كتب – روماني صبري 
تقدم المطران عطا الله حنا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس بالقدس، بالتهاني بمناسبة قرب الاحتفال بعيد الميلاد المجيد، قائلا :" نتوجه بتهنئتنا القلبية لكل أولئك الذين يحتفلون بهذا العيد المبارك سواء كان هذا حسب التقويم الغربي في 25/12 او حسب التقويم الشرقي في 7/1 .
 
وجاءت تصريحاته خلال لقاء إذاعي كالأتي : 
تعددت التقاويم ولكن رسالة العيد واحدة وهي رسالة المحبة التي لا حدود لها والتي نادى بها الفادي المسيح بمولده ومجيئه إلى هذا العالم لكي يعتق البشرية بأسرها من الظلمات وينقلها الى النور .
 
عيد الميلاد هو عيد النور الأتي الينا من السماء لكي يبدد ظلمات هذا العالم وكم نحن بحاجة لهذا النور في عالمنا لكي يرشد الضالين وينير قلوب وعقول من فقدوا البصر والبصيرة وهم ينشرون سموم الكراهية والعنصرية في اكثر من مكان في عالمنا.
 
رسالة الميلاد هي رسالة موجهة لكل انسان ايا كان دينه وايا كان معتقده او خلفيته الثقافية بأن : يا ايها البشر احبوا بعضكم بعضا فخالقكم واحد وكلكم تنتمون الى اسرة بشرية واحدة ولا تقبلوا بأي شكل من الاشكال ان تدخل الضغينة والكراهية والعنصرية والحقد الى قلوبكم .
 
نقوا قلوبكم من كل هذا المظاهر لكي تكون قلوبا نقية صافية مليئة بالمحبة والرحمة ، فالله هو محبة وعندما تغيب المحبة يفقد الانسان انسانيته .
 
في عيد الميلاد نعبر كمسيحيين فلسطينيين عن افتخارنا واعتزازنا بأننا ننتمي الى اقدس بقعة في هذا العالم اختارها الله لكي تتجسد فيها محبة الله للبشر ، فلسطين الارض المقدسة التي اذا ما شاهدتها على الكرة الارضية تكاد لا تُرى بالعين المجردة فهي بقعة صغيرة بمساحتها ولكنها عظيمة برسالتها وقدسيتها وبهائها ، فهي ارض المحبة والاخوة والسلام والتلاقي بين الانسان واخيه الانسان .
 
نفتخر بأننا ننتمي الى اقدم واعرق حضور مسيحي في هذا العالم فكنيستنا هي الكنيسة الام ومن هنا انطلقت البشارة الانجيلية الى مشارق الارض ومغاربها ولعل هذا المثلث الروحي القدس وانطاكية والاسكندرية انما هي المراكز الروحية المسيحية الاصيلة والاصلية والعريقة في هذا المشرق والتي كان لها دور كبير في نشر قيم وروحانية المسيحية الحقة في كل مكان في هذا العالم .
 
فلسطين ارض مقدسة وشعبها شعب مرابط مناضل ومكافح من اجل الحرية واننا اذ نعايد الكنائس المسيحية في مشارق الارض ومغاربها بمناسبة هذا العيد المجيد فإننا نقول لهم لا تنسوا مغارة الميلاد في بيت لحم ولا تنسوا هذه البقعة المقدسة من العالم التي احتضنت هذا الحدث الخلاصي .
 
صلوا من اجل فلسطين فهي بحاجة الى صلواتكم وادعيتكم ، صلوا لكي تتحقق العدالة فيها ويسود السلام الحقيقي الذي يعيد الكرامة الانسانية لمن سُلبت كرامته وحريته وحقوقه .
 
نتمنى منكم ان تلتفتوا الى فلسطين وان تدافعوا عنها وعن شعبها المظلوم فهذا واجب مسيحي.
 
اقول للكنائس المسيحية في كل مكان والتي تحتفي بالميلاد بأنه من واجبكم الروحي والاخلاقي والايماني ان تنادوا بأن تتحقق العدالة في ارض الميلاد هذه العدالة المغيبة حيث ان شعبنا يعاني من المظالم ومن سياسات عنصرية وممارسات لا يمكن ان تبرر بأي شكل من الاشكال .
 
في هذا العيد المبارك نؤكد بأن كنائسنا ومسيحيي بلادنا كانوا وسيبقون دعاة خير وعدل ومحبة ورحمة وسلام ، فنحن نرفض خطاب الكراهية والعنصرية والحقد والطائفية والتكفير ايا كان مصدره وايا كانت الجهة التي تروج له .
 
المسيحيون ليسوا اقلية في وطنهم وفي هذا المشرق كله بل هم ملح وخميرة لهذه الارض ومصدر خير وبركة لهذا المشرق جنبا الى جنب مع شركاءهم في الانتماء الانساني والوطني واعني بذلك اخوتنا المسلمين الذين واياهم نتشاطر الانتماء لهذه الارض ولهذا المشرق ولقضاياه العادلة .
 
لن نستسلم لاي خطاب يبث في صفوفنا وفي مجتمعاتنا وفي اوطاننا ثقافة الكراهية والعنصرية والتشرذم ، ولن يؤثر علينا اي خطاب فيه نوع من الاقصاء او التهميش او الاساءة فنحن مدركون بأن مظاهر سلبية من هذا النوع هي ليست قادرة على ان تنال من حضور كنيستنا ومن بهاء ايماننا ومن الرسالة المسيحية الخالدة التي كانت وستبقى رسالة المحبة التي نادى بها المخلص .
 
الله محبة وهذه هي رسالتنا إلى كل ابناء شعبنا والى كل ابناء هذا المشرق بكافة مكوناتهم الدينية والمذهبية والطائفية ، " احبوا بعضكم بعضا " وقاوموا ثقافة الكراهية والعنصرية التي يسعى اعداء امتنا لادخالها الى مجتمعاتنا بهدف تقسيمنا خدمة لاجندات معادية ومشاريع استعمارية كلنا نعرفها جيدا .
 
كل عام وانتم جميعا بألف خير ونتمنى ان يحمل العام الجديد بوادر الانتصار على جائحة الكورونا وعلى غيرها من الاوبئة الموجودة في عالمنا لا سيما اوبئة الكراهية والعنصرية والاقصاء وعدم احترام خصوصية الاخر ، نتمنى ان تكون حقبة ما بعد الكورونا اكثر انسانية وكما توحد العالم في معاناته من هذا الفيروس اللعين نتمنى ان تتوحد البشرية كلها بعدئذ في الدفاع عن القيم الانسانية والاخلاقية النبيلة وفي الدفاع عن حقوق الإنسان وقضايا العدالة في عالمنا لا سيما في فلسطين الجريحة والمتألمة وفي مدينة القدس المباركة عاصمتنا الروحية والوطنية وحاضنة أهم مقدساتنا .