كتب – روماني صبري 
اجتمع المطران عطا الله حنا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس بالقدس، مع وفدا  من أبناء الرعية الأرثوذكسية في مدينة الناصرة، وشهد اليوم توجيهه رسالة محبة وأخوة وسلام الى سائر ابناء الناصرة مدينة البشارة مرحبا بزيارة الوفد الذي يأتي الى المدينة المقدسة في ظل هذه الإجراءات الاحترازية والوقائية بسبب جائحة كورونا، وجاءت تصريحاته كالأتي : 
 
هذه الجائحة التي نمر بها انما هي امتحان لكل واحد منا وفي الامتحان يكرم المرء او يهان، ان فترة الوباء انما هي محطة غير مسبوقة في تاريخنا فلم نمر بحقبة مثل هذه التي نمر بها على الاطلاق ولذلك فإنني أتمنى من أبناءنا الذين فرض عليهم الحجر في منازلهم اما بسبب الإصابة او بسبب الوقاية بأن يستغلوا هذه الاوقات من اجل تعزيز وتقوية علاقتهم بربهم هذه العلاقة التي لربما مرت بفترة فتور روحي ولكن أتت الكورونا بكل سيئاتها لكي تذكرنا جميعا بضرورة ان نعود الى الاحضان الالهية وان نتوب عن خطايانا وان نجعل من فترة الاغلاقات الإلزامية فترة لتعزيز العلاقات الأسرية وقراءة الكتاب المقدس وعيش الحياة الروحية بأبهى صورها .
 
الكثيرون من المسيحيين في بلادنا بدأوا يشعرون بالخوف على مستقبلهم وهم يتساءلون الى اين نحن ماضون فمشكلتنا ليست مع الكورونا فحسب بل ايضا الاوضاع الاجتماعية والمعيشية وما نسمعه في بعض الاحيان من خطاب اقصائي يحث على الكراهية والتطرف والعنصرية .
 
أذكركم أيها الأحباء بأن المحبة في المسيحية تعني التضحية فما دمنا مسيحيين نؤمن بالإنجيل ورسالة المسيحية في عالمنا لا بد لنا ان نضحي وان نحتمل كافة الصعاب والعثرات والتحديات وذلك بروح الحكمة والتواضع التي تعلمنا بها الكنيسة المقدسة.
 
لا نقابل الشتيمة بالشتيمة والكراهية بالكراهية مستذكرين القول الانجيلي " طوبى لكم إذا عيروكم وطردوكم وقالوا عليكم كل كلمة شريرة من اجلي كاذبين، افرحوا وتهللوا، لانّ أجركم عظيم في السماوات فانهم هكذا طردوا الانبياء الذين قبلكم" (انجيل متى 5: 3 – 12)
 
هنالك من يشهرون بنا ويسيئون الينا ويشتموننا ويتطاولون على رموزنا الدينية ونحن بدورنا ليس مطلوبا منا ان ندافع عن رموزنا الدينية بنفس الاسلوب لان هذا بعيد عن قيمنا وادبياتنا المسيحية ، لا بل نحن ندعو من اجل اعداءنا المسيئين لايماننا والمتطاولين على رموزنا الدينية بأن ينير الرب الاله قلوبهم وعقولهم لكي يعودوا الى رشدهم .
 
مهما أهانوا الصليب المقدس فسيبقى مرفوعا فوق هاماتنا وفوق قبب كنائسنا وفي كل أماكن تواجدنا لأنه رمز الفداء والتضحية والخلاص ، فإذا ما كان الصليب مستفزا للبعض فهو بالنسبة الينا مصدر فخر واعتزاز ورمز من رموز المسيحية الحقة التي ننتمي اليها .
 
وكما اننا نرفض الإساءة للمسيحية ورموزها فإننا نرفض ايضا الاساءة لكل الديانات الاخرى ولكل انسان نتشاطر واياه الانتماء الإنساني والوطني.
 
اخوتنا المسلمون هم اخوة بالنسبة الينا بكل ما تعنيه الكلمة من معاني والاختلاف في الايمان والعقيدة لا يفسد المحبة والاخوة التي كانت ويجب ان تبقى قائمة فيما بيننا ، ومن يتطاول ويسيء الى اخوتنا المسلمين انما يسيء الينا جميعا فنحن نعتقد بأننا كنا وسنبقى عائلة واحدة في هذه الديار ولا يجوز ان نقبل بأن تتغلغل ثقافة الكراهية والطائفية الى مجتمعنا من قبل جهات واشخاص مرتبطين بأجندات ومصالح مختلفة ومتنوعة ، فلتكن معنوياتكم عالية وايمانكم قوي و يجب ان نعيش الرجاء في زمن الوباء وفي كل الازمنة والصعاب وايماننا هو الذي يقوينا ويعزينا في كل مرحلة صعبة من حياتنا .
 
نفتخر بانتماءنا لهذه الارض المقدسة ولشعبنا المناضل من اجل الحرية والذي قضيته هي قضيتنا جميعا وهي قضية كل انسان حر في هذا العالم ، وستبقى رسالتنا من رحاب مدينة القدس رسالة محبة لا حدود لها ورسالة اخوة مع كل شركاءنا في الانتماء الإنساني والوطني الذين واياهم نشكل الاسرة الواحدة والعائلة الواحدة في هذه المدينة المقدسة كما وفي سائر أنحاء هذه البقعة المباركة من العالم .