جسد منهك، تطل منه رأسا مرفوعة متهجمة الملامح حزينة العينين، خطوات منتظمة مرتبكة، تعكس انفعالات مضطربة، وثبات يقاوم الندم، كم من المشاعر المتداخلة بدت على الرجل الخمسيني، المتهم بارتكاب "مذبحة المغاربة" في جرجا بسوهاج، أثناء تمثيله الجريمة أمام جهات التحقيق وسط حراسة أمنية مشددة، واعترافه بقتل زوجته وطفليه، انتقاما لقتل ابنة جارتهما.
 
أمام فريق من المحققين، ورجال المباحث تحت إشراف اللواء عبد الحميد أبو موسي مدير مباحث سوهاج، اعترف الرجل بتفاصيل جريمته المروعة، قائلا: "مكنش قصدي أقتل ولادي، أنا طلعت السلاح وكنت هضرب مراتي بالنار، لما عرفت إن هي قتلت رودينا بنت جارتنا".
 
الرجل اتهم أم طفليه، بقتل ابنة جارتهم، بسبب خلافات مالية على 2000 جنيه بينها وبين والدة المجنى عليها، نتيجة تعاملات تجارية بينهما، ومطالبة الأخيرة برد المبلغ، فقررت الزوجة التخلص من الطفلة الصغيرة خنقا، ووضعت جثتها فى بئر للصرف الصحى بالمنزل، وهنا بدأ خطته للانتفام لروح طفلة الجارة.
 
يضيف المتهم: "مراتي اعترفت ليا إنها قتلتها والجثة ظهرت فى بئر الصرف الصحي بتاع البيت، وقبل ما أضربها بالنار، قالتلي لو قتلتني عيالك هيقتلوك.. ضربتها في رأسها طلقة، وبعدين مسكت حديدة وفضلت أضرب في عيالي لحد ما ماتوا هما الاتنين جنب بعض".
 
حزن انفعالات حارة سيطرت على الرجل، أثناء تمثيل جريمته: "مش ندمان إنى قتلت مراتي، أنا دم عيالي مش بيفارق عيني، ابني سمير وهو بيقول ليا أرحمني يا أبويا، وبنتي أسماء وهي بتقول مش هقول لحد أنك قتلت أمي".
 
عقب الانتهاء من تسجيل اعترافات المتهم، أصدرت الجهات المختصة قرارا بحبسه لمدة 4 أيام على ذمة التحقيقات، وتم تجديد حبسه 15 يوما، ونسبت إليه تهمة القتل العمد، وطلبت تحريات المباحث النهائية حول الواقعة، ولا تزال التحقيقات مستمرة.
 
تحريات وتحقيقات المباحث، أشارت إلى أن الجريمة انكشفت وانفك لغزها في نفس الوقت، مع ورود بلاغ من عامل، يتهم شقيقه الأكبر بقتل زوجته وأطفاله الاثنين، وانتقل على الفور فريق من المباحث إلى منزل المزارع -مسرح الجريمة- وتحول إلى ثكنة عسكرية، حيث حضر اللواء حسن محمود مدير أمن سوهاج، واللواء عبد الحميد أبوموسى مدير مباحث سوهاج، بصحبة فريق من المحققين ومعاوني مباحث مركز جرجا، والطب الشرعى والمعمل الجنائي، وانتشرت القوات فى محيط المنزل الريفي المكون من طابقين يقع فى قرية المغاربة التابعة للمركز.
 
آثار دماء فى محيط المنزل -تحديدا الصالة- كان هذا مشهد البداية، قبل أن تعثر القوات على الجثة الأولى "شيماء" 30 سنة -الأم وزوجة المتشبه فيه بتنفيذ المذبحة- الجثمان مصاب بطلق ناري فى الرأس نتيجة إطلاق الرصاص عليها من فرد خرطوش، والواضح أن الطلقة اخترقت رأس الضحية من مسافة أقل من نصف متر، بحسب معاينة فريق التحقيق ومناظرة الجثث.
 
على منضدة متواضعة في الغرفة، وجدت آثار طعام مبعثرة، ما يشير إلى أن الأب قتل زوجته وطفليه أثناء تناول وجبة الإفطار، حيث عثرت القوات على بعد أقل من نصف متر على جثة الابن الأكبر "سمير" 14 سنة، مصابا بتهشم فى الرأس وكسر فى الجمجمة، ما يؤكد أنه تم الاعتداء عليه بآلة حادة، وبجواره مباشرة كانت جثة شقيقته "أسماء" 8 سنوات، ممدة على الأرض مهشمة الرأس، في إشارة إلى أنه تم الاعتداء عليها هي الأخرى بآلة حاد، وحرزت القوات قطعة حديد ملطخة بالدماء.
 
باستكمال الفحص والتحرى، اكتشفت قوات الأمن جثة الطفلة المختفية منذ قرابة 4 أيام، "رودينا" 3 سنوات، ابنة جارة الأم المقتولة، حيث عثر عليها مشنوقة داخل بئر الصرف الصحي فى منزل الأم وابنيها المقتولين على يد زوجها.
 
عقب الانتهاء من المعاينة والمناظرة، تم رفع البصمات وأخذ عينات من آثار الدماء على الأرض، والتحفظ على الطعام الملطخ بالدماء، وقررت جهات التحقيق عرض الجثث على الطب الشرعى لتشريحها لبيان أسباب الوفاة.