشفى المجانين" و"ابن حميدو" و"إسماعيل ياسين في متحف الشمع، ولا ينسى له الجمهور دوره المميز في فيلم "سكر هانم"، مع عبد المنعم إبراهيم وكمال الشناوي وحسن فايق وسامية جمال، وجسد شخصية "المعلم شاهين الزلط".
 
وقدم القصري في المسرح : قسمتي، الدلوعة، الشايب لما يدلع، الجنية المصري، 30 يوم في السجن، حسن ومرقص وكوهين، ماحدش واخد منها حاجة.