عصام عاشور

المجتمع الأمريكى هو مجتمع الأحلام أو هكذا أراد له مؤسسوه – فهو قام أساساً على أنه حلم المهاجرين، فهو المجتمع الذى يمكن أن تهاجر إليه لتحقق ذاتك وحلمك، بل قد يصل بك الطموح كى تحلم أن تكون رئيساً لهذا المجتمع، أو حتى أن يكون إبنك أو أحد أحفادك هو الرئيس.

 

إلا أن هذا الحلم قد تحطم أو على الأقل تجمد لفترات طويلة من التاريخ الأمريكى، حيث يقوم النظام منذ الآباء المؤسسين على تعقد الرئاسة لشخص أمريكى أبيض من أصول أنجلوساكسونية ، تابع للكنيسة البروتستانية             Wasp وفى الأغلب الأعم يأتى من إحدى مؤسسات الصناعة أو المال أو المؤسسة العسكرية.

 

وفى 1960 سافر الكينى المسلم حسين أوباما إلى هاواى ليلتحق بجامعتها، وتزوج من دنهام الأمريكية البيضاء، لينجبا فى 1961 باراك ثم سريعاً ما ينفصلان، وتتزوج دنهام من مهندس أندونيسى مسلم شيعى، لتنتقل وطفلها للعيش فى بلده، ليعيش باراك من سن الثالثة حتى العاشرة هناك، ويعود بعدها الصبى لأمريكا ليكمل جداه لأمه تربيته، حتى يجسد فى النهاية الحلم الأمريكى الرومانسى كشاب أمريكى أفريقى، متواضع، لماح، متوهج الذكاء فى غير كبرياء، جذاب، ذو حديث أثر للقلوب والعقول، فكان هو الحلم فى تغيير معادلة ال            Wasp خاصة أن هذه المعادلة أخفقت فى النهاية وعلى يد المحافظين الجدد، وأدت إلى إنهيار مجمل أحلام الشباب والأقليات والملونيين وغيرهم، وقد بدأت أولى مراحل الإنهيار فى ولاية الجمهورى ريجان فقد توحشت الرأسمالية منذ عهده.

 

وقد رأى الأمريكان فى هذا الشاب أن فى مقدوره أن يجدد الحلم الأمريكى الذى إنهار تماماً فى ولاية بوش الإبن.

 

وإذا كان العرب والأفارقة بل مجمل الشرق الأوسط قد تفاءلوا خيراً بنجاح أوباما – فعلى الجميع أن يعود للمقولة الشهيرة لمكرم عبيد (السياسة والعدالة لا يتفقان)، فالسياسة مبنية على تحقيق المصلحة، أما العدل فهو قائم على إحقاق الحق. 

 

فأوباما قد نجح لتحقيق المصالح الأمريكية والتى قد لا تتفق مع العدل الذى تنشده هذه الشعوب ونحن منها. إلا أننى أتفق مع قدر من هذا التفاءل على أساس أن تحقيق المصالح السياسية الأمريكية على يد أوباما قد أو غالباً لن يتم بالأسلوب الهمجى المتعجرف لإدارة بوش الإبن.