اعداد: نبيل صموئيل
تقديم:
لاشك أننا نعاني معاناه شديده من تفشي ظاهره العنف والتطرف الفكري والذي يقود الي ظواهر  حياتيه خطيره تتمثل الكراهيه والإحتقار والعزل وفي التمييز ضد المرأه والطفل وضد أصحاب الاديان والمذاهب المختلفه، والتمييز الاجتماعي والطبقي، وضد الإختلاف في الراي وفي مظاهر حياه مختلفه عن اصحاب الفكر المتطرف، وتتصاعد مظاهر العنف والتطرف حتي الأعمال الإرهابيه بالقتل وسفك الدماء والحريق والإغتصاب وإستعباد واستحلال المختلفين وممتلكات الغير المختلف،  وينتشر ذلك ليس في عالمنا العربي فقط بل اننا نعاين أحداثا إرهابيه في دولا أجنبيه قلما كنا نسمع عنها سابقا.

وعندما تغلغل الفكر السلفي في الثقافه العربيه وفي مصر منذ أوائل السبعينيات فرض ذلك الفكر تغييرا كبيرا علي الثقافه المصريه فأصبح التمييز حاداً واضحا بين أبناء الشعب الذي ظل متماسكا ومندمجا لقرون من الزمان وظهر  ذلك التمييز بين المصريين وفي شتي الدول في المظهر والملبس وطرق التحيه والسلام وفي إنتشار التدين الظاهري في الصلاه في الشوارع والميادين وفي ترك الاعمال في فترات العمل الذروي لأداء الصلاه حتي لو هناك من ينتظرون من العملاء لتخليص أعمالهم ومما قد ينشأ عنه غضبا وتوترا بين أبناء الشعب، وتكونت بين هؤلاء المتطرفين ميليشات للقتل والدمار والحرق لكل ما يعتبرونه ضد الدين. وذاق المصريون منذ السبعينيات مراره هذا الارهاب البغيض الذي تطور بفعل التطرف الفكري الشديد.

وفي إثناء ذلك ومن ناحيه اخري تدهورت جوانب كثيره في المجتمع كالتعليم والثقافه وخلافه.

وللأسف تعتمد معظم دولنا المواجهات العسكريه لمواجه الإرهاب. أما مواجهه التطرف الفكري الذي يقود للعنف والارهاب فمازلنا نحتاج للعمل الجاد حول مواجهته ببناء ثقافه مغايره تواجه هذه الظاهره والمرض الخطير الذي يهدد كيان الامم والشعوب.

وانا شخصيا سعيد جدا بهذا اللقاء ليكون خطوه مشتركه نحو القضاء علي التطرف والعنف والارهاب.

والطريق الاساسي لنا للقضاء علي هذه الظاهره هو ببناء جيل جديد ينشأ علي الفكر الحر القادر علي التفكير النقدي وعلي بناء شخصيات تحترم التنوع البشري الخلاق من إختلافات في النوع الاجتماعي والديني والمذهبي وإحترام الإختلافات والتباينات الإجتماعيه والثقافيه بما في ذلك الإختلافات مع ذوي الإعاقات المختلفه.  

وهنا ياتي دور  التعليم كمصدر اساسي لبناء ثقافه تواجه العنف والتطرف وبالتالي الارهاب

وذلك من خلال حزمه من السياسات والتدخلات نذكر منها:

١- إعطـاء أولويه قصوي للاسـتثمار فـي التعليـم، والذي يُبني علي أساس تضمين قيـم ومبادئ ومعاييـر تبني ثقافه مغايره تقوم علي الحريه والسـلام والمسـاواة والحقــوق والتعدديــة وغيرها من القيم الإنسانيه، وإعتبار أن هذه القيم والمعايير هي رؤيه وجوهر وأهداف المنهــج المتكامل في العمليه التعليمه. وفي اطار ذلك من الهام ان تتبني الدول تخصيص ٦٪؜ علي الاقل من الموازنات العامه للتعليم وتطويره حسب ما اقرته الأمم المتحده.

٢- أن نقر ونؤمن جميعا بــأن نظــم ومناهــج التعليــم القائمه علي  الاستبعاد والتــي تميــز وتهمــش فئات معينه من البشر كالأقليات والمرأه والتمييز الطبقي الإجتماعي وذوي الإعاقه وغير ذلك من أنواع التمييز والإستبعاد هــي الأرضيه الخصبه التي ينشأ فيهــا التطــرف والعنف والذي يصل الي الارهاب المسلح.

٣- ولذلك من الهام جدا وضع أهتمام خاص في المناهج لتشمل الفنــون والثقافــة والفلســفة والتربية المدنية نظرا لإهميتها في بناء ثقافه قبول التنوع وإحترام التعددية وقبول الإختلاف والحريه في التعبير، ورفض عمليه التنميط والقولبة والتلقين وعمليات النقل ومحاكاه الماضي بكل ما في ذلك من عوامل تحد من التفكير والحريه وترفض التغيير. والحداثه. ومع تشجيع الدارسين علي الابداع بالفنون المختلفه المعبره كالرسم والموسيقي والشعر والمسرح والتمثيل وخلافه.

٤- إعتبار الرياضه في المدارس رافدا أساسيًا وأداه مهمه جدا يتعلم من خلالها النشء وبممارسات عمليه ويزرع فيها القيم التي نسعي لغرسها في مواجهه التطرف والعنف والارهاب.

٥- وهو ما يتطلب مراجعـة شـاملة للمناهـج الدراسيه، وليشمل التجديد والتغييـر فـي المضمـون وأسـاليب التعلم ليعكس المفاهيم والمبادئ والقيم التربويه شامله فيما تشمل قبول التنوع البشري الخلاق، واحترام التعددية، وقبول وإحترام الاختلاف والحوار.

ويجب أن يشمل المحتوى التعليمي للمنهج ثلاث مكونات أساسيه هي مكون المعرفه الكليه والمتكاملة، مكون الوجدان لتشكيل اتجاهات فكريه ونفسيه إيجابيه وصحيه من نحو المتعلم ونفسه والآخرين ومجتمعه والبيئه المحيطه، ومكون المهارات الفكريه والسلوكية والتقنية.التي تمكنه علي إكتساب المعارف ونقدها واستخدامها وتطويرها بالبحث والاطلاع والإبتكار، ومن التعامل النفسي والوجداني مع مشاعره وبناء علاقات سويه وصحيحه مع نفسه ومجتمعه وبيئته والظروف المحيطه به.

٦- وضع اهميه قصوي لإعداد وتدريب المعلمين ليصبحوا نمودجا إيجابيا حيا يعكس القيم والمبادئ والمفاهيم التي يقوموا علي تعليميها من المناهج الدراسيه. وذلك من خلال تطوير  برامـج للتعليم والتدريـب المستمر مع إعطــاء أهميه للتدريب علي التكوين النفسي الوجداني الفعــال للمعلميــن.

٧- توفيــر التوجيــه للمعلميــن حــول تطويــر قدرتهــم علــى رصــد علامــات التطــرف بيــن النشئ، وبنــاء قدراتهــم ومهاراتهــم للمســاعدة فــي وقــف عمليــة التطــرف أو التجنيـد والعمـل معهـم لتعزيـز صمـود الأفـراد وجماعاتهـم ومجتمعاتهم ومتابعه ذلك بإستمرار من الإدارات التعليميه.

٨- دعــم وتشجيع الجهود المشــتركة بيــن القطاعــات ( أي المجتمــع المدنــي والدولــة والأطــراف الأخــرى) لتقاســم المــوارد الموجــودة (مثــل المناهــج الدراســية ، ومجموعــات الأدوات ، والمــوارد الإعلاميــة) لإدمــاج قيم الحريه والســلام والمســاواة والحقــوق والتعدديــة فــي مختلــف المواضيــع. جمـع تفسـيرات النصـوص الدينيـة أو التقاليـد الثقافيـة أو التاريخيـة أو غيرهـا مـن المصــادر التــي تعلــم اللاعنــف واحترام التنــوع والمســاواة  وإضافتهــا لتدريــس المهــارات الحياتيــة والتمكيــن النفســي الاجتماعــي.

٩- أن تتضمن العمليه التعليميه اســتخدم وســائل التواصــل الاجتماعــي ، والرســوم المتحركــة ، والكتــب والرسوم المصوره والرسومات المعلوماتيه والافلام القصيره للتعلم ولنقل ومشاركه الأفكار وتقييمها ونقدها  وتشجيع إجراء حوارات حولها مع الدارسين،