بقلم جورج حبيب    ( سيدني-استراليا )
 
 لا شك اننا الان في عصر المشاكل-وقد زادت حدتها هذه الايام نتيجة عوامل عديده-ولم تعد الاسرة يساندها عنصر الاستقرار ويلتفها الحب كما كانت قبلا-حيث كان الرباط الاسري قويا-والزوج والزوجه نسيج واحد يتحدي احلك واقوي الازمات-لكن الان اصبح الرباط الاسري متهالكا ضعيفا ومناعته قليلة عن مواجهة اضعف الازمات-ولعلنا نذكر بعض اسباب ذلك وليس كل الاسباب-فلكل اسرة ظروفها وايضا نوعية وثقافة وتربية طرفي الاسرة-ولا شك انها متباينة من اسرة لاخري :
 
1- الضغط المادي : حيث ارتفعت الاسعار الي شكل مخيف-واصبح عملا واحدا لا يكفي لسداد الاحتياجات المتزايده يوما فيوم
2-زادت ساعت العمل والي وقت متاخر من الليل للحصول علي المال اللازم لسد الاحتياجات
3- زادت وتنوعت الاحتياجات والتي لم تكن معروفة قبلا -فنحن في عصر التيك واي والشامبو والنسكافيه والبرجر-وغيره مما تستهلك اموالا وتحتاج ميزانيه  لها-وكل هذا لم يكن موجودا قبلا-حيث كل احتياجات الاسرة كانت تصنع بالمنزل كالمربي والخبز والحلويات وخلافه
3- الانترنت : وهذا هو سرطان العلاقات الان والمستشري بينها والذي قضي علي كل تقارب وروابط بين الاسره-وادي الي الانعزال والبعد بين الاطراف وبالتالي القضاء علي العواطف-وانتشرت الانانيه وحلت الفرديه ولكل موبايله والذي يقضي معه الساعات ويجد فيه ضالته-وضاع الحوار والتانس والمشاركة والمشاعر بين افراد الاسرة الواحده
4- زاد التوتر وفقد الاعصاب نتيجة الضغط المتوالي وعدم الراحة الكافية -وتدمير العلاقات حتي بين الزوجين
5- ادت النت الي كثير من الانحرافات نتيجة التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي بانواعها-وتسلل العلاقات المشبوهة لكلا من الزوج والزوجة-وسقوطهم في شباك تنهي كيان الاسرة-وكل ذلك لم يكن موجودا من قبل
 
 ولنرجع عزيزي القاريء بعد هذه المقدمة والطويلة نوعا-الي عنوان المقال ( المراة والاسرة )-حيث نري نموزجا من خلال الكتاب المقدس-وقد ذكرت في سفر صموئيل الاول ( 1 صم 25 ) لمن يريد الرجوع اليها-وكنت عزيزي القاريء قد حدثتك في مقال امراة صالحه من يجدها عن نمازج من السيدات الفضليات في الكتاب المقدس واذكرك ببعضا منهم-كالعذراء مريم ودبوره وساره زوجة ابينا ابراهيم وايضا ابيجايل-واليوم احدثك عنها تفصيلا لما لها من ذكاء وحكمة في حل مشكلة زوجها
 
 والقصة تحكي عن امراة متزوجة من رجل اسمه ( نابال ) ومعني الاسم اللئيم وهو فعلا كان انسانا لئيما بخيلا-وكانت ابيجايل زوجته امراة جميله وحكيمة-قاست الكثير منه علي مر السنين ومن معاملته وبخله الزائد-ولكنها رغم كل هذا تحاملت علي نفسها حماية لاولادها ولاسرتها من الدمار
 
  كان نابال الزوج غنيا ولدبه الكثير-ولكنه كان بخيلا كما ذكرت
-وكان داود هاربا من وجه الملك شاول والذي حاول قتله اكثر من مرة-وكان من الممكن لداود ان يقتله-فقد كان رجل حرب-ولكنه -اي داود كان يخاف الله وقال عن شاول ( كيف امد يدي الي مسيح الرب )
 
-هرب داود-وكان له ستمائة رجل حرب مدربين الي مكان وكان هذا المكان ياتي اليه الناس ليجمعوا محاصيلهم ويجزوا اغنامهم-ولما كان هذا المكان مطمعا للصوص-لذا كان داود ورجاله يحرسون المحاصيل والاغنام مقابل ان يعطوا شيئا مقابل حراستهم
 
-جاء نابال لجمع محاصيله وجز اغنامه وحرس داود ورجاله محاصيله واغنامه-بعدها ارسل داود الي نابال يطلب شيئا مقابل حراسته-ولكن نابال البخيل رفض بل واخطا الي داود-وعييره انه ابن يسي
 
-رجع رجال داود اليه واعلموه بما فعله نابال-فاشتاط داود غيظا-وقرر الانتقام وقتل كل اسرة نابال وكان معه اربعمائة رجل
-اعلم رجال نابال ابجايل بما حدث-وادركت مدي الخطر علي اسرتها-وهي تعلم جيدا تصرفات زوجها الغير حكيمة وتعلم بخله
 
-اسرعت ابيجايل واحضرت هدايا كثيره وخبزا علي عدد من الحمير وذهبت للقاء داود قبل ان ياتي برجاله اليها-وبادرت بحل المشكله قبل ان تتفاقم ولا يكون لها حلا
 
-لما لاقت داود نزلت عن الحمار وسجدت امامه معتزرة عن زوجها وتصرفه
وترجته ان يقبل الهدايا
-ادخلت الله في حل المشكله-حيث ذكرت داود انه رجل الله وكيف يقتل
-سجودها اخجل داود وكسر غضبه-حيث انها كانت غنية وتواضعت امامه بالسجود-لذلك فالتواضع يحل كثيرا من المشاكل
-لم تدافع عن زوجها ولكن اعترفت بالخطا-وكانت حكيمة في حل المشكله
-بادرت وبسرعه لحل المشكله-وكثيرا ما يؤدي التاخير الي تفاقم المشاكل
- اعتذرت عن زوجها-ولم تقل ما ذنبي انا-انه خطاه وعليه تحمل نتيجة خطاه-وبالتالي كانت ستخسر اسرتها-والزوجه الحكيمة تنقذ اسرتها بصرف النظر عن من المخطيء هي او زوجها او ابناءها
  وهكذا من خلال هذه القصة نري حكمة وحنكة ابيجايل في انقاذ اسرتها-وعلاج خطا زوجها دون انتظار او انانية او الهروب من الموقف
 
عزيزي القاريء ما احوجنا هذه الايام الي شخصية ابيجايل لحل العديد من المشاكل الاسريه والتي تستلزم الحكمة والتواضع وادخال الله في الحل
الذي يعطي بسخاء ولا يعير-فهل نطمع في رجوع التالف الاسري وترابط الزوجين رغم الظروف الحالية الصعبه والتي تواجه الاسر بكل ضراوة