بقلم / نجيب محفوظ نجيب .
أرسلت الشمس أشعتها الذهبية ... و بدأ النسيم يهمس همسا ساحرا... و أستيقظت الطيور و أخذ صوتها يعلو معلنا ميلاد يوما جديدا ... أما هى فأستقبلت يومها بإبتسامتها التى لا تفارق وجهها أبدا ... و مضت فى طريقها مقتربة من إحدى الأشجار... رفعت عينيها إلى السماء لمدة دقائق ... ثم جثت على ركبتيها ... و بدأت تقرأ فى كتاب ... و بعد مرور بعض الوقت جلست و أستراحت و أخذت تقرأ فى كتاب آخر ...
 
و ما أن أنتهت من القراءة حتى أمسكت بالناى و بدأت تعزف لحنا شجيا ...
 
أقتربت منها الطيور و أحاطت بها ... سكتت أصواتها و كأنها ترفض أن تغرد لكى تنصت إلى نغمات الناى الساحرة ... و عندما توسطت الشمس السماء...غادرت المكان متوجهة إلى أحد المنازل ... تقرع الباب بإحدى يديها ... و فى اليد الأخرى سلة يوجد بها طعام... فأستقبلتها سيدة عجوز... أعطت لها سلة الطعام ... و أمضت معها بعض الوقت بدون أن تنطق كلمة واحدة... و رحلت كما جاءت فى هدوء و صمت...ليس لأنها تؤثر الصمت ...و لكن لأنها لا تتكلم ... فهى خرساء ... و لكن صمتها كان أعمق و أبلغ من أى الكلام ...