محمد حسين يونس
طبيعة الحياة أن تعيش كائنات علي إفناء كائنات أخرى، ان لم يكن هذا واضحا تأمل الطعام الموجود علي مائدتك أثناء تناول اى وجبة من وجبات اليوم، نحن نأكل الخضروات، الحشائش، القمح، السمك، الطيور، اللحوم، الفاكهة ، ونستولي علي إنتاج كائنات اخرى كالعسل، البيض، واللبن 
 
نحن نقاوم الذباب، البعوض ،النمل، الجراد بالمبيدات وكلها كائنات حية ونطارد الفئران، القطط ، الكلاب المتواجدة في الشارع دون صاحب وهي كائنات، وندمر البكتيريا والجراثيم بالمطهرات و المضادات الحيوية رغم انها أيضا كائنات .
 
فلماذا نعجب عندما كان البشر يأكلون بعضهم بعضا!! 
 
أو نندهش عندما نكتشف أن مجموعة منا تخطط لافناء جنس ، قومية، أو أبناء طائفة مخالفة !! 
انها طبيعة الحياة أن يدمر القوي اذا استطاع دون رادع  ..ما عداه ، انها الوحشية التي فطرت عليها الحياة وهي القانون الذى يحكم وجودنا.
المراة  عندما كانت مسيطرة علي القبيلة في يوم ما همشت الرجل فلماذا نعجب من انه يضع العراقيل أمام تقدمها اليوم ليوقف نموها و يظل مسيطرا!! 
الابيض استعبد الاسود و الاصفر وهو يصر علي ان تبقي العلاقة بينهما علاقة التابع بالسيد  حتي زمن ( ترمب )  فلما نعجب عندما بنتصر الملونين لبايدن . 
 
الاغلبية تضطهد الاقلية والغني يتحكم في الفقير والبوليس يعذب الشعب ، والبلطجية ترهب كل من يتصدى لها انهم جميعا بشر قادمون لتوهم من غابات التخلف و البربرية .
 
تاريخ الانسان هو في حقيقته تاريخ الإفناء و تجنب الإفناء، وذلك بابتكار و امتلاك و تخزين أسلحة هجومية و أخرى دفاعية ، السهم، الرمح ، والسيف ...في مواجهة الدرع والخوذة و التحصينات 
 
 المدفع، ومدفع ابعد مدى .. الدبابة و الالغام .. الطائرة و الردار و الصواريخ، الرغبه في تدمير الآخر و الخوف من التدمير، 
 
الحرب هي الدافع الرئيسي للاختراع وهي الباب  الملكي لتطور الاسلحة و مضاداتها 
 
ومن خلالها عرف الانسان السيارة، الطائرة، الصاروخ و تفنن في زيادة سرعة معداته علي الارض أو فوق وتحت الماء أو في الهواء أو السياحة في الفضاء 
 
تكنولوجيا الافناء و الاتقاء منه تطورت بشكل واسع بعد تفجير قنبلتين ذريتين فوق هيروشيما و نجازاكي، فالقنبله التي تم استخدامها أصبحت لعب اطفال بجوار الاجيال التالية من اسلحة الدمار الشامل، 
 
ووسائل النقل أصبحت أسرع و أدق كما ان أساليب الانذار منها وحرفها عن الهدف تطورت مع اكتشاف ما للموجات اللاسلكية من قدرات سحرية في نقل الصوت و الصوره أقرب للمعجزات، 
 
العالم في سباق لاختراع أدوات الفناء وفي نفس الوقت تأمين معدات الانذار و التشويش لافشال فاعلية اسلحة العدو ثم رد الصاع صاعين.
توازن القوى الذى حدث بسبب تطور أسلحة الردع و الردع المضاد هو الذى منع ملاك الصواريخ من تكرار ما فعلوة أثناء غزو العراق و إطلاق نيرانهم من أمريكا لتصيب اهدافها في بغداد، 
 
ومع ذلك لازال الاقوى يدمر الاضعف في ليبيا و افغانستان و اليمن و سوريا و الحبشة .. و شرق أسيا 
 
امتلاك تكنولوجيا الهجوم الحديثة يحتاج الي علم و علماء ..الي جامعات متقدمة و أبحاث الي معمل و مصنع الي صبر وخيال الي تجارب وتطبيق و تطوير الي مراعاة الجودة و الدقة والقدرة علي التخطيط و تنفيذ ما تم تخطيطه ..
 
خبرة متراكمة تتصاعد باستمرار إفتقدها هؤلاء الذين يقطعون الرقاب والأطراف بالسيوف وهم يهللون بالله أكبر ، او يفجرون أنفسهم بين مدنيين ودعاء وهم يحلمون بحور العين في الجنة 
 
الانسان فى رحلة تطوره من الاريكتوس الساعى طول اليوم باحثا عما يسد به رمقه من جذور أو أعشاب مدافعا عن نفسه ضد عدوان الوحوش والحشرات وكائنات الغابة الأثيرية،
 
الى ذلك العالِم الذى يضع سيناريوهات مواجهة الكائنات الفضائية فى حالة غزو الأرض مستخدما حزام الكويكبات فى إطلاق صواريخ أشعة الليزر على الأساطيل المغيرة .. 
 
كون لنفسه عبر تاريخه الطويل نسقا إجتماعيا وأخلاقيا هذبه وأنسنه وميزه عن وحوش الغابة وجعله عارفا بنبل سيادة قيم السلام واحترام حقوق الانسان والتوافق مع البيئة .
 
التطور الأخلاقى والقيمى للبشر لم يواكب سرعة التطور العلمى والتكنولوجيا ( عسكرى أو سلمى )
 فالانسان الذى يبتعد يوما بعد يوم عما كان عليه الجدود او حتى الآباء ويحقق النجاحات العلمية والصناعية المتتالية ، لم تتطور قيمه وأخلاقه كثيرا عن ذلك الذى عاش على الأرض منذ ثلاثة آلاف سنة، 
 
مازال الانسان يطرح نفس الأسئلة الميتافيزيقية التى حيرته عن الوجود والحياة والموت ولا يجد الا نفس الاجابات عن الاله بارئ نفسه المسيطر على الكون والمحرك له والراعى لكل الكائنات مانحا الرزق لها، والذى كرم البشر بالوعى وعلمهم الفارق بين الخير والشر ليحاسبوا فيكون للأشرار العذاب وللأخيار النعيم.
 
 الدين كوسيلة تهذيب وردع للرغبات التى ورثها الانسان عن الطبيعة بالعدوان على الكائنات الأخرى بما فى ذلك من يخالفه من البشر لم يتغير منذ ثلاثة آلاف عام الا فى الشكل.. أما الجوهر فواحد .. لا تسأل .. كن مطيعا مهذبا واستمع.
 
هل الانسان مازال في حاجة الي ملاكين أحدهما علي يمينه و الاخر يعد السيئات علي يساره !!  حتي يفعل الصواب و يتجنب المعاصي ..هل يحتاج لمن يراقب سلوكه لمجازاته علي الطيب منها ومعاقبته اذا ما أطاع طبيعته وصار عدوانيا علي جاره أو عاشر أنثي أعجبته مثله في ذلك مثل باقي الكائنات حوله التي تتكاثر دون مشاكل !!.
 
تهذيب البشر و ضبط سلوكهم كان دائما وظيفة السحرة فالكهنة ثم إنتقل في العصر الحديث للفلاسفة و الحقوقيون الذين بُني علي رؤيتهم القانون والعقد الاجتماعي بين افراد المجتمع، 
 
الانسان في زمن البداية كان يحكمه بجوار الخوف الجهل عندما كان يلجأ لكبار السن لم يكن يجد الا السحر ثم الاسطورة، إنسان العصور الباكرة كان يقتات علي ما يقصه ساحر الجماعة من معجزات خارقه قام بها الاجداد الطيبين أو الاشرار، وكان يتقي شر اعمال العدوان بطقوس سحرية تتطلب التضحية بكائن حي، لقد كان الدم هو الوسيلة البدائية للخلاص ..وكان الخضوع هو الباب المؤدى للنجاة ..
 
تطور الاديان ليس موضوعنا الان و ان كان من المفيد الاشارة الي تلك الكائنات غير المرئية العديدة التي كان البشر يؤمنون بقدرتها علي السيطرة علي مقدراتهم الانية و المستقبلية ، 
 
التنبوء كان و لا زال المحرك لتصرفات العديد من البشر الطيبين الذين يتعجلون رؤية ما سيجلبه الغد ،
 
 الالهة العديدة التي آمن بها البشر بدأت في الانكماش، لقد كان لكل قرية اله و كان سكان القرية عندما يغيرون علي قرية مجاورة و ينتصرون فمعني هذا ان رب المنتصر هو الاعلي و النافي للرب المهزوم قومه ..
 
مع مرور الايام اصبح هناك اله مسيطر هو الاكبر عند قومه و الباقين في خدمة ملكوته، 
هل استطاعت لالهة العديدة و الاله المسيطر   أن يغيروا من طبيعة البشر و يهذبونها 
 ( لأ ) لقد استمرت الحروب و الغزوات و افناء الاخر .. و تجبر الحاكم القوى علي المحكوم المستسلم ...هي السمة الغالبة لسلوك الانسان 
حتي عرفت البشرية الفلسفة.
 
في زمن قريب (مقارنة برحلة الانسان التي استغرقت عشرات الالاف من السنين )عرف البشرمن الفلسفة الاجابة (علي ما حيرهم من مشكلات اخلاقيه) في اطار المحافظة علي التناغم مع الطبيعة و احترام البيئة بما تحتويه من جبال ووديان و انهار فوق الارض ومن كنوز وخامات تحت الارض ..
التناغم مع البيئة جعل من النبات و الحيوان شركاء حياة علي الانسان الاكثر ادراكا المحافظة عليها .. 
 
لحن التكامل الذى عرفه الانسان الحديث شمل تعساء الحظ من البشر الذين توقف نموهم الحضارى عند مراحل البداية لمساعدتهم علي ان يتخلصوا من طبيعتهم كقتلة بالفطرة موغلين في الدم و التار و الاغارة علي المسالمين الناشطين العاملين علي تجميد قانون الافناء الاذلي والتعايش مع مجتمع قبول الاخر بدلا من نفيه .
 
الفلسفه ساوت بين البشر و أمنَت لكل منهم الحق في ان يعيش آمن يتمتع بفرص متساوية 
 
ومع ذلك فالغالبية العظمي من البشر لا زالت لم تتزحزح قيد انملة عن معطيات بدائية ثلاثة الاف سنة ماضية متجاهلين منجزات العلم الحديث و تفسيراته للكون وحركة الكواكب مصرين علي ان ما يعلونا سماء وماء و ان الارض مركزا للكون وان المياه غطتها و ابادت كل الكائنات وان الهة قدماء المصريين الصغرى قد تخفت في أثواب ملائكة و شياطين تحبس في المواسم و الأعياد .
 
المهندس الصديق عصام عوض .. بعد أن تتبع بعض من بوستاتي  يقول أن حديثي يميل إلي أن يكون علمانيا ..مناهضا.. للأديان .
  و عندما قلت له أن العلمانية ليست ضد الدين .. بل من المفترض أن تدافع عن حق الإنسان في أن يمتلك دينة بحرية .. و يزاول طقوسة  بسلام دون  ضغوط و موانع .. لم يتفق معي علي هذا ..
 
و لكن تبقي أنني أحترم ( توجيهه لي) كما أحترم جميع العقائد و الفلسفات و الأديان .. و أرى أن الحوار الحر  بيننا  خير من القهر  و الإملاء و إفناء الأخر و الإضرار بمصالحه... وأن العلم .. خير دليل .. لوقف عدوان الإنسان علي نوعة و كوكبه