جورج: عندها القلب ومبتقدرش تتحرك
بوجه يملؤه التجاعيد، وجسد نحيل لا يقوى على الحركة، أرهقه التعب وكٍبر السن، وفي شقة مؤجرة، تعيش الحاجة عزيزة إبراهيم الهابط، البالغة من العمر 83 عاماً، والمقيمة بشارع سعد بن جابر بمنطقة العجيزي، بحي أول طنطا في محافظة الغربية، دون أنيس أو ونيس، ولا أولاد ولا زوج.

فالسيدة التي كانت تعيش في مدينة دسوق بمحافظة كفر الشيخ، تزوجت في طنطا وعاشت حياتها هناك، ورحل زوجها قبل أن ينجبا أطفالاً، فعاشت وحيدة، ورفضت ترك المكان الذي توفي فيه زوجها.

ومع تقدمها في العمر، وعدم استطاعتها المشي أو الوقوف، لم تجد السيدة العجوز، من يقوم على خدمتها، بعدما ربت شباباً وفتيات في الشارع الذي تقيم فيه، سوى جورج عدلي، البالغ من العمر 54 سنة، والذي يعتنق الديانة المسيحية، ويعمل سائق تاكسي، حيث حمل على عاتقه رعاية السيدة العجوز، خاصة بعد وفاة شقيقتها الوحيدة، الحاجة ليلى، «الحاجة عزيزة المُلقبة بأم علي، دي معانا هنا في الشارع من قبل ما اتولد، وربت الكثير من الشباب والفتيات، وسيدة كانت عطوفة على القطط والكلاب والبشر كمان»، هكذا يقول جوروج حديثه لـ«الوطن».


«عزيزة» ترفض العودة لدسوق بعد وفاة زوجها
يقول جورج، «أنا اتولدت لقيت أم علي بتخدم الكل، وعرفت لما بقيت شاب، إن زوجها مات، وكانت دايمًا تعطف على الكل، لكن مع تقدم السن بها، مبقتش تقدر تمشي ولا تعمل لنفسها أكل، تقريباً من حوالي 15 سنة، وأختها ليلى كانت بتيجي من وقت للتاني تخدمها لكنها توفت، فتوليت أنا المهمة من حوالي 10 سنين، بقسم وقتي ما بينها وما بين بيتي وشغلي، عندي بنت في كلية وابنى مخلص دبلوم، وأنا عائل الأسرة».

لم تأمن السيدة العجوز على حياتها مع أحد، ترفض الذهاب للأطباء والعودة إلى جذورها بمدينة دسوق، وتعتبر أن «جورج» هو ابنها الذي لم تنجبه، «بتآمن لي على حياتها، وأنا بخدمها وهي فعلاً أمي، دايماً تقولي أنت ابني اللي مخلفتوش، أنا بأكلها وبشربها وبطبخ ليها، حتى بوديها الحمام وبنضف فرشتها، لكن شقتها غير آدمية، الست عزيزة فعلاً اسم على مسمى، وشرف لأي حد يخدمها، كتير خدمت الناس، ولما تقدم بيها العمر واجب علينا نخدمها، لكن صعبان عليا حالها، والأيد قصيرة والعين بصيرة، بعمل اللي ربنا يقدرني عليه، هي بترفض تروح للأطباء فبجيبهم هنا».

تعاني من أمراض مزمنة وتناشد الدولة ببحث حالتها
يوضح جورج، «الحاجة عزيزة تعاني من أمراض كتير، زي القلب وعندها مرض في العين، وعملت ليها عملية قبل كدة في إحدى العينين، لكن محتاجة عملية في العين الأخرى، ودخلت عليها مرة لقيتها مغمي عليها لأن طبعًا بسيبها وأروح أشوف شغلي وارجع ليها تاني، وفي مرة الكلب عضها كتير في قدمها فجبت ليها الدكتوروبتتعالج لحد دلوقتي، لكن نفسي تتنقل دار رعاية لأن حالتها الصحية في سوء مستمر، ومحتاجة علاج كتير».

يُقسّم الرجل الخمسيني وقته بين رعاية السيدة المٌسنة وبين عمله كسائق تاكسي ورعاية أسرته، «الصبح لازم أروح أنضف غرفتها وأفطرها وأشوف طلباتها، وأخرج لشغلي، وعلى الساعة 12 الضهر أشوف محتاجة أيه واطبخ ليها أكلها علشان الغدا، واغديها وأخرج تاني، وأرجع بعد المغرب أعشيها وأشوف طلباتها، وأروح بيتي، بس بفضل قلقان عليها طوال الليل، بخاف يجرى ليها حاجة، هي مش بتقدر تقوم من السرير، وجيبت ليها تليفون علشان أقدر أتواصل معاها، لكنه باظ، ومش بتعرف تتعامل معاه».

يتمنى الرجل، من وزارة التضامن الاجتماعي، أن تنقل السيدة العجوز لإحدى دور الرعاية أو المسنين، خاصة أنها لاتقوى على الحركة، كما يتمنى علاجها، «الحاجة فادية من دسوق جابتلها مرتبة طبية، بس نفسي وزارة التضامن تنقلها لدار مسنين أو رعاية، ونفسي وزارة الصحة تهتم بيها وتعالجها من الأمراض المزمنة، الست في نهاية عمرها وتشعر بقرب الأجل، لكن لازم نتصرف بسرعة وأنا بناشد الدولة مساعدتها».