رغم مرور أكثر من 4 أعوام على محاولة الانقلاب وما تبعها من انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، فإن الوضع القضائي في تركيا لم يتحسن، بل ازداد سوءا، وفقا للشبكة الأوروبية للمجالس القضائية وباحثين.

ووصل الأمر بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى تعطيل قرارات السلطات القضائية، عبر ما يعرف بـ"مجلس القضاة والمدعين العامين".

وقالت الشبكة في تقرير إن "المجلس التركي أصبح مجرد مؤسسة معرقِلة، ولا تؤدي أي دور لدعم استقلال القضاء وسيادة القانون"، وأوضحت أن "الوضع لم يتحسن في تركيا، بل أصبح سيئا للغاية على الصعيد القانوني".

وأضافت الشبكة أن "مجلس القضاة والمدعين العامين لا يهتم بأي إجراء أو قرار من السلطة القضائية".

وأظهرت حادثتان بعينهما مدى تسييس العدالة في تركيا، فقد تدخل أردوغان من أجل الإفراج عن القس الأميركي أندور برونسون ومنحه البراءة بعدما تعرض لضغوط أميركية، بينما أبقى على زعيم حزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دميرتاش رغم وجود قرار قضائي ببطلان أسباب حبسه.

وتعليقا على بيان الشبكة، كتب كمال قارانفيل الذي تم فصله من عمله في السلك القضائي التركي، على موقع "تويتر": "الشبكة الأوروبية للمجالس القضائية تعتبر مجلس القضاة والمدعين العامين التركي مجرد مؤسسة مزعومة".

وتابع: "الشبكة تؤكد أن مجلس القضاة والمدعين العامين التركي لا علاقة له بحماية مبادئ استقلال القضاء وسيادة القانون، لذلك فإن القرارات الصادرة عن المحاكم المعينة من قبل هذا المجلس ليس لها شرعية قانونية".

تقرير ألماني
وفي نهاية أغسطس الماضي، قال تقرير للحكومة الألمانية إن التحقيقات السياسية والإجراءات القضائية تلقي بظلال الشك على استقلال القضاء في تركيا.

وأوضح التقرير الذي رصد حقوق الإنسان في تركيا، وأعده وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، أن "الأصوات المنتقدة لحكومة أنقرة تواجه خطر الملاحقة القضائية والاعتقال".

وقال التقرير أيضا: "رغم إنهاء حالة الطوارئ المفروضة بعد محاولة الانقلاب المزعوم في تركيا عام 2016، فإن الأثر السلبي مستمر على حقوق الإنسان".

وأشار إلى أن "منتقدي الحكومة التركية يواجهون خطر الاعتقال والمحاكمة. التحقيقات والدعاوى القضائية المتعلقة بالسياسة تثير أيضا الشكوك حول استقلال القضاء، وتخلق الانطباع بأنها تخيف المجتمع المدني".

قضاء مسيس
الباحث المصري المتخصص في الشأن التركي محمد حامد، يقول إن التعديلات الدستورية التي تمت في 2017، وسمحت لرئيس الجمهورية بتعيين نصف أعضاء المحكمة الدستورية، ونصف أعضاء مجلس الدولة، جعلت القضاء التركي مسيسا.

وأوضح في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "قضية القس الأميركي أندرو برونسون خير دليل على هذا الأمر، حيث تم الإفراج عنه بعد أن تم الحكم بإدانته، وذلك عقب تدخل الرئيس التركي الذي تعرض لضغوط شديدة من نظيره الأميركي دونالد ترامب وفرضه عقوبات على أنقرة".

وأضاف حامد: "هناك أيضا قضية السياسي الكردي صلاح الدين دميرتاش الرئيس السابق لحزب الشعوب الديمقراطي، الذي يقبع في السجن بتهم واهية منذ عدة سنوات، وكذلك المحاكمات الصورية التي يتعرض لها أنصار حركة الخدمة (حركة غولن)".

وأشار إلى أن التقارير الأوروبية حول حقوق الإنسان في تركيا تتحدث حول تراجع دولة القانون، في ظل سيطرة الحكومة على السلك القضائي بشكل كامل ومحاصرة أدوار المحامين، و"كل الشواهد تدل على أن القضاء التركي أصبح في قبضة حزب العدالة والتنمية الحاكم بشكل كلي".

نظام سلطوي
ويتفق معه الباحث المصري المتخصص في الشأن التركي كرم سعيد، الذي قال إن الأتراك أصبحوا يعانون نظاما سلطويا، حيث "تم التضييق على الحريات وإغلاق المجال العام، مع سيطرة الحكومة على النظام القضائي وتطهيره من المعارضين لأردوغان، وهو ما ظهر في تعديلات مجلس الدولة، الأمر الذي جرى بناء على التعديلات الدستورية الأخيرة".

وتابع سعيد لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "هذا التقرير الأوروبي ليس الأول من نوعه بل سبقته تقارير أخرى، لعل أبرزها الصادر عن المفوضية الأوروبية لحقوق الإنسان الذي وجه انتقادات حادة لأوضاع حقوق الإنسان في تركيا، والتضييق على الأصوات المعارضة وتكميم الأفواه وإغلاق الصحف والقنوات التلفزيونية".