بقلم : جمال رشدي
جاءتني تلك الرسالة من مريم حنا، "باحثة دكتوراه كلية الزراعة جامعة المنيا" الرسالة تحمل عمق حزين علي حال البحث العلمي في مصر، وأيضًا تتضمن توصيف وتشخيص قوي لما وصل إليه هذا المجال الهام، كلمات بسيطة ومباشرة وهادفة تشير إلي إن هناك حاجز قوي صنعته بيروقراطية الدولة العميقة أمام الباحثين والمبدعين والبارعين في كل المجالات،رسالة قوية تحتاج إلي الاهتمام بها من الجهات المختصة، لأنها توضح الكثير من مسببات تأخرنا في ذلك المجال الهام الذي يعتبر القاطرة التي تسحب كل المجالات إلي التنمية .... إليكم الرسالة 
البحث العلمي في مصر إلي أين؟
تكتب إليكم باحثة مصرية في علوم أمراض النبات في أحدي كليات الزراعة المصرية، حيث إنني علي وشك تقديم خطتي البحثية لمناقشة أطروحات الدكتوراه الخاصة بى وبعد انتهاء البكالوريوس، ومن ثم الماجستير في مجال أهم وأفضل النباتات ذات العائد الاقتصادي الكبير، وهي النباتات الطبية والعطرية التي لا تحظي في مصر بأي اهتمام علي الإطلاق، ويتحكم فيها مجموعة من الشركات محتكرة السوق الداخلي، في حين أننا نصدرها خام وتعود إلينا في صور أدوية بالمليارات، أتسأل سؤالين غاية في الأهمية متى نهتم بالزراعة في مصر وننهض بها، ومتي نهتم بالبحث العلمي ونعطيه الأولوية من إرادتنا السياسية ومواردنا المالية، وأنا الان حاملة لدرجة علمية مميزة لا أجد وظيفة تليق بما تعبت وسهرت لأجله، غير أن مصاريف الدراسات العليا في مصر فوق طاقة الطالب الذي يريد أن يبحث ويجتهد حيث يتكلف أموال طائلة، والباحث لا حول له ولا قوة، فمعامل البحث في كليتي الحبيبة خالية من أي أدوات، ولذلك اشتري أدواتي من مصاريفي الخاصة،ودور الدولة غائب تماماً عن رعاية الباحث ومساندته من الدولة،  فمكتبة القسم لدينا مليئة بالرسائل العلمية المميزة أدخل كل يوم أفتح هذه الرسائل، لأجد تجارب وأبحاث عظيمة تكاد تجعل مصر دولة رائدة في مجال الزراعة، ولكن مصير هذه الرسائل أنها حبيسة الأدراج مليئة بالأتربة تكاد تشكو وتصرخ كيف أن علماء تعبوا بشدة في عملي وأنا الان حبيسة أموت والعلم بداخلي يحتضر، تعلمت تحت يد أساتذة علماء تستمع لأرائهم تشعر أن هناك أمل وان هناك أناس لديهم حلول واقعية لمشكلات الزراعة في مصر.
 
أما عن تعيين حملة الماجستير والدكتوراه إلي أين؟
 
عشرات بل مئات الباحثين الحاصلين علي شهادات الماجستير والدكتوراه يعملون في مجالات اخري " إن وجدوا عمل" لا عائد لهم ولا استفادة بهم في دولة كانت يومًا ما تصدر للعالم كله الحضارة والعلوم، وباليت الدولة تنظر وتدعم هؤلاء الباحثين بتوفر لهم ادني مستويات الوظائف تليق بهم لتستفيد من العلماء الجدد وتشجعهم وأنا الان في مقتبل العمر وريعان الشباب. 
 
ابحث عن وظيفة لا أجد وأذهب للقطاع الخاص الذي ينظر فقط لتجميع الاموال دون ضمان من الدولة لحقوق موظفي القطاع الخاص .
 
لذلك أطلب المسئولين بالنظر الي مصاريف الدراسات العليا بعين الرحمة للطلبة، ولا ننسي إن الشباب هم المستقبل، وبدونهم لن تقوم للدولة قائمة أناشد السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي ووزير التعليم العالي والبحث العلمي بتوظيف حملة الماجستير والدكتوراه للاستفادة من كوادر شابة متخصصة في مجالها.