ماجد سوس
بدَأتْ كل دول العالم إضاءات مبانيها التاريخيّة ومواقعها الشهيرة باللون البرتقالي بعد أن طلبت الأمم المتحدة هذا تعبيراً عن مُحاربة العُنف ضد المرأة معَ اعتبار يوم 25 نوفمبر اليوم الدولي للقضاء على العُنف ضدها. وفي هذا العام وضَعتْ حملة "16 يوماً" تنتهي في يوم 10 ديسمبر وهو اليوم العالمي لحقوق الإنسان، طلبَتْ فيها من دول العالم ومن المُنظمات المُهتمة بتقديم الدعم للوقوف بجانب المرأة ولاسيّما إنّ الأُمم المتحدة رصدتْ اِزدياد العُنف المنزلي ضد المرأة بعد جائِحة كورونا.
 
الكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة قرّرت أنْ تُلبي طلبا الأُمَم المُتّحِدة والمجلس القومي للمرأة حيث أضاءت الكاتدرائيّة المرقسيّة أنوارها باللّون البُرتُقالي وأطلَقَتْ وثيقة توضّح موقِفها المُناهِض لختان الإناث؛ باعتباره شكلًا من أشكال العُنف الموجّه ضد المرأة والفتاة، في إطار الاستراتيجيّة الوطنيّة لمُكافحة العُنف ضد المرأة والاستراتيجيّة الوطنيّة لتمكين المرأة المصريّة 2030.
 
أعلنَتْ الكنيسة أنّ فعاليّات الحملة تشمل ورش عمل ولقاءات تدريبيّة للإكليروس والخدام ، بهدف بناء قدراتهم وتزويدهم بالمعارف والمهارات للتعامل مع قضايا العنف ضد المرأة في المجتمع، ودراسة العوامل الاجتماعيّة والثقافيّة التي تؤدي إلى العُنف ضد المرأة .
 
وقد بدأت الكنيسة حملت توعية في 10 محافظات تحت شِعار "اُتركني كما خلَقني الله" و"أنا إنسانة ولِيَّ كيان ومستحيل أقبل الخِتان"، للإشارة إلى ترك الفتاة دون تشويه جسدي أو نفسى أو بأي شكل من الأشكال المرتبطة بالعنف.
 
وتشمل الأنشطة أيضاً ورش أعمال فنية بقيادة الفتيات أنفسهن، وتصميم مجموعة من الأعمال الفنية الهادفة لمناهضة العنف ضد المرأة، خاصة الموروثات والأمثال الشعبية التي ، للأسف ، تتضمن كلمات تُحِث على العنف ضدها، إلى جانب قيام الكنيسة بتنظيم جلسات دعم نفسى للفتيات والسيدات اللائي يعانين من العنف أو قد عانوا منه في الماضي .
 
يشاء الرب أن يتوافق هذا البرنامج مع احتفال الكنيسة السنوي بالشهر المريمي المسنى شهر كيهك والذي يكرم المرأة في شخص السيدة العذراء مريم ، والكنيسة الواعية في هذا شهر تضع كل قراءتها الليتروجية في قداسات الآحاد عشية وباكر وقداس عن المرأة تكريماً لها. 
 
المسيحية ضد كل أشكال العنف ضد المرأة، فلا يحق للرجل أن يهين امرأته أو يجرح مشاعرها أو يضربها أو يتعالى عليها، فقد ساوى المسيح وكنيسته بينهما في كل شيء ومن البداية المسيحية تؤمن أن الإنسان كائن يتميز بأنه مخلوق على صورة الله ومثاله (تكوين ١ : ٢٧)ولا يمكن أن يهين أحد صورة الله وفي الزواج المسيحي يتساوى الرجل والمرأة في كافة الحقوق والواجبات بلا تمييز وإن وجد تمايز في أدوارهما في الحياة ، حتى أن الرسول بولس طلب أن يتسلط كل منهما على جسد الآخر بالتساوي وحث الرجل أن يحب زوجته كما يحب نفسه وأنه على الجميع أن يعي أنه "ليس عبدٌ ولا حرٌ ، ليس ذكرٌ وأنثى لأنكم جميعا واحد في المسيح يسوع " ( غلاطية 3 : 28 ). بل أن القديس بولس اعتبر عدم الاهتمام بالأسرة، أنكار للأيمان حين قال: " إن كان أحد لا يعتني بخاصته و لا سيما أهل بيته فقد أنكر الأيمان و هو شر من غير المؤمن " (1 تي 5: 8).
 
خلق الله المرأة لتُعين الرجل لذا عليه أن يقوم بصونها وحمايتها والدفاع عنها فهي ابنته، اخته ، أمه وزوجته .
 
أما القديس بطرس الرسول فقد وضع بروتوكولا لتعامل الرجل مع المرأة قائلاٍ: " كذلكم أيها الرجال، كونوا ساكنين بحسب الفطنة مع الإناء النسائي كالأضعف، معطين إياهن كرامة، كالوارثات أيضا معكم نعمة الحياة. والنهاية، كونوا جميعا متحدي الرأي بحس واحد، ذوي محبة أخوية، مشفقين، لطفاء، غير مجازين عن شر بشر أو عن شتيمة بشتيمة، بل بالعكس مباركين، عالمين أنكم لهذا دعيتم لكي ترثوا بركة لأن: من أراد أن يحب الحياة ويرى أياما صالحة، فليكفف لسانه عن الشر وشفتيه أن تتكلما بالمكر" (بطرس الأولى 3: 10).
 
التمايز بين الرجل والمرأة في المسيحية تمايز أدوار وليس تمييزاً يقوم على العنصرية وحتى حينما طلب الكتاب المقدس أن تطيع المرأة زوجها حدد هذا بأن يحبها رجلها في ذات الوقت كما يحب جسده ويقوته بل أكثر من هذا طلبت منه أن يحبها كما أحب المسيح الكنيسة وبذل نفسه حتى الموت لأجلها، فلا يمكن لرجل أن يأخذ نصف الوصية ويترك الآخر فالذي يريد امرأته أن تناديه باحترام كما كانت أمنا سارة تحترم أبونا إبراهيم ، عليه أن يكون إبراهيمً أولاً قبل أن يطالبها أن تكون هي سارة.
 
أحبائي اضيئوا العالم باللون البرتقالي دفاعا عن المرأة المتألمة وقفوا ضد من يزدريها أو يتحرش بها أو يعتدي عليها، فقبل إضاءة الأنوار اضيئوا عقولكم وقلبوكم واتحدوا واعملوا من اجل عالم يحيا بلا عنف ضد المرأة أو الطفل بل وضد الإنسان.