بقلم – روماني صبري
لم يولد أرنولد شوارزنيجر في النمسا وفي فمه ملعقة ذهب، هو الذي أصاب نجاحا عظيما في السينما ورياضة كمال الأجسام وفي السياسة حيث كان اعتلى كرسي حاكم ولاية كاليفورنيا الأمريكية ليصبح حاكمها الثامن والثلاثون، بداية نجاحه الحقيقية حين قرر الانفكاك عن مستقبل يشبه مستقبل الملايين تنفيذا لإرادة أسرته، فحين بلغ الخامسة عشرة، راح يمارس تدريبات الأثقال، وانقضت سنوات تذكر حتى توج بلقب "سيد الكون" وهو في الـ22 من العمر، كما توج بجائزة مستر أولمبيا 7 مرات، له العديد من الكتب والمقالات حول هذه الرياضة، بات ارنولد نموذجا للإصرار والنجاح ، ما جعل الملايين حول العالم  يكنون له اشد الاحترام حتى يومنا هذا، كما بات إيقونة أفلام المخرج الكبير جيمس كاميرون وشارك معه في أفلام " المدمر1"، المدمر2"، أكاذيب حقيقية."

يرى الرجل أن النجاح الحقيقي يكمن في الإرادة وامتلاك رؤية، وقتها فقط سيذهب الإنسان صوب طريق حلمه ليحققه فيعيش بعدها بكيفية ترضيه، حيث انفك عن حياة لم تكن له، رسمها له الآخرون، وفي خطاب تحفيزي يقول شوارزنيجر، ان أهم قاعدة للنجاح هي امتلاك الرؤية، مشددا على  أن الإنسان الذي لا يمتلك رؤية، لن يضع لحياته هدفا، وفي النهاية سيكون شخصا ضائعا يعجز عن تحقيق أي شيء يصب في مصلحته، يقول انه ولد في النمسا عام 1947 ، بعد الحرب العالمية الثانية، وانه لم يحب العيش في النمسا حين كان طفلا، فما الذي أقدم عليه للخروج من البلد ؟.

رسائله التحفيزية
رفضت أن أصبح مزارعا، أو عامل في احد المصانع، وكان أبي يقول لي عليك البقاء في النمسا والعيش كما يعيش الآخرون، نعم كشف لي عن رؤيته، أما أنا فقد رأيت إنني ولدت لأحقق شيء مميز  استثناني، وفي احد الأيام قصدت المدرسة، كان عمري حينذاك 11 عاما، وشاهدت فيلما وثائقيا عرضوه عن أمريكا، فأبصرت المباني المرتفعة ونطاحات السحاب الضخمة، الجسور الكبيرة والطرق السريعة التي تضج بها الولايات، لأقول بعدها في نفسي " هذه هي البلد التي يجب أن أعيش فيها، لا هنا في النمسا وسط المنازل الزراعية الصغيرة.

وفي يوما آخر بعد انتهاء اليوم الدراسي، أبصرت متجر في مدينة جراتس، فدخلته ورحت أتجول بنظري فإذا بي أبصر مجلة لكمال الأجسام وضع على غلافها "ريج بارك"، - لاعب كمال أجسام إنجليزي ورجل أعمال وممثل، كان أول لقب له هو السيد بريطانيا في عام 1949، ثم فاز بجائزة سيد الكون في الأعوام 1951 و 1958 و 1965-.


كنت رأيت بارك على الشاشة الكبيرة وهو يجسد دور هرقل، حينها قلت في نفسي "ياللروعة"، لأكون مثل هذا الرجل بطل كمال أجسام، واعمل في السينما مثله واجني مقابل ذلك ملايين الدولارات، لأكون ثريا، رباه لكم شعرت وقتها بالسعادة كوني أدركت هدفي، ومن هنا امتلكت الرؤية، لذلك لابد أن يعرف البشر هدفهم الحقيقي، مثلما عرفته، حيث أمنت منذ صغري إنني سأكون بطل كمال أجسام، فطرح السؤال كيف أحقق ذلك؟.

 تأبطتني الراحة وأصبحت رائق المزاج، كونني امتلك الهدف والرؤية، فكان كل شيء سهلا، وكان الناس يختصونني وأنا أقوم بالتدريبات في صالات "الجيم" قائلين : نراك تتدرب بجد 6 ساعات في اليوم وأنت مبتسم ، ما الهدف ؟، فتكون إجابتي : امتلك هدفا ووجب علي تحقيقه، والهدف ان أتوج بلقب "ملك الكون" لكمال الأجسام.

كل تمرين قمت به كان يدفعني أكثر لتحقيق الهدف، حتى تستحيل الرؤية إلى حقيقة، كل مجموعة تمارين قمت بها، كل تكرار، وكل وزن حملته قربني من الحلم وتحويله إلى واقع .

حين بلغت الـ20 من العمر، قصدت لندن، وهناك فزت بمسابقة "ملك الكون" لكمال الأجسام، لأصبح اصغر بطل للمسابقة على الإطلاق، ومرد ذلك إلى إنني كنت امتلك هدف.


امتلاكك الهدف والسعي لتحقيقه يجعل حياتك سعيدة، لذلك وجب عليكم تخيل أهداف ترضيكم أي كان ما تفعلونه في الحياة، فغالبية البشر يكرهون وظائفهم في الولايات المتحدة الأمريكية، ولا يختلف الأمر في أوروبا، نعم فالناس لا يحبون ما يقومون به من أعمال حيث تستحيل فيما بعد روتين يقومون به للحصول على قوت يومهم، إذا هم يعملون لكنهم ليسوا سعداء، وحياتهم فقيرة بالمتعة، وارى نفسي محظوظا كونني أدركت مبكرا ما وجب علي فعله، كطالب طب يدرك انه سيكون طبيبا.

كذلك في السياسة، كنت امتلك رؤية واضحة، بأنني سأكون حاكم ولاية  كاليفورنيا الأمريكية، وان هذا آخر ما سأحققه في السياسة، لأنني لم أولد في أمريكا بالتالي من المستحيل الوصول للبيت الأبيض رئيسا، وكوني أصبحت حاكما لخامس اكبر ولاية وخامس اكبر اقتصاد في العالم، مثل لي ذلك اللقب الأسمى.
           
من القواعد الأخرى للنجاح، عدم الإنصات للمشككين، وكان كثيرين  يقولون لي ارنولد أنت ستفشل، وهو ما لم يحدث، من يقول لك "أنت لا تستطيع"، ليكون ردك "كلا استطيع"، قالوا لي ارنولد لن تنجح في السينما بسبب لكنتك، وهو أيضا ما لم يحدث وحققت أفلامي أعلى الإيرادات.

 أصبح فيلم "كونان البربري" رقم واحد في شباك التذاكر عام 1982، وكان قال مدير التصوير، لو لم يكن لدينا جسد مثل ارنولد، لكنا بنينا واحد مثله لنصنع الفيلم !.

بعد الانتهاء من تصوير فيلم "المدمر"، قال المخرج جيمس كاميرون للصحافة، لو لم يكن يمتلك ارنولد تلك اللهجة ويتحدث كأنه آلة، لم يكن لينجح الفيلم ويحقق تلك الشهرة العظيمة، وهو نفس الجسد الذين اعترضوا عليه في الماضي فأصبح احد الأصول لا الالتزامات، نفس اللهجة التي هاجموها، فأصبحت كذلك أيضا.