الكاتب والمفكر الإماراتي الكبير على محمد الشرفاء يكتب:
أولا: لقد أمر الله المسلمين لتطبيق شريعته التى أنزلها على رسوله فى آيات القرآن الكريم، ومنها على سبيل المثال قوله سبحانه وتعالي: (وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ).. (النساء: ٥٨)، وقوله سبحانه وتعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّـهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ).. (المائدة : ٨)، وقوله سبحانه: ( وَإِن عاقَبتُم فَعاقِبوا بِمِثلِ ما عوقِبتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرتُم لَهُوَ خَيرٌ لِلصّابِرينَ).. (النحل: ١٢٦).

تلك الآيات الكريمة تطالب المؤمنين بالالتزام الكامل بتطبيق شرع الله بالعدل كما ورد فى القرآن الكريم والتثبت من كل موقف حتى لايكون الحكم على أي قضية لايتبع فيها قواعد العدل التى وضعها الله سبحانه للناس حتى يمنع الظلم ويكون الحكم متفقا مع العدل ومقتنعا من يصدرالحكم باتفاقه مع العدالة كما امر الله سبحانه في تشريعه

ثانيا: إن للقضية المثارة اليوم فى كل مكان والتى تتسم فى ظاهرها بالحق وباطنها الباطل بكل شروره من تزييف للحقيقة ومن التغرير بالناس والتدليس عليهم وإثارة عواطفهم لتوظيف الاسلام فى خدمة السياسة والمصالح الدنيوية غير عابئين بتقوى الله وما سيجره عليهم فى الآخرة من حساب عسير لأنهم حكموا بغير الحق واتبعوا أهواء  النفس  الأمارة  بالسوء  لخداع الناس.

ولو أنهم نظروا لقضية الإساءة للرسول بالعدالة التى أمر الله بها الناس في الشريعة الإلهية في كتابه المبين لكنا ضربنا المثل الأعلى أمام العالم فى عدالة التشريع الإلهي ونشرنا أعظم القيم النبيلة والإنسانية والحضارية فىاحترام الحق وحمايته ولكن غلبت الأطماع السياسية والأهداف الشيطانية التى تقودها تركيا ومن يتبعها من زمرة المستفيدين الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم ولنعود الى القضية كما يلي:

-    أن القضيتان متلازمتان، قضية قتل المدرس وهو الفعل، وتبعها رد الفعل من الرئيس الفرنسي، وهنا نسأل من المتسبب الرئيسي فى تلك الإساءة؟ ولو عرضنا الموقف بالأمانة وتمشيا مع تشريعات العدالة الإلهية سيتضح للناس أن المتسبب الرئيسي للإساء هو الطالب المسلم الذى نحر المدرس وقتله، دون أن يمنح القتيل حق الدفاع عن النفس وقرار الطالب بأن يكون هو القاضي وهو الجلاد ومنفذاً للحكم فى نفس الوقت، ومن الظلم للتشريع الالهي أن يتخذ الموقف فقط من جانب واحد ويتم تصويره دفاعا عن الاسلام.

-    فالإسلام والرسول عليه السلام لا يحتاجان عمن يدافع عنهما بالهرج والمرج وإثارة العواطف يكفي ان القرآن الكريم سجل على مدى التاريخ شهادته عن رسالة الإسلام الحضارية والقيم النبيلة السامية التي يدعو إليها الرسول للناس تنفيذا للتكليف الإلهي ليهديهم إلى طريق الخير والرحمة والعدل والحرية والسلام ليعيش الناس جميعًا حياة يتحقق لهم فيها العيش الكريم في ظل الأمن والاستقرار والتنمية.

-    ولا يقبل الرسول عليه السلام أن يتم الدفاع عن الإسلام في غيبة تشريعاته في العدالة والقيم الأخلاقية ليتم الدفاع عن الرسول وعن الإسلام بمعزل عن التشريعات الإلهية التي تأمر الناس أن يحكموا بالعدل الذي لا يفرق بين المسلم وغير المسلم انما على أساس البينة وتوفر الحقائق من الأدلة  وتحديد المجرم والمحرض على ارتكاب الجريمة حتى لا يضيع حق العدالة.

-    فالرسول عليه السام، لايقبل الدفاع عنه وعن الإسلام بالباطل، والسبب في ذلك محاولة إخفاء الاسباب التي دفعت الطالب لقتل المدرس، لأنه لو فتح الملف الذي يحتوي مرجعيات القتل وخطاب الكراهية ومعاداة المسلمين الذين لا يتبعون منهج الطوائف الضالة يكفرون ويقتلون سيصدم المسلمين بحقيقة التشويه الذي استطاعت به الروايات تضليل المسلمين وابعادهم عن حقيقة التشريع الإلهي الذي يأمر الناس بتحري الحقيقة ومعرفة المتسبب ومحاكمة جميع الأطراف بالعدل، دون تحيز لطرف كما أمرنا الله بقوله سبحانه وتعالى:

-    (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّـهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ).. (النساء: ١٣٥)، فالله سبحانه يأمر الناس بعدم التحيز ، والشهادة أمانة ولو كانت على الانسان نفسه أو حتى الوالدين أو الأقربين، يبين الله للناس جميعا أن العدالة لاتفرق بين قريب أو بعيد، إنما يعلمنا الله سبحانه أن نكون مع الحق دائما دون النظر للعلاقة الاسرية أو الدينية أو المذهبية أو الهوية الوطنية، فالحق فوق الجميع ولكن المسلمون لم يتعلموا قيم الاسلام النبيلة، ولَم يتبعوا الرسول الكريم فيما بلغهم به عن ربه وهو يقول سبحانه وتعالى:

-    ( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) (ال عمران:٣١)، وكان من المفروض تمشيا مع إتباع الحق الذى أمر الله به المسلمين، أن يكونوا على قدر من الأمانة مع الله، ليبينوا للناس من أين استقى الطالب تعليمه عن الاسلام، وما هي المرجعيات الدينية التى تعلم منها أن من يسئ للرسول يتولى بنفسه القصاص وأن الحكم عليه بالقتل؟ تلك هي الطامة الكبرى التى حولت المسلمين الى الهمجية والغوغائية فى التعامل مع الناس.

-    بينما رسالة الاسلام جاءت للبشرية كلها لتعلم الانسانية الرحمة والعدل والسلام والاحسان، وتحريم قتل الإنسان إلا بالحق، وأن الذين يشوهون التشريعات الالهية فإنهم أكثر من يسئ للرسول عليه السلام، وتنتقل صورة الإجرام والكراهية والتشويه المتعمد لقيم الاخلاق النبيلة التى تحلى بها الرسول، مما يزرعون فى عقول غير المسلمين صورة سوداء عن الرسول الكريم، لاتتفق مع وصف الله له بقوله سبحانه وتعالى:

-    (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ).. (القلم: 4)، وقوله جل وعلا: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِ